الإبهار لا يأتى صدفة، خاصة فى قلب منافسة عالمية على توظيف المهرجانات لجذب السياحة والاستثمار، الإبهار فن وصناعة تحتاج إلى منظمين بقدر ما تعتمد على المبدعين، فالفكرة حتى تتحول إلى واقع تمر بمراحل كثيرة: اختيار موقع الحدث، توظيف الطبيعة والإرث الثقافى والتاريخى والثقل الإنسانى والحضارى، استثمار الثقافة و«القوى الناعمة» فى الترويج للحدث، التعرف على قوة المنافسين، تقديم «منتج سياحى جديد»، «خلق الطلب» بتوفير سياحة المهرجانات جنباً إلى جنب مع السياحة الشاطئية والترفيهية وسياحة التسوق.. هذا الجهد وتفاصيل كثيرة متنوعة حققت النجاح العالمى لمهرجان «العالم علمين» الذى نظمته «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية».
أنت لم تمر بالصدفة لتعثر على لؤلؤة اسمها «العلمين الجديدة»، هذه المساحة من الساحل الشمالى كانت ملغمة، فقد قُدر أن 22٪ من مساحة مصر مزروعة بالألغام.. فى مقدمتها «العلمين».
ثم حدثت المعجزة، تم تطهير هذه البقعة الغالية من أرض مصر من الألغام، وارتفعت الأبراج والفنادق تعانق سماءها، وأصبحت قبلة السياحة فى الساحل الشمالى ودرة التاج لمنتجعات «هاسيندا، مراسى، مارينا.. إلخ».. وسط صدمة وذهول المتابعين من سرعة الإنجاز.
مطلوب منك الآن أن تحول عناق الطبيعة للبشر وتوحد الموسيقى مع هدير الأمواج إلى لوحة أسطورية نابضة بالحياة والفن والجاذبية والسحر.. أن تجعل العلمين قبلة سياحية نادرة على خريطة السياحة العالمية.. وهنا يأتى دور «القوى الناعمة» التى تجيد «المتحدة» استثمارها فى نشر الوعى الوطنى وطرح المشكلات الاجتماعية والترفيه ونشر البهجة.. وكان المركز الإعلامى لمجلس الوزراء، قد أصدر تقريراً فى مارس 2023 تضمن إنفواجرافات تحت عنوان «القوة الناعمة لمصر.. أين كنا وكيف أصبحنا»، وذلك بعد ثمانى سنوات من جهود الارتقاء بمجالات قوتها الناعمة، وفى إطار تصنيف مؤسسة «براند فاينانس» لمصر كواحدة من أفضل دول العالم أداءً فى مؤشر القوة الناعمة.
وأشار التقرير إلى نجاح مصر فى الحصول على مكانة متميزة بمؤشرات القوة الناعمة، موضحاً أن القوة الناعمة تعنى قدرة الدولة على التأثير فى مختلف الفاعلين الدوليين (الدول - الشركات - المجتمعات - الأشخاص) من خلال الجذب والإقناع بدلاً من اللجوء للإكراه وأدوات القوة التقليدية.
وورد فى التقرير أن مؤشر «براند فاينانس» للقوة الناعمة يقيس كلاً من مدى إدراك وتقييم المواطنين والمتخصصين المشاركين بالمؤشر للقوة الناعمة للدولة.
وبنظرة سريعة سوف نرى أن القائمين على الشركة «المتحدة» قد أدركوا مبكراً أهمية الفنون وتأثيرها فى الوعى العام والعقل الجمعى.. وتفتحت الأبواب للأسماء الكبيرة فى فنون الإبداع (كتابة وتمثيلاً وإخراجاً وإنتاجاً) دون تكرار «فوضى الدراما» التى التهمت عقول الجماهير لسنين طويلة.. ولا صراع الديوك على الشاشة الصغيرة.
وأصبحت الأجندة مزدحمة والأفكار كثيرة والمشاريع ضخمة لا بد أن تتبناها الدولة، (بالمناسبة الإعلام فى معظم الدول مملوك للدولة)، والحقيقة أن التنمية العمرانية المستدامة لا بد أن تكون لها «فلسفة» خاصة بكل منطقة، هذه الفلسفة مرتبطة بإمكانيات المكان جغرافياً وبطبيعة المجتمع الذى يحدد فى النهاية نوع «النشاط الاقتصادى» المطلوب.. أنت فى «العلمين الجديدة» تروج لمنتجع للصفوة يستقطب أثرياء العالم، وهذا ليس عجيباً لأن الدخل السياحى يتم احتسابه بعدد الليالى السياحية وبإنفاق السائح وتكرار زياراته: إذن المهرجان الذى يتحدث عنه العالم تقف خلفه «أرقام».. وحسب تصريحات لمسئولى غرفة شركات السياحة، بلغت نسب الإشغال بفنادق الساحل الشمالى 100% خلال موسم الصيف الحالى، وزاد متوسط سعر الليلة الفندقية بنسبة تجاوزت 50% عن العام الماضى، وذلك بفضل الإقبال الكبير على منطقة الساحل، خاصة فى أيام الإجازات للاستمتاع بفقرات مهرجان العلمين.
وحقق مهرجان العلمين خطة الدولة فى إبراز الأنماط التى يتميز بها المقصد السياحى المصرى، وعلى رأسها السياحة الشاطئية والثقافية وسياحة الأسر، وسياحة المغامرات.
بقيت النقطة الأهم: أنت تضع مصر فى موقعها الصحيح كقوة مؤثرة فى محيطها الإقليمى بل والعالمى.. وتروج لمقصد سياحى جاذب وفرص استثمار واعدة.
وبالتزامن مع التنظيم الدقيق والأهداف التى تحققت من مهرجان «العالم علمين» كان «مهرجان القلعة للموسيقى والغناء»، الذى جعل من قلعة صلاح الدين أروع مسرح مكشوف يستضيف 45 حفلاً فى 15 يوماً.. ويمكن اعتبار مهرجان القلعة بمثابة «عودة الروح» لحفلات «أضواء المدينة وشم النسيم»، خاصة مع تصميم تذاكر مخفضة تتيح للشباب ولكل الأسر حضور الحفلات.. ومع النقل المباشر لقنوات «المتحدة» لحفلات المهرجانين أصبحت الأسرة المصرية تجتمع مجدداً لتسهر ليلتها على «صوت مصرى».
من تجربتى فى العمل فى تقديم البرامج أدرك جيداً حجم الجهد المبذول لإنجاح كل ثانية رأيناها على الشاشة: الإخراج، الديكور، الإضاءة، الألعاب النارية، الإنتاج، كتيبة العمال والمنفذين الذى أخرجوا العمل بكل حرفية ومهارة، وهو نفس ما ينطبق على الفعاليات الرياضية التى جعلت من المهرجان الحدث الترفيهى الأكبر فى الشرق الأوسط، حيث استقبلت المدينة خلال تلك الفترة ما يقرب من مليون زائر من داخل مصر والوطن العربى لحضور فعاليات المهرجان.
أنا فخورة بكل صوت مصرى وعربى شارك فى الحلم الذى تحقق «العالم علمين».. فخورة بالفرق والاتحادات الدولية للرياضات المختلفة التى شاركت فى أحداث المهرجان الرياضية.. فخورة بالأداء الرفيع والمتميز للشركة «المتحدة» التى أعادت لـ«هوليوود الشرق» بريقها المدهش.