بقلم - سحر الجعارة
هل نحن أمام حرب دينية ترفع شعار «تحرير القدس»؟، أم أمام «حرب توسّعية» تستهدف انتزاع الوطن البديل فى سيناء؟ (عقيدة حماس وكتائب القسام هى عدم وجود حدود وطنية، بل «أمة إسلامية»)؟ أم أننا أمام فوضى عارمة خلقتها «حماس» بإيعاز من إيران أو غيرها واستثمرتها إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية وإتمام الإبادة العرقية للفلسطينيين؟ أم أننا أمام تفريغ غزة لإتمام «قناة بن جوريون»، المنافسة لقناة السويس المصرية، والتى أعلنتها قبل أعوام؟
حزب «الحرب الدينية» يحاول أن يورّط مصر فى حرب مفتوحة (مصر لم تتخلَّ فى يوم من الأيام عن دفع أغلى شىء (وهو الدم) فى سبيل فلسطين.. (86 ألف شهيد مصرى فى حرب 1948) دفاعاً عن الأرض الفلسطينية، ودفاعاً عن الأمة العربية بأسرها.. حسب شهادة «ياسر عرفات»).. وقد وقّعت معاهدة سلام مع إسرائيل بعد حرب أكتوبر 1973 وفقدت فيها الشهداء أيضاً: سيناء تحرّرت بالدم ولن نغرق فى هذا المستنقع استجابة لصيحات جوفاء «افتحوا الحدود يا مصريين».. لا حضرتك افتح حدودك أنت (وأنت يا هذا العربى لا تنسَ القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة بأرضك والمستعدة لإطلاق طائرات لضرب فلسطين: اهدأ وفكّر وانظر فى المرآة قبل أن تصرخ واقدساااه).
لا يملك أحد إجابة قاطعة عن التساؤلات السابقة، لكن كل الاحتمالات مفتوحة، ربما لهذا تتعامل مصر مع الثوابت الوطنية وتداعيات الأزمة الراهنة من قتلى وضحايا، وتؤكد كما جاء فى بيان جمهورية مصر العربية، حول قمة القاهرة للسلام، أن مصر لن تألو جهداً فى استمرار العمل مع جميع الشركاء من أجل تحقيق الأهداف التى دعت إلى عقد هذه القمة، مهما كانت الصعاب أو طال أمد الصراع. وسوف تحافظ مصر دوماً على موقفها الراسخ الداعم للحقوق الفلسطينية، والمؤمن بالسلام كخيار استراتيجى لا حياد أو تراجع عنه، حتى تتحقّق رؤية حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، اللتين تعيشان إلى جوار بعضهما فى سلام.
وفى إطار سعى مصر نحو تحقيق تلك الأهداف السامية، لن تقبل أبداً بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية على حساب أى دولة بالمنطقة، ولن تتهاون للحظة فى الحفاظ على سيادتها وأمنها القومى، فى ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات، مستعينة فى ذلك بالله العظيم، وبإرادة شعبها وعزيمته.
لم تسمح مصر لجماعات الإسلام السياسى بركوب مظاهرات الجمعة الماضية بشعارات «خيبر خيبر يا يهود»، وتجنّبت الرد على الحملة الإخوانية الشرسة على السوشيال ميديا، التى تحاول تشويه دور مصر رئيساً وشعباً، ولم تنجُ حتى المساعدات المقدّمة لغزة من التهكم والسخرية.
وتعاملت مصر بكل ثبات وتعقّل مع حادث «كرم أبوسالم»، حين أطلقت دبابة تابعة للجيش الإسرائيلى النار عن طريق «الخطأ» على موقع مصرى متاخم للحدود قُرب منطقة كرم أبوسالم.. وهو ما يؤكد أن التعامل المصرى مع كل طرف أو موقف مرسوم بدقة متناهية وبحكمة سياسية بالغة.
عندما رفض الرئيس عبدالفتاح السيسى الإشارات الإسرائيلية لنقل سكان غزة إلى سيناء، وقال: إن ما يحدث فى قطاع غزة من هجمات هو «محاولة لدفع السكان والمدنيين إلى النزوح نحو سيناء»، مقترحاً أنه «إذا كان من الضرورى نقل مواطنى القطاع خارجه حتى انتهاء العمليات العسكرية، فيمكن لإسرائيل نقلهم إلى صحراء النقب».. كان يعبّر عن كل كلمة فى قلوب وعقول المصريين ويجسّد مخاوفنا على بلدنا.
وأرجع «السيسى» ذلك إلى أنه إن تم نقلهم إلى سيناء، فسيعنى هذا أيضاً نقل سكان الضفة الغربية إلى الأردن؛ مما يؤدى إلى تصفية القضية الفلسطينية، إضافة إلى اتخاذ فلسطينيين سيناء قاعدة لشن هجمات على إسرائيل وتحميل مصر مسئوليتها.
نحن لسنا على استعداد للانتحار الجماعى على عتبة «القدس».. لكننا لن نتخلى عن دورنا فى محاولة استعادتها بالسلام إن أمكن.. وأنتم أدرى بمن يُفسد هذه المحاولات من الجانبين، ومن يدعم كلا الجانبين.. تلك هى الحرب المستترة، أما ما يحدث فى غزة فحرب بالإنابة.