توقيت القاهرة المحلي 03:34:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وسائل الانفصال الاجتماعي

  مصر اليوم -

وسائل الانفصال الاجتماعي

بقلم - سحر الجعارة

رسالة sms أو whatsapp على الموبايل، أو like على «فيس بوك» تؤكد أننا عاجزون عن التواصل.. وأن العلاقات الإنسانية أصبحت «مميكنة»؟.. حتى وأنت فى وسط الأهل والأصدقاء، كل فرد مشغول بشاشة الموبايل، منهمك فى متابعة مواقع «التواصل الاجتماعى» ومنفصل تماماً عن محيطه الواقعى؟

كيف يمكن أن تصالح نفسك، تعترف بأخطائك، تبحث عن «السلام الداخلى» ما دام مفقوداً على الأرض.. تسطر مفردات الرومانسية بإحساسك، وتجسّد معانى البراءة والنقاء بمشاعرك.. أن تكون واحداً من «عشاق الحياة» بفنونها وألوانها.. بغموضها وشجونها.. أن تكون راقصاً صوفياً متجرّداً من أطماعها التى تحنى الجباه.. ازهد فيها تأتِ إليك.. واتركها تلهث خلفك.. هكذا هى الدنيا مثل امرأة مراوغة.

وقبل أن تُفتش عن عطاء الآخرين اسأل: ماذا قدمت لهم؟.. هل وُلدنا كنبت شيطانى، أم أن الأهل والعائلة منحونا «شهادة ضمان» بدعمهم المعنوى، ومساندتهم لنا.. إلى الأبد!

نحن حتى لا نعترف بأننا نجافى من نعيش معهم فى البيت نفسه، فلا موعد يجمعنا، ولا حوار يجذبنا إلى أرضية مشتركة، لم يتبقَّ بيننا إلا الملل والرتابة و«الأجهزة»!

المشهد المتكرّر فى كل منزل أن كل فرد مشغول بالتحاور مع «آلة»، قد تكون شاشة تليفزيون أو كمبيوتر أو موبايل.. ينقلنا إلى عالم آخر متجدّد كله حيوية وإثارة.. نحن نعيش فى الفضاء الإلكترونى، حيث نتحرّر من الواجبات الإنسانية والعائلية.. ونرمى هموم العمل وزحمة الحياة.. لكل منا «عالمه الخاص» الذى صنعه بنفسه ولنفسه.. وكأننا نسجنا شرنقة تحجبنا عن الواقع ونتقوقع بداخلها لنُعانى «وحدة مفتعلة».. أو أن حياتنا قصيدة لم تكتمل، ورواية لم تتم فصلها الأخير، وقصة حب غابت بطلتها عن المشهد!.. أو أننا دائماً فى مفترق طرق!

أحياناً أتصور أن الإنسان يعانى درجة ما من درجات «التوحّد مع الذات».. بإرادته. لو اقتحمت عزلة أحدهم وقرّرت أن تحدثه مثلاً عن صلة الرحم، فتبدأ بالحديث الشريف لرسول الله «صلى الله عليه وسلم»: (مَنْ كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فليصلْ رحمَهُ).. ستأتيك لهجة تهكّم.. ويرد عليك بسخرية: (هل تمر بحالة «دروشة»)؟.

ثم تتوالى الاتهامات بأن العلاقات الاجتماعية كلها نفعية وانتهازية، ولا أحد يسأل عنك إلا لطلب «مصلحة».. وأن الإنسان الذى يعطى بلا مقابل مريض بحب التضحية، ويعيش دور «الشهيد» بإرادته.. فلا أحد يستحق.

وهكذا تتآكل إنسانية البشر، فيتحولون هم أنفسهم إلى «آلات»، تتحرك حسب بوصلة «الربح».. وكأننا فى «بورصة» لا وجود لأسهم الود والامتنان والواجب فيها!

أنا شخصياً لا أتذكر آخر مرة تلقيت فيها باقة ورد، ربما كانت فى عيد الأم، لكننى لم أقاطع بائع الزهور، ولم أخاصم الأغانى، ولم أهجر نفسى لأغترب فى عالم الأنانية و«الأنامالى»!

مازلت أفتش فى كل إنسان عن موطن الجمال، أعانق ما أجده من صدق نادر، أتمسك بلمسة دفء ولو كانت عابرة.. أترانى «ساذجة»؟.. ربما!

أصعب ما فى الحياة أن تعيش مستيقظاً دائماً، ترى عيوب البشر وتجسّدها، تتذكر خطاياهم وتعيشها ألف مرة، تستدعى الخيانة لكى تحمى نفسك من التعرّض لها مجدّداً.. لكنك لا تسأل أبداً: لماذا لا أصنع البهجة لى وللآخرين؟

البهجة «مجانية» لأنها تنبع من وجداننا، وفى زمن «المادة» لن تكتب لك الآلة «نوتة موسيقية» ولن تشاركك «رقصة الحياة».. اتركها لتسترد نفسك.

نحن نداوى أنفسنا بالتسامح وتجاوز ذنوب الآخر.. قبل أن نمنحهم الغفران.. نحتفظ بيدنا ممدودة بالحب، مهما جرحتنا الأشواك وأدمت قلوبنا.. حين يجرحك الآخر عليك أن تظل كما أنت، أن تحتفظ بإنسانيتك ولا تتحول إلى «مسخ» شوهته سهام الآخرين.

فتّش عن «السعادة» تلك الجزيرة المفقودة، وتخفّف من أحمالك.. فكما قال مولانا «جلال الدين الرومى»: (كم هم سعداء أولئك الذين يتخلصون من الأغلال التى ترسخ بها حياتهم). 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وسائل الانفصال الاجتماعي وسائل الانفصال الاجتماعي



GMT 08:58 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت أبيها

GMT 08:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب والتعامل مع حربَي غزة ولبنان

GMT 08:56 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الجديد الذي يمكن استكشافه!

GMT 08:55 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

يدور مع زجاجة ترمب حيث دارت!

GMT 08:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف فاز ترمب... ولماذا ستكون رئاسته الثانية مختلفة؟

GMT 08:52 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب صانع النجوم

GMT 08:50 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الكُتّاب والاستخدام غير الدقيق للكلمات

GMT 08:46 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الدور العائلي في فوز «ترامب»

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:37 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين
  مصر اليوم - مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين

GMT 00:02 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تعود بعد 7 سنوات بمية دهب
  مصر اليوم - هيفاء وهبي تعود بعد 7 سنوات بمية دهب

GMT 05:51 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

سامسونغ تطلق نسخة جديدة من "جلاكسي فولد" القابل للطي

GMT 11:37 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات قاتلة طفليها في محافظة الدقهلية

GMT 21:22 2019 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل وفاة 35 معتمرًا وإصابة 4 إثر حادث "مكة"

GMT 00:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

رانيا يوسف تنتظر استدعاء النيابة بشأن الفيديو الإباحي

GMT 09:30 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن سلمان يلتقط صور"سلفي" في "الفورميلا أي"

GMT 07:39 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"جزر السيشل" في المحيط الهندي جنة لعشاق الطبيعة

GMT 19:26 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

طبال يبيع زوجته لـ"ثري عربي" مقابل 2000 ريال

GMT 20:52 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

المطربة ساندي تتعرض للإصابة خلال تصوير "عيش حياتك"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon