بقلم - سحر الجعارة
(سجينة خلف النقاب): حين اختارت حلا شيحة اعتزال الفن وارتداء النقاب، قلنا إنها إنسانة حرة، وعاقلة ومسئولة عن تصرفاتها، وحتى زوجها لن يقف أمام الله ليحاسب نيابة عنها. ورغم حربنا على النقاب، لأنه زى إرهابى يتعارض مع الأمن القومى للبلاد، لم نستخدم حرفاً من اسمها فى معاداتنا للنقاب، لكن فيلق الإيمان، الذى يعتبرنا فيلق الكفر، قرر أن يشن حرباً ضروساً على «حلا»، وأن يهددها ويتوعدها ويسحب منها صك الجنة حين قررت خلع النقاب، وكأن عودة «حلا» لارتداء النقاب هى أم المعارك والفريضة الغائبة والجهاد المقدس!.
لقد دخلت «حلا» ذلك العالم المسكون بالأشباح وشياطين الإنس، ودون أن تدرى كانت بالنسبة لهم الصيد السمين، بعد أن شحّت مواردهم وخسروا مصداقيتهم، ولفظهم الشارع بعيداً.. لكن «خديجة الشاطر» كانت تدرك جيداً قيمة الكنز الكامن تحت الخيمة السوداء، لم تكن القصة بالنسبة لها مجرد أمهات يجتمعن فى مدرسة الأطفال، كانت «حلا» بالنسبة لها سبوبة، حتى دون أن تنطق، يكفى أنها تقدم الرمز السياسى لدولة الخلافة المزعومة: النقاب.. ربما فشلت فى تحويلها إلى كادر إخوانى، لكن كان يكفيها صلة ما تربطها بـ«حلا» لتؤكد أن المجتمع المصرى لم يثر على الفاشية الدينية، وأنه يفرز نماذج تتعلق بزى سياسى ليس من الشرع ولا السنة فى شىء. ولهذا بدت خديجة مفزوعة وكأنما فقدت أعز ما تملك وهى مصدومة تعاتب «حلا» قائلة: ذبحتنى شائعة خلع حجابك بسكين بارد!، ومجرد استخدام كلمة شائعة كانت دعوة للعودة إلى خيام البوم السوداء، إلى ذلك العالم الذى لم تكشف «حلا» أسراره حتى الآن.. ثم تعود «خديجة» لترتدى ثوباً ملائكياً، وتهمس لها بأنها ستصلى فى جوف الليل وتدعو لها!.
لو كانت «حلا» وجدت فى النقاب السلام النفسى الذى هجرت العالم بحثاً عنه لما خلعته، لكنها تهشمت بداخله كقطع زجاج حادة، كانت تجرحها وحدها، لأنها تكرس ازدواجية المجتمع الذى رأت من خلف السواد محاولات تقسيمه من خلال تصنيفه إلى الحجاب أو النقاب أو خلع الحجاب، فقررت أن تبدأ بنفسها وتعود لهويتها الحقيقية وترفع التمييز الذى اختارته بإرادتها.. تسامحنا معها وقبلناها «فنانة» نحبها تمردت على لوبى الإخوان وعلى النقاب.
(مش أنا): ما أن عادت «حلا شيحة» إلى الفن حتى تزوجت من الداعية الشاب والمنتج السينمائى «معز مسعود»، وقتها قال والدها الفنان التشكيلى «أحمد شيحة»: ابنتى مختطفة، لكنها صدرت للمجتمع صورتها بالحجاب وهى تقرأ القرآن الكريم، فى استخدام فج للتدين فى «فوتو سيشن»، ولم تكتف «حلا» بذلك بل قررت أن تعلن توبتها عن المشاهد الساخنة التى قدمتها فى فيلم «مش أنا» مع النجم «تامر حسنى» وطالبته بحذفها (!!).. وكتبت وقتها: «عندما تعلن حلا عن توبتها فهى تتوب عن سلوك شخصى لا نعرفه بعيداً عن الفن، وعندما تحرم الفن وتتبرأ من مشاهدها بين أحضان تامر حسنى فعليها أن ترد أجرها عن الفيلم.. أما فتنة (الشهرة والنجاح) فعليها أن تحذر منها زوجها المنتج معز مسعود.. ومواعظ (منهج الله) لن نتلقاها من شخصية مدعية ومضطربة وغير مسئولة عن أحضانها!».
تورطت «حلا» فى الإساءة إلى النجمة «ياسمين عبدالعزيز» فى محنة مرضها حين نشرت صورة ياسمين بحجاب «فوتوشوب» فى مزايدة دينية، وأدخلتها -رغم إرادتها- طرفاً فى «بيزنس إنستجرام» الذى دشنته بمعارك فنية وفضائح عائلية (إنستجرام يدفع بالدولار كاليوتيوب)!.
(ماستر سين): المشهد الرئيسى فى حياة «حلا» أنها تلبس وتخلع لتثير الجدل، لكنها تلبس بناء على رغبة زوج «غالباً يكون مليونيراً» وتخلع لتعود للفن طلباً للشهرة والثراء.. إذن الأمر لا علاقة له بالدين لا من قريب ولا من بعيد.
لقد تم الانفصال بينها بين معز، فخلعت «حلا» ما أمكن خلعه من أفكار وملابس! وظهرت فى فرح بفستان سواريه يظهر أكثر مما يخفى وكأنها تدشن مرحلة جديد من حياتها الفنية تكون فيها نجمة إغراء.. ولم يعد لمس الرجال حراماً، ففى صورة شهيرة أمسكت بكفى المطرب «أحمد سعد» وكأنه حب حياتها.. علامة الاستفهام التى تزعجنى: لما ترتدى الفنانات ملابس خليعة بعد خلع الحجاب!
نحن أمام شخصية مضطربة ومهزوزة تحتاج إلى علاج نفسى.. أمام ترنح من الحجاب إلى العرى وازدواجية فى الفكر والسلوك.. «حالة تستحق الشفقة».. لكنها حالة مستعصية على العلاج!.