توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عبقرية الهوية المصرية

  مصر اليوم -

عبقرية الهوية المصرية

بقلم - سحر الجعارة

تناول الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى كلمته، بقمة جدة للأمن والتنمية 2022، القضايا الدولية والعالمية، وكعادته يحمل «الهم العربى» ويخاطب العالم، فى حضور الرئيس الأمريكى «جو بايدن» بحل قضية «فلسطين» على أساس الدولتين.. وربما نحتاج إلى مناقشة مستفيضة حول كل محور تناوله الرئيس من الأمن العربى إلى مكافحة الإرهاب إلى الأمن المائى، لكننى سوف أتوقف -هنا- أمام استراتيجية بناء المجتمعات من الداخل وتعزيز دور الوطنية «ذات الهوية الجامعة».

(إن بناء المجتمعات من الداخل يتطلب دعم ركائز مؤسساتها الدستورية وتطوير ما لديها من قدرات وكوادر وإمكانات ذاتية؛ لتضطلع بمهامها فى إرساء دعائم الحكم الرشيد وتحقيق الأمن، وإنفاذ القانون، ومواجهة القوى الخارجة عنه، وتوفير المناخ الداعم للحقوق والحريات الأساسية، وتمكين المرأة والشباب، وتدعيم دور المجتمع المدنى كشريك فى عملية التنمية، وكذلك دور المؤسسات والقيادات الدينية لنشر ثقافة الاعتدال والتسامح، بما يضمن التمتّع بالحق فى حرية الدين والمعتقد).. هذه الفقرة من كلام الرئيس لا تستثنى فئة أو طبقة اجتماعية أو جماعة دينية إلا وتنصهر فى بلورة «الهوية الجامعة».

وتكاد تلك الفقرة أن تلخص الحقوق والواجبات المنصوص عليها فى الدستور.. إنها أجندة عمل لبناء المجتمعات من الداخل: (على أسس الديمقراطية والمواطنة والمساواة واحترام حقوق الإنسان، ونبذ الأيديولوجيات الطائفية والمتطرفة، وإعلاء مفهوم المصلحة الوطنية).

سوف تلاحظ أن الرئيس لم يختزل «هوية مصر» فى كونها دولة إسلامية أو قبطية أو فرعونية أو شرق أوسطية أو حتى عربية.. فهذه المدخلات وغيرها تشكل مجموعة من الطبقات الحضارية التى شكلت لنا فى المحصلة النهائية لوحة الفسيفساء المتجانسة، نتحدث عن طبقات حضارية تبدأ بالفرعونية ثم اليونانية والرومانية ثم القبطية وأخيراً الإسلامية أو العربية، تفاعلت مع بعضها البعض، ولم تصطبغ بها الهوية المصرية، بل دمجتها فى عملية تمصير لكل الطبقات الحضارية.

عناصر الهوية المصرية المختلفة ومكونات الشخصية المصرية جعلت من مصر «الرقم الصعب» فى الشرق الأوسط بل والعالم، فقادت حركات التحرّر الوطنى فى ثورة يوليو 52، وقفت ضد عملية سلفنة البلاد، وحين سطت جماعة «الإخوان» الإرهابية على الحكم وسعت لأخونة البلاد وتغيير هويتها «دافعت مصر عن ذاتها».. لتبقى دولة ذات «سيادة» على أرضها ولها نظام حكم يستمد شرعيته من الإرادة الشعبية.

الدول ليس لها دين، بل لها دستور.. واستيلاء جماعة إرهابية على الحكم لا يعنى سقوطها، فمن الممكن أن تنهض ثانية وتتطهر من دنس الإرهاب.. وفى قاموس الدول العصرية: (لا مكان لمفهوم الميليشيات والمرتزقة وعصابات السلاح فى المنطقة).

إن أخطر ما يواجهه العالم أجمع هو بؤر الإرهاب التى تعمل على إسقاط الدول بإفشالها، وبالصرعات الدينية والعرقية والمذهبية.. رأينا ما قامت به «داعش» فى سوريا وفى ليبيا.. وبالتالى غير مسموح لأى جماعة بأن تتحول إلى «الفكر الطائفى» وتخرج عن أهم دعائم الحكم الرشيد وهو «إنفاذ القانون».

كذلك على كل التيارات الدينية بتنوعها واختلافها ومؤسساتها ألا تحول الاختلاف إلى «صدام».. ولهذا حدّد الرئيس «السيسى» دور المؤسسات والقيادات الدينية فى (نشر ثقافة الاعتدال والتسامح بما يضمن التمتع بالحق فى حرية الدين والمعتقد).. فمناخ التكفير والاضطهاد الذى حاول «الإخوان» تكريسه فى المجتمع لن يُسمح به.. وعلينا جميعاً «نبذ الأيديولوجيات الطائفية والمتطرفة» لتعود مصر كما كانت «متسامحة».

كل عبارة قالها الرئيس يمكن أن نُحللها فى عدة مقالات.. لكن فى محفل عالمى تبقى «خصوصية مصر» حاضرة، لأنها العنصر الذى يعطيها القدرة على مواجهة التحديات العالمية (الإرهاب، كورونا، الحرب الروسية - الأوكرانية).. وأن تحافظ على مكانتها فى إدارة عملية السلام فى الشرق الأوسط، وقدرتها الذاتية على احتواء آثار الإصلاح الاقتصادى واستكمال مسيرة التنمية وجلب الاستثمار.

مصر القوية لم تتحول إلى مركز إيواء للعائدين من أفغانستان، وهنا تتجلى الشخصية المصرية التى ترفض أن ترتدى العمامة أو تغرق فى حرائق المولوتوف.

مصر صاحبة الحضارة العريقة تتجسّد فى احترام العالم لحاكمها.. من فهمه العميق للتحديات الآنية والمحتملة.. وقدرته على صياغة الحلول الحاسمة لمختلف الصراعات: الهوية المصرية تبدأ بالإنسان.. وتتحدث عن نفسها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبقرية الهوية المصرية عبقرية الهوية المصرية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon