لأول مرة تتصدى الدراما التليفزيونية لأشكال النصب بما يسمى «الطاقة الحيوية»، وهو ما كتبت ضده كثيراً، وناقشته فى برامج تليفزيونية أكثر من مرة، لكن يظل حتى الآن امتصاص دماء الناس من النقود والصحة باسم العلاج بالطاقة مستمراً سواء بموضة الأشكال الهندسية للشفاء أو باستخدام الأحجار لجلب الطاقة الإيجابية، أو طاقة الشفاء أو الرزق أو حتى الزواج أو حل مشكلات الخيانة الزوجية!.
«فراولة» التى تجسدها النجمة «نيللي كريم» تعمل مع نصاب صينى يسمى نفسه «خبير العلاج بالطاقة» ويتمكن من إغوائها والسيطرة على عقلها هى وآخرين لخلق شبكة عنكبوتية من المشترين بتحويلهم إلى بائعين، ويجمع أكبر مبلغ ممكن من المكاسب ويتركها فريسة للمحاكمة باعتبارها مديرة المكتب، العيادة، وهو ما يدفعها إلى البحث عن حلول حتى تلجأ لشراء أحجار جديدة وتقديمها للحاجزين.. ثم تبدأ اللعبة.
تدخل على الخط سامية ملكة السوشيال ميديا (شيماء سيف)، لنرى كيف تتشكل نجومية المحتال بواسطة السوشيال ميديا، صفحات متعددة على مواقع السوشيال ميديا وشراء لمتابعين يهللون لفراولة فى التعليقات ثم تدفع بها سامية إلى شاشة التليفزيون -عن طريق الإعلانات- وهكذا تتحول فراولة البنت البسيطة التى كانت والدتها تقرأ الفنجان بأجر، تتحول إلى خبيرة وينادونها بلقب «دكتورة».
بينما الطبيب الحقيقى دكتور إبراهيم (يجسده صدقى صخر)، يعانى من عدم إيمان الأغلبية بالعلاج النفسى ويحاول أن يواجه الخرافات التى تروج لها فراولة، لدرجة إبلاغ الشرطة عن نشاطها المشبوه.. لكنه يفشل ويجد ابنته الطفلة نفسها تتباهى بصورتها مع فراولة، وتتحول فراولة نفسها إلى مثل أعلى للطفلة.. فيقرر الظهور لايف على إنستجرام لكشف حقيقتها للناس ويفشل لأنه لا يعرف قواعد اللعبة على السوشيال ميديا.
يشعر دكتور إبراهيم باليأس والإحباط، فيحاول تجربة العلاج بالوهم أو قوة الإيحاء «البلاسيبو»، وهى طريقة علمية تتم بإعطاء المريض مادة بهدف علاجه، ليس لها تأثير حقيقى فى علاج المرض بعينه، بل يتم إيهام المريض نفسياً بأن هذا العلاج الذى يتناوله يحمل شفاءً لمرضه، كما يستخدم هذا العلاج فى اختبارات الأدوية الجديدة وفى الأبحاث الطبية، دون معرفة المُتداوى ما إذا كان هذا الدواء فعّالاً أم لا.. ينجح العلاج بالبلاسيبو لكن الأمانة العلمية تدفع د. إبراهيم إلى إخبار المريض بالحقيقة.. وتلقائياً ينتقل المريض من عيادة الطبيب إلى مقر «فراولة»!.
فراولة فى عبارة قصيرة اعتاد أن يرددها المحتالون من هذه العينة تقول للمريض «لا تتوقف عن أخذ علاج الدكتور».. وكلنا نعلم أنهم تسببوا فى كوارث، مرضى سرطان تركوا العلاج الكيميائى واكتفوا بالعلاج بالأشكال الهندسية أو أعشاب «عبدالباسط» لعلاج فيروس C.. إلخ آلاف الأنماط من الاحتيال التى يبتكرها الدجالون الجدد.
أهم ما فى العمل أنه يقدم كيف يتضخم الدجال من خلال الدعاية الممنهجة، ويذيع صيته لدرجة استشارته فى أمور اقتصادية وبعدما يحقق مكاسب بالملايين يتوسع فى نشاطه ولا يكتفى بالأحجار بل تكون هناك أبلكيشن متاحة على الموبايلات الذكية تضم كل أشكال الخرافة مثل قراءة الكف والفنجان بأساليب ذكية!.
هناك خبيرة طاقة بررت طلاق أحمد العوضى وياسمين عبدالعزيز بأنه: «السحر الأسود» وقالت: نعم إهانة صورتك وتدنيسها سحر أسود، حرق صورتك وتشويهها سحر أسود، قطع صورتك والكتابة عليها سحر أسود، وضع صورتك على الثلاجة والباب سحر أسود، هذا سبب أول لطلاق ياسمين وأحمد وضع صورتهما على التورتة وتقطيعها والتهامها (!!).
لا تسأل ما دخل الطاقة فى السحر الأسود، لأن كل ما يتعلق بالدجل والشعوذة يجذب بعضه البعض!.
وكأن «صناعة الخرافة» لم تكن لتكتمل إلا بمتاهة «السوشيال ميديا»، وامتدت دائرة «الدجل والشعوذة» وتبرير قلة الرزق بالحسد وعدم الزواج بالسحر إلى الشبكة العنكبوتية، حيث لا سيطرة على هؤلاء المدّعين ولا على زبائنهم من مدمنى الشكوى والتعلّل بالعجز والأسباب الميتافيزيقية المجهولة لمشكلاتهم.. والبحث عن «الطاقة الإيجابية» و«قانون الجذب».
لقد كتبنا كثيرا وطويلا لكنهم أصحاب الصوت الأعلى تماماً كما فى المسلسل، رغبة الناس فى حل مشاكلهم الصحية والحياتية بأسهل الطرق وانتشار المحتالين الذين أصبحوا نجوماً جعلا الدجل ينتصر على التنوير فى هذا المعركة حتى الآن.. إنه الصراع بين العقل والخرافة يتجسد بشكل كوميدى لذيذ فى «فراولة».. أتمنى أن تصل الرسالة.