توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدين يجعلك أكثر إنسانية

  مصر اليوم -

الدين يجعلك أكثر إنسانية

بقلم - سحر الجعارة

عندما دعا الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون»، قبل عامين، لمحاربة «النزعة الإسلامية الراديكالية» الساعية إلى «إقامة نظام موازٍ» فى فرنسا.. كنا أولى الناس بفهم التدابير التى اتخذها ليحول دون ذلك.. مثل فرض إشراف مشدد على المدارس الخاصة الدينية: المدارس يجب أن «تدرب مواطنين وليس مؤمنين»!.

هذا ما يفهمه الغرب الآن بعد موجات متعاقبة من الإرهاب.. فالصورة الذهنية التى تشكلت لدى المواطن فى الغرب عن العرب المسلمين مكتسبة من شبح «أسامة بن لادن»، من أحداث 11 سبتمبر 2001 وانهيار مركز التجارة العالمى، مهما قلت إنها «مؤامرة استخباراتية» لشن الحرب الكونية على الإرهاب كمظلة لإسقاط الأنظمة العربية تحتها.. فالمواطن هناك تعامى عما جرى فى سجن «أبوغريب» وسقوط بغداد فى 2003، ولم ير إلا صور جثامين الجنود العائدة من حرب مفتوحة تفرقت فيها دماء العرب بين كهوف أفغانستان وبغداد.

«الهجوم على سلمان رشدى اعتداء على المجتمع الليبرالى ذاته».. هذا العنوان لصحيفة «الديلى تلجراف» البريطانية، يوضح لنا أن القضية ليست «كفر أو إيمان»، بل هى قضية الحرية بمفهومها الواسع وتعزيز قيم التحرر والمساواة وترسيخ قيم العلمانية فى التعليم والحياة العامة.

المفترض أننا من أكثر الدول التى عانت من تيار «الإسلام السياسى»، صحيح أننا لم نصل إلى حد الاقتتال مثل ما حدث فى شوارع «الرقة»، لكننا عشنا عاماً تحت حكم «الإخوان» نقاوم الفاشية الدينية ونتعرض لهجمات ميليشيات «المغير».. وبعد أن نجونا لم نرفع لافتة «العلمانية هى الحل»، لم نكرس آليات التحرر من الخطاب الرجعى المتلحف بالدين، ولا فعلنا قيم المساواة والتحرر.. لا يزال المواطن المصرى يعتبر العلمانية مرادفاً للكفر (العلمانية تعنى فصل الدين عن الدولة)!.

ما قلته ليس دعوة لقبول «آيات شيطانية» ولا لقتل كاتبها كذلك.. إنها دعوة لإعمال العقل وطرح التساؤلات والبحث عن إجابات موضوعية: إذا كان العالم المتقدم لا يفكر فى حماية مقدساتنا الدينية، ولو على سبيل المجاملة، حدث هذا فى كاريكاتير «شارلى إيبدو» المسىء للرسول، عليه الصلاة والسلام: «المقدس» الذى تعبده ويحتل عقلك ليس مقدساً فى بلدان كثيرة، والمسكوت عنه فى وطنك مستباح ومعترف به فى أوطان أخرى.. أوطان لا تقتل إنساناً بجريمة رسم ترى «أنت» أنه مسىء.. نعم أتحدث عن أمريكا والغرب الكافر.. فهناك تكون الحرية أحياناً هى «الحقيقة»، وأحياناً تكون «وجهة نظر».. قطعاً أنت لا تصدق أن الأديان الإبراهيمية تحتمل أن تكون «وجهة نظر»، ولا أن الرسل يمكن المساس بقدسيتهم، ولا الروح ولا الخالق مجال للمناقشة.. هم لا يضعون دساتيرهم وقوانينهم على مقاس «مقدساتك»، بل بحسب مقاييس علمية تخضع للعقل وحده.

لا تتخيل أنهم فى المقابل يحمون مقدساتهم، خلال 2016-2017 قدم النجم الأمريكى الشهير «مورجان فريمان» سلسلة أفلام وثائقية حول المفاهيم الأساسية والوجودية لأكبر الأديان على سطح الأرض، مركزاً على السماوية منها (الإسلامية، والمسيحية، واليهودية)، إلى جانب استعراضه لمفاهيم دينية تاريخية تعود إلى مصر القديمة والهندوس والبوذية.. وعُرض على محطة «ناشيونال جيوجرافيك».. نعم تستطيع أن تطرح أسئلة حول ماهية الروح، كيف ترى معظم الأديان الحياة بعد الموت؟ وما فكرة الحضارات المختلفة عن الخلق؟.. تستطيع أن تسأل من هو الله؟ كيف تستدل على وجوده؟.. إلى آخر الأسئلة الوجودية.. دون أن تُعتقل أو تُعلق على المشنقة.. هذه هى «الحرية» كما يؤمنون بها ويمارسونها.

فى أمريكا والغرب «بلاد الكفار» لا توجد تهمة تسمى ازدراء الذات الإلهية ولا الأديان، ولا يوجد عندهم كتائب «حسبة دينية».. واعتراضك على قواعدهم ونمط حياتهم يدخلك فوراً دائرة «الإسلاموفوبيا».. لو تصورت أن هذا «اضطهاد للمسلمين»، فتذكر أن أمريكا (ذات الأغلبية المسيحية) نشرت فى عام 2003 رواية «شفرة دافينشى»، وهى رواية تتناول علاقة السيد المسيح «عليه السلام» بـ«مريم المجدلية».. وفى عام 2006 تحولت الرواية إلى فيلم روائى أمريكى.

الآن، العالم ليس ملزماً بالدفاع عن مقدساتك، ولن يقبل عبارات من عينة: الإرهاب لا دين له، والفكر لا يقابل إلا بالفكر.. عليك الآن أن تنقى تراثك الدينى من كراهية الآخر والقتل «الجهاد» وسبى النساء وأكل لحم الأسير والاستعلاء الدينى ووصم الآخرين: خذ من الدين ما يجعلك أكثر إنسانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدين يجعلك أكثر إنسانية الدين يجعلك أكثر إنسانية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon