توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وسائل الانفصال الاجتماعي

  مصر اليوم -

وسائل الانفصال الاجتماعي

بقلم - سحر الجعارة

رسالة sms أو whatsapp على الموبايل، أو like على «فيس بوك» تؤكد أننا عاجزون عن التواصل.. وأن العلاقات الإنسانية أصبحت «مميكنة»؟.. حتى وأنت فى وسط الأهل والأصدقاء، كل فرد مشغول بشاشة الموبايل، منهمك فى متابعة مواقع «التواصل الاجتماعى» ومنفصل تماماً عن محيطه الواقعى؟

كيف يمكن أن تصالح نفسك، تعترف بأخطائك، تبحث عن «السلام الداخلى» ما دام مفقوداً على الأرض.. تسطر مفردات الرومانسية بإحساسك، وتجسّد معانى البراءة والنقاء بمشاعرك.. أن تكون واحداً من «عشاق الحياة» بفنونها وألوانها.. بغموضها وشجونها.. أن تكون راقصاً صوفياً متجرّداً من أطماعها التى تحنى الجباه.. ازهد فيها تأتِ إليك.. واتركها تلهث خلفك.. هكذا هى الدنيا مثل امرأة مراوغة.

وقبل أن تُفتش عن عطاء الآخرين اسأل: ماذا قدمت لهم؟.. هل وُلدنا كنبت شيطانى، أم أن الأهل والعائلة منحونا «شهادة ضمان» بدعمهم المعنوى، ومساندتهم لنا.. إلى الأبد!

نحن حتى لا نعترف بأننا نجافى من نعيش معهم فى البيت نفسه، فلا موعد يجمعنا، ولا حوار يجذبنا إلى أرضية مشتركة، لم يتبقَّ بيننا إلا الملل والرتابة و«الأجهزة»!

المشهد المتكرّر فى كل منزل أن كل فرد مشغول بالتحاور مع «آلة»، قد تكون شاشة تليفزيون أو كمبيوتر أو موبايل.. ينقلنا إلى عالم آخر متجدّد كله حيوية وإثارة.. نحن نعيش فى الفضاء الإلكترونى، حيث نتحرّر من الواجبات الإنسانية والعائلية.. ونرمى هموم العمل وزحمة الحياة.. لكل منا «عالمه الخاص» الذى صنعه بنفسه ولنفسه.. وكأننا نسجنا شرنقة تحجبنا عن الواقع ونتقوقع بداخلها لنُعانى «وحدة مفتعلة».. أو أن حياتنا قصيدة لم تكتمل، ورواية لم تتم فصلها الأخير، وقصة حب غابت بطلتها عن المشهد!.. أو أننا دائماً فى مفترق طرق!

أحياناً أتصور أن الإنسان يعانى درجة ما من درجات «التوحّد مع الذات».. بإرادته. لو اقتحمت عزلة أحدهم وقرّرت أن تحدثه مثلاً عن صلة الرحم، فتبدأ بالحديث الشريف لرسول الله «صلى الله عليه وسلم»: (مَنْ كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فليصلْ رحمَهُ).. ستأتيك لهجة تهكّم.. ويرد عليك بسخرية: (هل تمر بحالة «دروشة»)؟.

ثم تتوالى الاتهامات بأن العلاقات الاجتماعية كلها نفعية وانتهازية، ولا أحد يسأل عنك إلا لطلب «مصلحة».. وأن الإنسان الذى يعطى بلا مقابل مريض بحب التضحية، ويعيش دور «الشهيد» بإرادته.. فلا أحد يستحق.

وهكذا تتآكل إنسانية البشر، فيتحولون هم أنفسهم إلى «آلات»، تتحرك حسب بوصلة «الربح».. وكأننا فى «بورصة» لا وجود لأسهم الود والامتنان والواجب فيها!

أنا شخصياً لا أتذكر آخر مرة تلقيت فيها باقة ورد، ربما كانت فى عيد الأم، لكننى لم أقاطع بائع الزهور، ولم أخاصم الأغانى، ولم أهجر نفسى لأغترب فى عالم الأنانية و«الأنامالى»!

مازلت أفتش فى كل إنسان عن موطن الجمال، أعانق ما أجده من صدق نادر، أتمسك بلمسة دفء ولو كانت عابرة.. أترانى «ساذجة»؟.. ربما!

أصعب ما فى الحياة أن تعيش مستيقظاً دائماً، ترى عيوب البشر وتجسّدها، تتذكر خطاياهم وتعيشها ألف مرة، تستدعى الخيانة لكى تحمى نفسك من التعرّض لها مجدّداً.. لكنك لا تسأل أبداً: لماذا لا أصنع البهجة لى وللآخرين؟

البهجة «مجانية» لأنها تنبع من وجداننا، وفى زمن «المادة» لن تكتب لك الآلة «نوتة موسيقية» ولن تشاركك «رقصة الحياة».. اتركها لتسترد نفسك.

نحن نداوى أنفسنا بالتسامح وتجاوز ذنوب الآخر.. قبل أن نمنحهم الغفران.. نحتفظ بيدنا ممدودة بالحب، مهما جرحتنا الأشواك وأدمت قلوبنا.. حين يجرحك الآخر عليك أن تظل كما أنت، أن تحتفظ بإنسانيتك ولا تتحول إلى «مسخ» شوهته سهام الآخرين.

فتّش عن «السعادة» تلك الجزيرة المفقودة، وتخفّف من أحمالك.. فكما قال مولانا «جلال الدين الرومى»: (كم هم سعداء أولئك الذين يتخلصون من الأغلال التى ترسخ بها حياتهم). 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وسائل الانفصال الاجتماعي وسائل الانفصال الاجتماعي



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon