سيدى الرئيس، الأب والأخ والسند..
أنا لا أملك تفويضاً من نساء مصر، لكنى أملك صوتاً.. قلماً لأكتب إليكم باسم الأرامل والمطلقات والمعيلات والغارمات.. باسم القاضيات والوزيرات.. باسم الزهور التى تفتّحت وسط أشواك التحرش.. باسم المُعنّفات واللاتى يقفن الآن على أبواب محكمة الأسرة.. باسم الأمهات الثكالى اللاتى سدّدن فاتورة الحرب على الإرهاب وقدّمن الشهداء فداءً للوطن.. باسم كل فتاة تحلم بالصعود إلى سماء أحلامها فى العمل وهى مصونة ومستورة و«لها ظهر وسند».. باسم النساء اللاتى تحلَّيْن بالصمت واكتفين بكلمات حنونة صادقة: «أنتُن عزة مصر».
بالأصالة عن نفسى وبالنيابة عن «حزب النساء الشعبى للسيسى»: سيادة الرئيس «عبدالفتاح السيسى»: لقد قرأت قسمات الحزن المرسومة على وجوه الأرامل، سمعت النداء الصامت: لا تترك دفة القيادة قبل أن تتطهّر مصر من دنس الإرهاب والتكفير وتقتص لأرواح الشهداء، وأحسست بدفء الأب وأنتم تحتضنون «أبناء الشهداء» فى صباح كل عيد: كيف حوّلتم اليتم إلى عيد؟!.
وسجلت -يا سيدى- بقلمى وقائع انتحار الفتيات إثر عملية ابتزاز إلكترونى، وكنت طرفاً دائماً فى معاناة من تبحث عن حضانة طفل أو نفقته: «لا تترك الحكم قبل أن تُتم القوانين التى تنصف المرأة».
أنا واحدة من ملايين النساء المصريات.. أشهد -دون مبالغة- بأننا نعيش عصر «العدل والكرامة» والانتصار للمرأة.. يُسعدنى لقب «عظيمات مصر»، لكنى أتوقف الآن مع قرارات ومواقف وقوانين هى التى جعلت من هذا اللقب «حقيقة».
[وزير المرأة]: فى جلسة «اسأل الرئيس»، بمؤتمر «حكاية وطن»، كان الرئيس يتلقى أسئلة المواطنين.. وجاء سؤال «حريمى»: متى سيكون لدينا وزير لشئون المرأة؟
ضحك الرئيس ضحكته الودود، وأجاب دون تردد: «أنا وزير المرأة».. موضحاً أن بعض الوزراء يغضبون بسبب شعورهم بانحيازه لها.. ثم تابع موضحاً أن «ملف المرأة» لا يحتاج لوزير لأنه يهتم به بنفسه، وأشار إلى أن عامل «الكفاءة» وحده هو الذى يحدد العناصر التى يختارها: «يكفى رئيس للمرأة.. هنعمل رئيس ووزير؟! يبقى كتير قوى!».
هذه المقولة تلخص عمل الرئيس على ملف النهوض بالمرأة المصرية بنفسه، يتابع بنفسه بكل اهتمام تفاصيل معاناة النساء من قمة المجتمع إلى القاع، من المؤهلات للتمكين من مراكز صنع القرار (وزيرة، محافظة، قاضية).. إلى المهمشات والغارمات: نقل الرئيس الأسر الفقيرة من العشوائيات إلى مساكن آدمية، وتبنَّى مشروعاً لدعم الغارمات وإخراجهن من السجون، وتوسّع معاش «تكافل وكرامة» ليحفظ للمرأة كرامتها، واكتمل العمل على نقل النساء والأسر المصرية من «الحياة على الهامش» إلى حياة يتمتعون فيها بحقوق الإنسان «الاجتماعية والاقتصادية والثقافية» بمشروع «حياة كريمة».. وتُوِّجت جهود الرئيس بمشروع «100 مليون صحة»، وجارٍ تصميم مظلة تأمين صحى تشمل المصريين جميعاً.
[الإصلاح التشريعى]: كلل الرئيس إنجازات عهده بثورة تشريعية لإنصاف النساء وحمايتهن: «الحماية من الإيذاء البدنى فى نطاق الأسرة صوناً لكرامة المرأة ومكانتها».. (لما ييجى حد يقول لى اضرب!! تضرب إيه؟ ده كلام يجوز؟ ما يصحش إن حتى حد فى الشارع يؤلم سيدة ماشية بنظرة مش بكلمة.. قلت لكم مرة فى موضوع الإيذاء البدنى.. قلت لما الراجل يكلم الست يحط إيده ورا ضهره ويتكلم كويس).. كلمات الرئيس هذه ليست «تصريحات صحفية»، بل تكليفات للحكومة لتحقيق الأمان والسلام الأسرى بالقوانين.. فحين تعجز «الأصول والتربية» عن ضبط العلاقات الأسرية تتدخل الدولة بتشريعاتها.
[تعهّد الرئيس]: «لن أوقع على قانون لا ينصف المرأة»؛ سلمت يا من حررت الوطن من الفاشية الدينية لنرفع رؤوسنا جميعاً، وآن الأوان أن تتحرر المرأة من أغلال القهر.. ليكتب التاريخ أنه فى عهدكم تحولت «المساواة إلى واقع».
ونحن الآن ننتظر قانون الأحوال الشخصية الجديد لتصبح المرأة «كاملة الأهلية».. وأتمنى أن تتساوى شهادة المرأة بالرجل، فلا يصح أن تكون الوزيرة أو القاضية شهادتها منقوصة.
باختصار: تعدلت القوانين حتى اختفى «الختان» من مصر، وتم تغليظ عقوبة زواج القاصرات، والابتزاز الإلكترونى، والتنمر.. وبقيت قضايا الطلاق الشفهى وضرب الزوجات حائرة ومعلقة بين الفقه والقانون.
[المناخ الرجعى السائد]: لقد قال الرئيس سابقاً: «إن الإرادة السياسية وحدها لا تكفى لتمكين المرأة، بل يجب تغيير الثقافة المجتمعية أيضاً».. ويعلم الرئيس أن الثقافة السائدة رجعية ومتخلفة وسلفية، تنظر إلى المرأة نظرة دونية، تُحقِّر من شأنها بتفسيرات دينية خاطئة ومشوّهة.. ولهذا هو أول رئيس مصرى يُلح فى طلب إصلاح الخطاب الدينى.. ذلك الذى يترك النص القرآنى برحمته فى بعض الأحوال ويأخذ بتفسيرات الفقهاء الجامدة المتعنتة تجاه المرأة.
وليس لدينا أداة أهم من الفن والإعلام لتغيير هذه النظرة، وبالفعل تغيرت صورة المرأة فى الإعلام.. فالرئيس يتابع بنفسه، وعقب مسلسل «فاتن أمل حربى» أجرى مداخلة تليفزيونية طالب خلالها القضاة بوضع قانون أحوال شخصية جديد.
يثور الرئيس حين نُعامَل باعتبارنا «عورة» أو «ملكية خاصة للرجل»، أو أن ضربنا «واجب شرعى» فى مجتمع فقد عقله، ويتعجب الرئيس «كيف لا ترث المرأة فى بعض القرى وفى صعيد مصر؟!».. والإجابة بسيطة: لأن «الأعراف والتقاليد» أقوى من القانون، ولأن علماء الأمة يرفعون شعار «لا اجتهاد مع النص».. فيجتمع العرف والنص على المرأة لتُدفن حية فى أرض بور مسجلة باسم شقيقها!
البنت التى حُرمت ميراثها، والشاب الذى قُتل فى قضية ثأر، والصبيّة التى كفّنوها بالنقاب، والشاب الذى جنّدوه فى صفوف «داعش».. كل هذه الملفات تتركها لمن يا سيدى الرئيس؟
المنظومة القيمية والشخصية المصرية و«الخطاب الدينى»، كل هذا يحتاج منا وقفة أخرى.
[يحيا العدل]: لن أتحدث طويلاً عن الوزيرات والنساء اللاتى تمكنّ من مراكز القيادة العليا.. لكنى أود التوقف عند دخول المرأة إلى «مجلس الدولة» وتجليس جميع القاضيات على منصة القضاء مع زملائهن من القضاة، بحيث تحضر ضمن تشكيل المحكمـة كمفوّض دولة على مستوى الجمهورية؟
أنا أعتبر هذا الإنجاز تتويجاً لكل ما حققه نظام 30 يونيو للمرأة المصرية، المشهد الجليل الذى عشناه بعودة المرأة المصرية للقضاء ودخولها مجلس الدولة هو عنوان «الانتصار والحرية».
سيدى الرئيس: أحنى هامتى امتناناً لما قدّمته للمرأة المصرية.. للتقدير والعرفان من موقع الأخ والأب والسند الحقيقى.. للإرادة السياسية المستنيرة.