توقيت القاهرة المحلي 20:21:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا مؤاخذة: الفستان

  مصر اليوم -

لا مؤاخذة الفستان

بقلم - سحر الجعارة

إن كان من مهام أمن الجامعة الإشراف على ملابس الطالبات فهذه كارثة، لأننا بهذا نكون قد دشنّا هيئة رسمية لـ«الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»! وأن تصمت وزارة التعليم العالى فهذه كارثة أخرى.. أما أم الكوارث فهى أن فستان «حنين سيد فؤاد الجنارى»، الطالبة بكلية السياحة والفنادق جامعة حلوان، عادى وبسيط ومحتشم وفضفاض ولا يكشف أى جزء من جسمها «فستان عادى» يتطابق مع DRESS CODE لأزياء الطالبات!

الطالبة التى كان لديها تقديم مناقشة وبرزنتيشن سوف تقدّمه يتطلب ملابس فورمل (تايير أو بدلة).. هذا ما ادّعاه أمن الجامعة الذى يبدو أنه يحضر المحاضرات!، وقال إنها تعليمات القسم بتاعها «دراسات متحفية» (!!).

وقامت القيامة حول الفستان (تحت الركبة، تلتين كم، واسع الصدر محتشم).. «حنين» أصرت أن تدخل، وأصر الأمن على منعها، ووصل الأمر إلى وكيلة الكلية التى قالت إن موقف الأمن صحيح، ويجب منع الطالبة، لأن الفستان «غير لائق»، لولا تدخّل أحد الدكاترة الذى قال إن الفستان لائق وجميل، وعيب تكلموا البنت كده.

ثم تدخّلت الدكتورة مارى التى تدرّس مادة الطالبة حنين لكى تقدّم لها البرزنتيشن واعتذرت مشكورة لحنين.. هذا حسب رواية «السيد الجنارى»، الذى نشر أيضاً صورة الفستان عبر صفحته على فيس بوك.

«حنين» عنوان مرحلة مرتبكة تشوهت فيها الهوية المصرية وتبدّلت المكونات الاجتماعية وتراجعت المؤسسات الفكرية والثقافية.. إنها نتيجة حتمية لأكثر من 30 سنة من التجريف الفكرى والثقافى، نتيجة حتمية لتوازنات سياسية (روج لها التيار السلفى)، كان عنوانها الأبرز «ازدراء الأديان» وتحريم الاجتهاد والزجّ بالمفكرين خلف السجون.. ولم يكتب سقوط الإخوان نهاية هذه المرحلة، بل بدأ الحصاد.

«ورثة الإخوان» كرّسوا فكرة «الاستعلاء الدينى»: المنتقبة أتقى من المحجّبة، والمحجّبة محترمة أكثر من المحتشمة.. والسافرة فى نار جهنم «دنيا وآخرة». بدأت بلورة «أسلمة المجتمع» على يد جماعة الإخوان والسلفية الجهادية، وكان لفكر «محمد بن عبدالوهاب» الدور الأبرز والأهم فى تغيير سلوك المرأة ليُصبح متسقاً مع أيديولوجية متعارضة مع المنهج الوسطى للدين الذى اعتادته مصر.

وكانت المرأة هى «حاجز الفصل» وتقطيع أوصال المجتمع إلى رجال ونساء، على غرار ثقافة الصحراء.. وهنا يبرز متغير آخر، وهو «استعلاء النوع»، فالرجال قوامون على النساء، وهو ما طبّقوه عملياً بأن تركوا المرأة فى قاع المجتمع، وأن تقبل بتعدّد الزوجات، وحرمانها من التعليم والعمل والميراث، وفى اعتصامات الإخوان المسلحة برز دور المرأة فى الجهاد، واستغلال الأطفال دروعاً بشرية ضد محاولات فض الاعتصامات.

هذا المناخ كله كان يُؤصّل للفرز الدينى وتكفير الآخر، سعياً لأن تسقط مصر، وهو ما يحتاج إلى زرع خلايا إخوانية نائمة فى العمود الفقرى للمجتمع (التعليم على رأس مؤسسات الدولة)، وتكليف البعض بأداء مهام هيئة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» فى مختلف الدوائر الاجتماعية!

رفض دخول حنين للجامعة كان رسالة تعلن أننا نُوصَم جميعاً بعدم الاحترام وانعدام الأدب، وأن علينا أن نتذكر أن شعر المرأة وصوتها ووجودها كله «عورة»، وأن «التعليم العالى» تجاوُز لمكانتها «الدنيا» فى المجتمع.. «فستان حنين» صرخة أنثى فى وجه مجتمع تتبدّل أحكامه وأعرافه وقوانينه لتصبح سجناً كبيراً يحاصر النساء.. صرخة حطمت جدران الصمت الملونة بالحجاب والبوركينى داخل كل الطبقات الاجتماعية.

الناس ترفض «الحرية الانتقائية»، ترفض المطالبة بحق نزول حمامات السباحة بالبوركينى، والسماح للمحجبات بدخول البارات والملاهى الليلية، ومنع صبية من أن ترتدى ما تشاء. وملامح «حنين» البريئة عرضت للناس صوراً من الماضى (عام من حكم الإخوان) انتهى بثورة يونيو.. وكأن البعض لم يكن قد اكتشف أن «الإسلام السياسى» يكمن داخل ضلوع الوطن، وأنه يتربّص للحظة قد تضعف فيها الدولة لينْقَضَّ عليه.. هذا هو المناخ الذى أفرز «الرقابة على ملابس الطالبات».

هذا الفكر يجب استئصاله والتعامل معاه بحزم.. وإلا سوف تختلط الأدوار ولا نعرف المهنة الحقيقية لكل مواطن! 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا مؤاخذة الفستان لا مؤاخذة الفستان



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon