ثلاثة مشاهد استوقفتنى فى قضية اختفاء الصحفى السعودى «جمال جمال»، فى مدينة إسطنبول التركية، بعدما دخل مبنى السفارة السعودية.
الأول: هو حملة الشائعات التى تقودها وسائل إعلام قطرية وتركية، تحاول الاستغلال السياسى للحادثة عبر اتهامات مفبركة وسيناريوهات مختلقة.. خطف، واستجواب، وقتل، وتقطيع.. وكلها تسعى لتشويه السعودية.. لكن الحقيقة الوحيدة فى هذه الحملة برمتها، هى: أن هناك مواطناً سعودياً يُدعى «جمال خاشقجى» متغيب ومختفٍ، وأن هناك تحقيقاً يسير، يشارك فيه فريق أمنى سعودى بالتعاون مع الفريق التركى.
والحقيقة الأخرى أن ما يحدث هو «مؤامرة طبيعية» من دول فرضت عليها مصر ودول الخليج المقاطعة العربية، وفضحتها أمام العالم، وكشفت ألاعيب وسائل إعلامها الكاذب المضلل.. وهنا يجب أن نعترف بوجود «خصومة» بين طرفين، تقع السعودية فى جانب منهما وتقود قطر الجانب الآخر.. وأن نعترف أيضاً بأن «خاشقجى» لم يكن ملاكاً، بل كان إخوانياً معادياً لمصر، وكارهاً لكل ما هو عربى، وأن دماءه تقطر حقداً وغلاً ضدنا.
المشهد الثانى: هو خدعة الساعة «الآبل ووتش»، التى روّجت لها صحيفة «صباح» التركية، حيث ادعت أن ساعة «آبل ووتش»، التى كان يرتديها «خاشقجى» سجلت مقاطع صوتية للحظات التحقيق معه وتعذيبه وقتله داخل القنصلية السعودية، وأرسلتها إلى هاتفه الجوال الذى كان بحوزة خطيبته «خديجة»، التى كانت تنتظره خارج القنصلية، بحسب زعمها.
إلا أن مختصاً فى شركة «آبل» نسف هذا السيناريو جملة وتفصيلاً، حيث نفى لشبكة «سى إن إن CNN» الأمريكية هذه المزاعم، مؤكداً عدم امتلاك ساعة «آبل» لخاصية تسجيل وإرسال المقاطع الصوتية، إضافة إلى عدم امتلاكها خاصية الفتح عن طريق البصمة.. إلا أننا اكتشفنا فى قلب التحقّق من الخدعة أن الهاتف المحمول «آى فون» وحده قد يفعل ذلك حتى وهو مغلق.. صحيح أن معظم من يعملون بالإعلام يعرفون هذا الأمر.. ولكن الجديد أنه يمكن مراقبتك عبر الحدود من خلال خاصية «التجوال»!!.
المشهد الثالث: بدأ مع أزمة اختفاء الكاتب السعودى «جمال خاشقجى»، فى الثانى من أكتوبر فى إسطنبول، حيث برز اسم خديجة جنكيز (25 عاماً)، ، الخطيبة المزعومة التى كانت بانتظاره خارج مبنى القنصلية السعودية.. وهى ناشطة فى مناصرة جماعة الإخوان المسلمين ودعم السياسات القطرية، مقابل عدائها للدول العربية التى تكافح كل جماعات الإسلام السياسى، وهو ما برز من خلال مشاركتها فى وسم «إيقاف سلمان العودة»!.
وبغض النظر عن فارق السن الكبير بن «خاشقجى»، و«خديجة»، الذى يجعل الزيجة مجرد صفقة يعلن بها «خاشقجى» ولاءه لتركيا وإيران.. فقد أوضحت «تورجوت أوغلو»، رئيس تحرير صحيفة «الزمان» التركية المعارضة، فى حديث مع «العربية.نت»، أن «خديجة» أداة تم استغلالها من قبل الخط الإيرانى فى حزب «العدالة والتنمية»، وهو ما يتضح فى إعجابها بالنظام الإيرانى، فبحسب تغريدة لها فى 10 ديسمبر 2017 قالت: «أنا كنت أستغرب لماذا دول عربية أو غير عربية تقترب من إيران، بدلاً من السعودية، وفهمت بعد حصار قطر، أن عدواً عاقلاً أفضل من صديق جاهل»!.
كذلك، فباقى تغريداتها تعارض «عاصفة الحزم»، وتناصر جماعة «الحوثى» بعد انقلابهم على الشرعية فى اليمن، بدعم مالى وتسليح من قبل النظام الإيرانى.. ومن خلال تصفح حسابها عبر موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، تتضح علاقات خديجة مع عدد من المسئولين القطريين ومذيعى قناة «الجزيرة»، بما فى ذلك تواصلها مع نائب رئيس الوزراء القطرى «حمد الكوارى» (!!).
وأخيراً خرجت الزوجة الأولى لـ«خاشقجى»، الدكتورة «آلاء نصيف»، عن صمتها لتقول لـ«العربية.نت» عن «خديجة»: أنا لم أسمع بهذا الاسم مسبقاً، ولا يعلم بها أهله ولا ابنه «عبدالله»، الذى كان معه فى تركيا لمدة أسبوعين قبل اختفائه.. ثم أبدت «نصيف» استغرابها من بقاء أجهزة «جمال» مع «خديجة»، كما استغربت من أن حسابات الصحفى الشخصية على وسائل التواصل ما زالت متوافرة، و«يُحذف منها ويُتلاعب فيها»!!.
تستطيع -إذن- أن تلخص أساليب الحرب المعلنة على السعودية الآن، بتحديد اللاعبين بخيوط الماريونيت: (قطر وتركيا وإيران).. وأن تفهم آليات تشويه الدول والشخصيات السياسية بحادث اختفاء لشخصية معارضة لم تتبين خيوطه حتى الآن باستخدام الفضائيات التركية والموالية للإخوان، والتكنولوجيا: «ساعة آبل»، ووسائل التواصل الاجتماعى التى تنشط عليها «خديجة».. ثم إلقاء «شخصية مجهولة» هى «خديجة» تفتعل رابطة وثيقة هى «الخطوبة»، لتكذب كما تشاء!!.
الآن، لاحظ أنك فى «تركيا»، التى قام فيها الديكتاتور «أردوغان» بتصفية كل معارضيه بالقتل أو السجن أو الإخفاء القسرى، بعد تمثيلية «الانقلاب الفاشل»، وأنه قد قبل رشوة «تميم»، وهى طائرة لا يقل ثمنها عن 400 مليون دولار، رغم انهيار الليرة التركية، ومطالبة «أردوغان» للأتراك بالتقشف.. فأنت فى البلد المثالى للتأجير من الباطن لأى «مقامر»، مثل «تميم».. ليس لدىّ أحكام قاطعة ضد أحد، ولكن قراءة المشهد بتأنٍّ تؤكد أننا أمام مؤامرة سياسية تضع السعودية فى خانة الدفاع عن النفس.. وهى مؤامرة حدثت من قبل، وتعرضت لها مصر وقابلة للتكرار ضد أى دولة.. لكننا أحياناً نلعن مَن يتبنى «عقلية المؤامرة» رغم أنها تترجم تاريخ العرب والمسلمين!.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع