سيادة الرئيس «عبدالفتاح السيسى»: شكراً لاستجابتكم لمطالبنا بالترشح لفترة رئاسة جديدة، لتلبية نداء الواجب ومصر تتهددها الشرور من كل جانب.. شكراً لتحملكم حروب الشائعات والأكاذيب والتضليل وأنت تمشى واثقاً فى ربوع مصر تنشر الخضار والنماء والإعمار.. لكل لحظة اقتطعتها من العمر لتسهر على «رعاية مصالح الوطن وحماية أراضيه»، بينما يكبر الأطفال الذين احتضنتهم بالأمس ليصبحوا شباباً واعداً يتصدرون صفوف الناخبين من أجلك.
شكراً بلسان كل مَن راهن على رئاستكم للبلاد وهو يحلم ويضم أمنيته، مؤجلاً مطالبه حتى تقسم اليمين الدستورية.. وتلك الأحلام الصغيرة تتجمع كحبات اللؤلؤ لتصيغ «حلماً قومياً» لمزيد من الإصلاح والتغيير والتنمية المستدامة.
الآن -ياسيدى- سوف أقدم بعضاً من حلمى الخاص، والذى به تتحقق «مصر التى نستحقها».. سوف أبدأ من «أعياد الميلاد» التى ترعاها بحضورك الكريم: أما آن الأوان لإصدار قانون يجرم «تكفير الآخر» واعتبارها «جريمة كراهية» لا تسقط بالاعتذار؟.. حتى ينعم شعب مصر بسلام وأمان يستحقه.. وتظل مصر الملجأ والملاذ وليست البلد الذى يهاجر منه الكفاءات بسبب مناخ إقصاء الآخر.
نعم، عشنا مع سيادتكم خطوات كثيرة لنشر التسامح والإسلام الوسطى - الصحيح.. وتابعنا جبهات العناد وذوى الهوى والمصالح وهم يهدرون «المبادرات الرئاسية» ويفرغونها من محتواها.. وكنا دائما «الظهير الجماهيرى» خلفكم.. كنا العقل والقلم الذى ينشر «الفكر» ويبشر برؤاكم لـ«مصر العصرية».. لهذا - ياسيدى- سمحت لنفسى أن أبدأ عهدكم الجديد بهذه القضية.
الرئيس يعلم أن الإرهاب لن ينتهى إلا بتجفيف منابعه من الفكر المتطرف وأنه لا سبيل للتعايش فى سلام بين المسلم والمسيحى إلا بثقافة «قبول الآخر».. وأزعم أنه لم يجد مسئولاً واحداً يسانده لتطبيق رؤاه.. حتى حين طالب بتقنين الطلاق الشفهى جاءته الإجابة (ما معناه خشينا أن ندعمك رغم أنه لا يقع)!.
لا تتصوروا أن قضايا الأحوال الشخصية والميراث وكفالة الأيتام وكل ما يتعلق بالإنسان غائب عن فكر الرئيس.. لكن إحقاقاً للحق، لقد تسلم «السيسى» بلداً مهلهلاً (أشلاء دولة كما أسماها).. تُربكها تشريعات وقوانين وتقيدها وبعضها سالب للحريات الدستورية مثل المادة 98 ومن قانون العقوبات المسماة اصطلاحاً بـ«ازدراء الأديان».. سأجيب من قلب الواقع وليس من مواد القانون: فى لقاء الرئيس السابق مع المستشار «عمر مروان»، وزير العدل، تابع «السيسى» جهود وزارة العدل (لإعداد مجموعة من الخبراء من وزارة الأوقاف والأزهر ودار الإفتاء، وذلك للاستعانة بهم فى قضايا ازدراء الأديان، فضلاً عما يتم من تأهيلهم من الناحية القانونية للتعرّف على أركان الجريمة وما يلحق بها من ظروف أخرى).
كنت أتمنى إلغاء هذا القانون المشبوه الذى أصبح سيفاً مصلتاً على رقاب المجتهدين والمجددين والمبدعين، خاصة أن اللقاء -المشار إليه- تناول تنقية القوانين وإلغاء المئات منها.. وانتهت الولاية الرئاسية السابقة وظل الملف مفتوحاً.
سيدى الرئيس: «الجبهة المدنية» فى مصر التى تحمى القانون والدستور، وتحترم حرية العقيدة والتنوع والتفرد، وتعلى قيم العلم والعمل والتطور والإبداع.. هذه الجبهة غير ممولة ولا تتلقى الدعم بالمليارات، وهى غير منظمة فلا تشكل حزباً أو جمعية، وهى مطاردة دائماً من «الإسلام السياسى» الذى جئت حاكماً للبلاد بعد ثورة الإطاحة به 30 يونيو.. ولن نعيش بالقطع تحت غطاء واحد هو «لجنة العفو الرئاسى» إذا ما فقدنا حريتنا.
أنا أتفق تماماً مع رؤية الرئيس «السيسى» فى مطالبته الدائمة لقوى المجتمع المختلفة بإعادة فهم المعتقد ونشر الوعى الدينى.. أتفق مع كل حرف نطق به فخامته حين دعا للحوار الدينى.. مع مطالبته للفنانين والمبدعين والمفكرين بالمشاركة فى الإصلاح الدينى.. بنص كلام السيد الرئيس: «لازم نعمل الحوار الدينى.. سواء الإسلام أو المسيحية.. كلنا مواطنون وكل واحد بعقيدته.. حتى اللى بيقول مفيش.. هو أنا هخاف حد يقول كده فحد يروح معاه.. ربنا قال هتيجى ناس تقول مفيش».. هل الجبهة المدنية فى القلب من هذا الحوار؟.. هل اللادينى مدعو للحوار أم لتطبيق حد الردة؟
لقد كتبت من قبل -هنا فى جريدة «الوطن»- أن «كل ما أتمناه أن يدعو المؤتمر كل الأطياف العقائدية على اختلافها وتنوعها، شريطة أن يتقدم الرئيس بشخصه النبيل بـ«ورقة عمل» للمؤتمر تبلور أفكاره ورؤاه ويصوغها أحد معاونيه، وتكون هى بوصلة المناقشات والتى تحدد الأهداف.. هكذا نصل سريعاً، بدلاً من مكلمة بلا جدوى.. فأنا أثق فى أن الرئيس «وحده» يدرك أبعاد الثورة الدينية المنشودة وخطوات تحقيقها «بأسلوبه الرصين».. كل المطلوب تنفيذ تصريحاته ورؤيته للإصلاح الدينى، التى تعهّد بها أمام ملايين الشعب المصرى.
سيادة الرئيس: نحن بحاجة إلى تشكيل «مجلس قومى للتنوير» يضم نخبة من خيرة العقول المصرية.. فالدعاة بحاجة إلى تثقيف ووعى، بحاجة إلى «اجتهاد» وتنقية للتراث المفخخ بالجهل والتغييب.. بحاجة إلى التفكير بنفس العقلية والرؤية التى تطرحونها.. وليس بشن الحرب المقدسة على «المختلف عنا».. والتيار المدنى وأنصار الحرية هما صمام الأمان للوطن.
سيدى الرئيس: دمتَ لمصر.