توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نقابة النهي عن الإبداع

  مصر اليوم -

نقابة النهي عن الإبداع

بقلم - سحر الجعارة

ما بين «التشدد» و«الانحلال» مسافة كبيرة جداً للمبدع يتحرك خلالها، شريطة أن يكون ضمير المبدع هو البوصلة التى تحدد توجهات، وليس شباك التذاكر أو مبيعات الرواية أو شريط الكاسيت.

آن لنا الآن، وللمبدعين من شتى المجالات المطالبة بإلغاء رقابة الأصوات السلفية على كل المصنفات الفنية، وإلا أصبح الفن وكل صور الإبداع أداة فى يد تيار يعادى الفن بكل أشكاله ويسعى دائماً لهدم «القوى الناعمة» لمصر!.

لا أغالى إن قلت إن اعتدال المجتمع المصرى ووسطيته مرهونان بدور الفن فى المرحلة القادمة، وإن الدراما تحديداً لعبت دوراً هاماً فى التثقيف السياسى الذى فشلت فيه الكتب الأكاديمية.. فعلى الفنان أن يعرف دوره الآن.. ويطالب بحريته فى الإبداع فى آن واحد.

هل هذا الحديث ينطبق على أغنية «روبى» «3 ساعات متواصلة» التى أثارت الجدل بسبب كلماتها التى اعتبرها الجمهور كلمات «جريئة للغاية» وهى الأغنية التى كتبها ولحنها عزيز الشافعى.. بالقطع ينطبق عليها لأن الهجمة ضدها من تيار متشدد يريد أن يفرض وصايته على المجتمع بزعم أنه «حامى الفضيلة» وهو نفس دور جماعة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» الذى أصبحنا نراه من رواد السوشيال ميديا!.

أغنية «3 ساعات متواصلة» لا تحمل أى ألفاظ خارجة ولا يوجد بها شىء خادش للحياء أو حتى إسفاف، وتراث الأغنية المصرية يتضمن تعبيرات وألفاظاً مباشرة أكثر جرأة وحسية منها غنتها السيدة «أم كلثوم» وغناها «عبدالوهاب» و«عبدالحليم» وآخرون كثر.. فالبهجة والأغانى الخفيفة ومعانى الحب والاشتياق كانت أجرأ مثلاً فى أغنية «سعاد حسنى» بمبى التى تقول فيها (بوسة ونغمض وياللا نلقى حتى الدنيا بمبى) كلمات الشاعر الكبير «صلاح جاهين».. وهذا الجزء يمكن حذفه من المقال حفاظاً على «القيم الأخلاقية» للأسرة المصرية، وهى نفس الأسر التى لا تخجل من تحرش أولادها بالبنات أو التنمر والابتزاز الإلكترونى بهن.. أو حتى قتلهن على أعتاب الجامعة بزعم «الحب القاتل».

الأسر المصرية هى نفسها التى خرّجت أجيالاً من العلماء والمفكرين والزعماء والسياسيين، رغم أنها كانت تشاهد الأفلام الجريئة وتستمع إلى أغان تصف الحب والهيام.. لكنها كرست الأخلاق والفكر والأصول فى جيلى مثلاً لأنها كانت تفرق جيداً بين فن صناعة البهجة وبين القيم التى تغرسها فى الأجيال المتعاقبة.

تعجبت كثيراً من البيان الذى أصدره نقيب الموسيقيين «مصطفى كامل»، والذى حول الأغنية إلى قضية «أمن دولة» وتعامل معها بتقديم بلاغ للمصنفات الفنية: «منذ أن توليت منصب النقيب العام ومعى زملائى أعضاء مجلس الإدارة وهى تحمل على عاتقها أهدافاً واضحة ومعلنة للعامة، ومنها محاولة تنقية المناخ الفنى والموسيقى والحفاظ على القيم والثوابت المجتمعية قدر المستطاع، وهو بالأساس ليس دورنا فالمنوط الأول والأساسى والرئيسى بهذا الأمر هو جهاز الرقابة على المصنفات ومباحث المصنفات الفنية والجهات المختصة بالتصاريح للمصنف الفنى والتى أطالب الجميع بضرورة عودتها وفى أسرع وقت وإلا فنحن فى خطر قاسٍ ومؤلم وعواقبه وخيمة)!!.

«مصطفى كامل» وهو شاعر ومغنٍ، ويُفترض فيه أن يدافع عن «حرية التعبير» ويسعى لتوسيع مساحة الحرية، تحدث بلسان «الرقيب» ويتهم زميلة له بإحداث «فرقعة إعلامية وبروباجندا» أو يتهم الجمهور بذلك لا فرق.. الغريب والصادم أنه يستخدم تعبير ومصطلحات «رقيب دينى» أو «مصلح اجتماعى» ويستخدم ألفاظاً سلفية بامتياز.. رغم أن مهمة النقيب هى حماية أعضاء نقابته فى المقام الأول!!.

تنص المادة (67) من الدستور المصرى على أن: «حرية الإبداع الفنى والأدبى مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك، ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة».. هذا ما كان على نقيب الموسيقيين أن يكرسه ويسعى لمزيد من تفعيل مضمونه وليس «الإرهاب المعنوى» وترويع الفنانين بعصا القيم والثوابت المجتمعية وإرهاب الجميع بـ«عواقب وخيمة» لا وجود لها إلا فى مخيلته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نقابة النهي عن الإبداع نقابة النهي عن الإبداع



GMT 19:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الموازنة والـمئة دولار !

GMT 09:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 08:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 08:24 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 08:21 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 08:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon