توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«تكوين»

  مصر اليوم -

«تكوين»

بقلم - سحر الجعارة

«قد أختلف معك فى الرأى، ولكنى مستعد أن أدفع حياتى ثمناً لحقك فى التعبير عن رأيك، (فولتير)»، هذه مقدمة لا بد منها، وعليه: كنت أتساءل كثيراً: ما سر رحيل الباحث المكفّراتى «عبدالله رشدى» من مصر إلى أمريكا؟؟. وبدأت الإجابة تتضح عندما أخذ يهاجم آراء الدكتور «على جمعة»، مفتى مصر سابقاً، التى وردت فى برنامجه الرمضانى، وكأنه إما قرر «أو تم تكليفه» بالإقامة خارج مصر بعيداً عن طائلة القانون وتصفية مَن يراه «خصماً»، أو يقوم بهذا الدور لحساب شخص أو جهة ما!!.

لكن الآراء المستنيرة التى طرحها «جمعة» لم تتأثر بغوغائية «رشدى» الذى اتضح أنه «قبضاى الدعوة» فتم استدعاؤه من أمريكا لمواجهة المؤسسة الوليدة لنشر الفكر والاستنارة والمعرفة «تكوين» وما إن وصل أرض المطار حتى أثار الغبار والأتربة وأطلق رياحه حتى أعمانا وضاقت الصدور من لهجة التهديد والوعيد وكأنه على وشك الدخول فى «مصارعة - مناظرة» للإطاحة برموز تكوين، وهى «مهمة مدفوعة الأجر» مستعرضاً عضلات الفتونة والبلطجة لا الحوار، لأن الحوار لغة لا يفهمها!.

وفى بلد لا يفرّق شعبه بين «الفكر والمعرفة والثقافة».. ويعانى تشويه المصطلحات: (العلمانية كفر، والليبرالية تعنى أن أمك تقلع الحجاب) يستغل «القبضاى» ملايين المتابعين له على السوشيال ميديا لتشويه معنى التنوير ووجه «تكوين».

تربطنى بـ«تكوين» صداقة فكرية وعلاقة إنسانية ببعض أعضاء مجلس أمنائها، لكننى حتى الآن أتطلع لدورها القادم فى تثقيف شعب حُرِم الثقافة وتم تغييبه وتغريبه عمداً، وتشوه وعيه الدينى حتى أصبح البعض يقدّس الفقهاء والسفهاء وذوى الهوى والمصالح.. لقد تمكن الإسلام السياسى من العمود الفقرى للبلد.

وبقى الرهان على «الثورة العقلية» للقضاء على التطرف وتجفيف منابع الإرهاب، وهذا يحتاج إلى «فرسان» يتقدمون المسيرة، ولكن هؤلاء لا نقدمهم «قرباناً» لتيار التكفيريين ولا نضحى بهم فى معركة غير متكافئة بين جيش مدجج بالمال ومحصن ضد الإصلاح والتغيير.

فإذا سلّمنا بأن التنوير هو ثورة عقلية بالأساس، وتخليص للإنسان من هيمنة ووصاية رجال الدين (أى دين)، فهذا يُدخلك مباشرة فى صراع محسوم لصالح المؤسسات الدينية صاحبة اليد الطولى فى التشريع، والذين بيدهم أداة ساحقة للتنويريين أنفسهم، وأعنى بها المادة (98 و) من قانون العقوبات، المعروفة اصطلاحاً بقانون ازدراء الأديان، فكيف يثور العقل فى وجه الخرافات والمعجزات التى تم تكريسها وتعظيمها حتى أصبح رجل الدين نفسه «شبه مقدس»؟

أنا لن أتحدث -اليوم- عن أشخاص، فما يعنينى أولاً «الفكرة» ودعمها للوصول إلى أهدافها، وقد وُلدت «تكوين» لحسن الحظ فى «حضن الدولة»، فرعاية الدولة لها هامة جداً أولاً لتمكينها من أدوات «الوصول إلى الناس» وأهمها الإعلام، كذلك تقديم الدعم اللوجيستى لفعالياتها (مثل تدشين حفل الافتتاح فى المتحف).. والأهم من ذلك كله أن يكون صوت هذه المؤسسة مسموعاً لدى الدولة إذا ما ناقشت قانون ازدراء الأديان أو خانة الديانة فى البطاقة (هذه قضايا مجتمعية مدنية وليست دينية).. إذا ما تحدثت عن حرية التعبير فى الرأى والإبداع فى السينما والمسرح: هذا البلد حوكم فيه الشاعر «حلمى سالم» على قصيدته الشهيرة «شرفة ليلى مراد» التى نُشرت بمجلة «إبداع» الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب عام 2007، وأغلقت المجلة، كان يحارب فيها أنصار الظلام المعادين للإبداع الذين فسروا قصائده الشعرية تفسيرات بعيدة تماماً عن الإبداع، بقوانين خاصة بهم، أدخلت قصائده فى تفسيرات دينية لإثبات تهمة الخروج من الإيمان، وبرغم ذلك خرج منتصراً من كل الاتهامات التى توجَّه له بالكفر.. وحوكمت أستاذة جامعة لأنها أعطت قصيدة أخرى للطلبة (ملحوظة هذه رؤيتى لدور تكوين من قراءة أهدافها).. إذن «الحرية بلا حصانة» وأنا أعتبر مثل هؤلاء الآن حراس الحرية فى مصر.. وإن تمكنوا فى بعض العواصم العربية، فهذا ما أتمناه.

لكن التيار الكاره للحياة، المحب لدولارات اليوتيوب بالفضائح والتشويش على كل بداية مبشرة، قرروا محاسبة فرسان مصر «الدكتور يوسف زيدان، إسلام بحيرى، إبراهيم عيسى) بطريقة محاكم التفتيش والشق عن القلوب والتفتيش فى النوايا (تحت قيادة رشدى وعبدالمنعم فؤاد) وبدأوا مبكراً حملة التكفير وهو «تحريض مباشر على القتل» تم على شاشات إخبارية - عربية دون أن يحاسبهم أحدٌ كالعادة. لم أشأ أن أنظر فى التنوير ولا فى حرية العقيدة وأنا هنا لا أدافع عن شخص بعينه، فنحن ندافع عن الفكرة وندعمها ونثق فى القائمين عليها ونناشد الدولة مزيداً من الدعم.. أما الموقف الرسمى والشعبى من حرية العقيدة المنصوص عليها فى القرآن فأكتب عنه العدد القادم.

مبروك لمصر ثورة عقولها ومن خلفهم ملايين الشباب والنساء والمثقفين والبسطاء الذين يؤمنون بالعقل المصرى والضمير الوطنى والوعى الدينى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تكوين» «تكوين»



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon