توقيت القاهرة المحلي 17:52:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

امرأة تونس الحديدية

  مصر اليوم -

امرأة تونس الحديدية

بقلم : سحر الجعارة

مرة ثانية تتصدر «عبير موسى» رئيسة الحزب الدستورى الحر فى تونس المشهد التونسى، وذلك بعد أن أخفقت، هى وتكتلها، فى سحب الثقة من «راشد الغنوشى»، رئيس البرلمان، يوليو الماضى بعد مصادقة 96 نائباً على لائحة سحب الثقة، وامتناع نواب كتلة قلب تونس، حليف النهضة فى البرلمان، عن التصويت.. علماً بأن المصادقة عليها تتطلب أغلبية بـ109 أصوات من بين 217.

كانت «موسى» قد تعرضت -أواخر يناير الماضى- لاعتداء وُصف بـ«الشنيع» من قِبل نائب فى ائتلاف الكرامة المقرّب من حركة النهضة، «سيف الدين مخلوف»، فى مبنى البرلمان، وهو ما اعتُبر انتهاكاً لحُرمة المؤسسة التشريعية.. لكنها تعلم جيداً أنها فى مواجهة أخطر تنظيم إرهابى عرفته المنطقة العربية: «الإخوان».. وتفضّل اللجوء إلى الآلية الديمقراطية «سحب الثقة» بدلاً من منهج العنف الذى تحترفه جماعة الإخوان.

وقد ظهرت «عبير موسى» فى الفيديو الذى أثار استنكار السوشيال ميديا، وهى تحاول حماية نفسها من نائب ائتلاف «الكرامة»، الذى خطف هاتفها المحمول بذريعة أن زعيمة الحزب الدستورى الحر كانت تقوم بتصويره.

وبدا النائب بوضوح وهو يكيل الشتائم لرئيسة «الدستورى الحر»، التى لم ترد بالأسلوب نفسه، إذ حرصت فقط على تفادى أى اعتداء جسدى عليها.

وفى إحدى اللحظات، هدّد النائب «عبير موسى» بكسر هاتفها المحمول، ولم يخفِ تهديده، حتى إن كانت العدسات تقوم بتصوير ما يقع.

هذا الاعتداء تم بعد يوم واحد من إعلان الحزب عن بدء اعتصام للاحتجاج على القوى السياسية المتقاعسة أمام احتجاجات شعبية تشهدها تونس فى مختلف المناطق.

هذا المشهد المشين أكد للجميع أن «الغنوشى» فشل فى إدارة المجلس، وأن لغة العنف حلت محل «الحوار السياسى»، رغم حرص «موسى» على رفضها للعنف ودعوة الشباب المحتج للالتزام بذلك.. لقد ارتفع سقف مطالب المعتصمين بالطبع، ليصبح الهدف من الاعتصام هو الدفع باتجاه إسقاط حكومة «هشام المشيشى» التى فشلت، حسب قول «موسى»، فى إنجاز أى إصلاح يعود بالنفع على الشعب التونسى!

«عبير» التى وُصفت بـ«المرأة التى هزت عرش الإخوان» وضعت حركة «النهضة» فى مفترق طرق، وقد عارضت رئيسة كتلة الدستورى الحر، ترشيح أحد نواب حركة النهضة لتولى رئاسة البرلمان، فى حال تم سحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشى.

وقالت فى تصريحات صحفية إن «معركة حزبها هى ضد الغنوشى وجماعته وتنظيمه»، معتبرة أن إبعاد رئيس النهضة من البرلمان على خلفية «ما يشكله من خطورة على الأمن القومى كقيادى من الصف الأول للإخوان يُعد مرحلة من معركة متواصلة ضد الإسلام السياسى فى البلاد»، وفق تعبيرها.

وقد كان سبق لعبير أن اتّهمت «الغنوشى» باتهامات كثيرة، منها دعم ورعاية الإرهاب وتنفيذ أجندة الإخوان المسلمين فى تونس، وهى الاتهامات التى ينكرها ويرفضها «الغنّوشى» جملة وتفصيلاً.

كما قالت إنه يؤوى البؤر العائدة من مناطق النزاع، لافتة إلى أن «الغنوشى» له علاقات بأنظمة إرهابية.

وأكدت «موسى» أن جماعة الإخوان فى تونس تريد أخونة المحكمة الدستورية التونسية من خلال ترشيح أعضائها لرئاستها وعضويتها.

كما تشكك «موسى» فى ثروة رئيس البرلمان التونسى، فى تلميح إلى أنها نتيجة تعاونه مع الرئيس التركى «رجب طيب أردوغان»، مؤكدة أنه خرج عن البروتوكول المتعارَف عليه وحاد عن مهام منصبه عندما التقى بأردوغان!.

وكأن التاريخ يعيد نفسه، أو أن سيناريو إسقاط عصابة الإخوان يتكرّر فى تونس بالتفاصيل نفسها، مثلما تتدحرج قطع الدومينو، اللافت للنظر هو الجماهيرية الواسعة التى تحظى بها «موسى»، فخلال اعتصام نواب كتلة الحزب الدستورى الحر داخل مقر البرلمان التونسى، يوليو من العام الماضى، توافد مئات التونسيين من أنصار الحزب الدستورى الحر أمام مقر البرلمان لمساندة ودعم اعتصام الحزب.. وردّدوا هتافات، منها: «تونس حرة حرة والخوانجية بره».. لكن هذا المشهد لم يكتب نهاية الإخوان فى تونس.

ومع تردّد أنباء عن توتر العلاقة بين «الغنوشى» والكثير من قيادات «النهضة»، تلوح فى الأفق احتمالات إسقاطه عن رئاسة البرلمان التونسى.. وحتى كتابة هذا المقال كان 76 نائباً وقعوا على لائحة ثانية لسحب الثقة من «راشد الغنوشى».

ومع تزايد الاحتجاجات الشعبية لا يبدو أن الحكومة سوف تصمد، أو أن «النهضة» قادر على تخدير الشعب.

نحن أمام موقف تاريخى تقود فيه المرأة التونسية حركة التغيير والإصلاح بشكل ديمقراطى.. وتثبت قدرتها على استعادة البلاد من قبضة الإرهاب، والقضاء على حركة النهضة التى جرّدتها من حقوقها.. ثم أعادها الرئيس التونسى الراحل «قائد السبسى».. المرأة التونسية التى عرفت المساواة القانونية مع الرجل، (الميراث، عدم الزواج بأكثر من واحدة، الزواج من كتابى)، قبل أن تعصف بها «ثورة الياسمين» ثم تستعيدها.. هذه المرأة لن تتنازل عن حقوق شعبها.

ولن تكون أول أو آخر امرأة عربية تتعرض لإرهاب الإخوان وهى تغير الخريطة السياسية للبلاد، وتدون اسمها فى التاريخ.. أنا متفائلة من نجاح «عبير موسى» ليس انحيازاً للمرأة، ولكن انحيازاً للشعب الذى يقف خلفها.

المرأة التى تستطيع بكل ذكاء أن تجمع النخبة السياسية مع الجماهير وتتحرّك بعزيمة لا تلين، وتدفع ثمن النضال والمقاومة راضية.. لا بد أن تنتصر مهما طال ليل «النهضة المزعومة».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

امرأة تونس الحديدية امرأة تونس الحديدية



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
  مصر اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
  مصر اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
  مصر اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 17:42 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن الفترات الصعبة في مشواره الفني
  مصر اليوم - أحمد عز يتحدث عن الفترات الصعبة في مشواره الفني

GMT 14:07 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"يوتيوب" يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  مصر اليوم - يوتيوب يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي

GMT 00:26 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

موعد نهائي دوري أبطال أفريقيا بين الأهلي والزمالك

GMT 07:19 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الخميس 8 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 05:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير مكرونة باردة بالجمبري

GMT 05:32 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير عصير الليمون باللبن

GMT 23:50 2020 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

انخفاض سعر نفط خام القياس العالمي

GMT 23:25 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 19:23 2020 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

منال سلامة تكشف كواليس تعرضها لحادث مميت

GMT 23:49 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الأحد 13 سبتمبر 2020

GMT 16:49 2020 السبت ,12 أيلول / سبتمبر

مقتل شخصين في تحطم طائرة قرب مطار لوس أنجلوس

GMT 04:59 2020 الأحد ,07 حزيران / يونيو

أحمد وفيق يحدد الجيل الذي احتفل بـ"النهاية"

GMT 14:22 2020 الجمعة ,22 أيار / مايو

أسعار الدواجن في مصر اليوم الجمعة 22 مايو

GMT 20:28 2020 السبت ,11 إبريل / نيسان

الهند تسجل 1035 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon