بقلم - سحر الجعارة
«حلى ضفايرك فى الهوا» كان عنوان مقالى الذى يروى تجربة فتاة مثل وردة تتبسم للندى: كانت «ملك» تشعر بأن بها شيئاً يميزها عن زميلاتها، إنه شعرها الأسود المنسدل خلف ظهرها، متموجاً فى تمرد، وممتداً نحو أفق تلمسه -وحدها- بخيالها.. إنها الضفائر المجدولة، أو ما يطلق عليها اسم «الراستا»، وهى مشهورة منذ آلاف السنين، وتُعتبر أحد المظاهر التراثية والثقافية لسكان أفريقيا والحضارات القديمة، كما ارتبطت فى قديم الزمان بالفراعنة، وتعتمد على تقسيم الشعر لمجموعات عديدة لتضفير ضفائر صغيرة جداً كافية لتمرير المياه أثناء الغسل.
«ملك» طالبة فى أولى ثانوى، لا تعلم أن هناك داعية طالبت بتحجيب الطفلة فى الصف السادس الابتدائى «فى المدارس»!.. ولم تشهد «ملك» معركتنا لوقف هذه المهزلة ومساندة وزارة التربية والتعليم لمنع تحجيب البنات بالإكراه فى المدارس.. ولا استمعت إلى إصرار الداعية على أن يكون البلوغ بداية الحجاب!.
وكانت «ملك» بطلة محاولة إكراه الفتيات على ارتداء الحجاب فى المدارس (بدون أى سند قانونى).. دافعنا عنها لأنها جسّدت الكارثة ولم نكن نطالب بالمستحيل فقط لتلتزم الطالبة بمواصفات الزى المدرسى، ولا تتدخّل الإدارة لتفرض عليها غطاء الرأس «إيشارب أو طرحة».. لتستعرض تنامى التيار السلفى فى الشارع.. وباقى المشكلات نتمنى النظر فيها ووضع خطة لحلها.
أما «النقاب» فهو معركة مستمرة منذ منع الدكتور «هاشم فؤاد»، رحمه الله، الذى كان عميداً لكلية طب قصر العينى، جامعة القاهرة، دخول المنتقبات للجامعة، ثم مرحلة الدكتور «جابر جاد نصار» الذى منع دخول المنتقبات العاملين بالتدريس داخل كليات الطب ومستشفياتها.. مئات القضايا من السلفيين أمام المحاكم لنصرة «النقاب» وآلاف اللقاءات التليفزيونية والآراء الفقهية التى حسمها فضيلة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، الدكتور «أحمد الطيب» بأن «النقاب ليس فرضاً ولا سُنة وليس مستحباً، بل هو أمر مباح» وأوضح أن (النقاب يدخل فى باب الزينة «مثل الخاتم» من ترتديه لا تثاب ومن تخلعه غير آثمة ويجوز لصاحب العمل أن يأمر العاملة بخلعه.. أما ترك الحجاب فمعصية أقل من الكذب)، ورأى شيخ الأزهر متاح على اليوتيوب فى حلقات برنامج «الإمام الطيب».
وأخيراً، بعد أن هرمنا، أصدرت وزارة التربية والتعليم المصرية قراراً «يحظر ارتداء النقاب بين الطالبات فى جميع المراحل الدراسية». كما حدّدت الوزارة مواصفات الزى «المدرسى الموحّد» بهدف التقليل من بروز الفروق الطبقية بين التلاميذ.. وتضمّن قرار وزارة التربية والتعليم تحديد مواصفات «الزى المدرسى الموحّد» لجميع الطلاب بالمدارس الرسمية والخاصة لجميع الصفوف الدراسية، على أن «يكون غطاء الشعر (الحجاب) للفتيات اختيارياً». ووفق القرار فإنه «يُشترط فى (غطاء الرأس) الذى تختاره الطالبة برغبتها ألا يحجب وجهها، مع الالتزام باللون الذى تحدّده مديرية التعليم المختصة».
وشدّدت وزارة التعليم على أن «يكون ولى الأمر على علم باختيار ابنته، وأن اختيارها لذلك قد حدث بناءً على رغبتها من دون (ضغط) أو (إجبار) من أى شخص أو (جهة) غير ولى الأمر، ويجرى التحقق من علم ولى الأمر بذلك».
كنت أتمنى أن يشمل قرار حظر النقاب المدرسات، لأن العملية التعليمية تحتاج إلى تواصل لا إلى ترهيب، ولكن ما تحقّق هو «إنجاز بكل المقاييس»، شريطة أن تشرف الوزارة على تنفيذ القرار وألا يكون مجرد حبر على ورق.
معركة حظر النقاب مستمرة، وهو زى يهودى، يستخدمه تيار الإسلام السياسى لاستعراض قوته فى الشارع، ولتهريب المجرمين من يد العدالة، وهذا ثابت بالأدلة، كما أنه من الثابت أنه خطر على الأمن القومى.. المعركة مستمرة وقد انتصرت الإدارة المصرية فى أول فصولها.. كما انتصرت جهود التنويريين.. و«ملك».