بقلم : سحر الجعارة
لم تعتَد الجماعة الصحفية تقرير مصيرها، بعيدا عن «الجمعية العمومية»، فقانون تنظيم الصحافة، بصيغته الأخيرة لم يعرض على نقابة الصحفيين وهو ما يخالف نص المادة 77 من الدستور التى نصت على أن: (يؤخذ رأى النقابات المهنية فى مشروعات القوانين المتعلقة بها). ومع حالة الغضب المكتوم بين الصحفيين، وانتهاء قسم التشريع بمجلس الدولة، من مراجعة قانون تنظيم الصحافة والإعلام، وتأكيدها على وجود ست مواد بها «عوار دستورى وانتهاك لحرية المهنة»، جاءت استقالة الزميل أبوالسعود محمد من عضوية مجلس النقابة، احتجاجًا على قانون تنظيم الصحافة، كما لوّح عدد من أعضاء المجلس بالاستقالة، أكد «عبدالمحسن سلامة»، نقيب الصحفيين، أن مجلس النقابة سيحدد موعدًا هذا الأسبوع لعقد اجتماع طارئ.. ورغم أهمية هذه الخطوة، فلا بد من دعوة «الجمعية العمومية» كاملة للانعقاد، للدفاع عن «الصحافة» التى تعامل معها القانون باعتبارها «وظيفة» وليست عملا فكريا وإبداعيا وثقافيا يحتاج لمناخ من الحرية! فالمادة 39 تقتل «آلية الانتخاب» لإدارة المؤسسات بديمقراطية، والكارثة أن تدار المؤسسات الصحفية القومية بعناصر من خارجها، بتقليل عدد المنتخبين ورفع عدد المعينين من خارج المؤسسات.. لتهيمن الهيئة الوطنية للصحافة عليها، بل تحصل لنفسها أيضا على 1% من إيرادات المؤسسة وليس أرباحها، ويصبح رئيس الهيئة هو رئيس الجمعية العمومية فى جميع المؤسسات.. وكان الأسهل من وضع مؤسسات الدولة فى قبضة شخص واحد ضمها جميعا أو طرحها للخصخصة.
كما تجاهل القانون حقوق الصحفى من «المد الوجوبى» لسن المعاش للصحفيين إلى 65 عاما إلى مكافأة نهاية الخدمة للصحفيين.
الصادم أكثر فى القانون المادتان ٤ و٥ فهما تصادران الحريات الصحفية بكلمات فضفاضة من نوعية: (بث الكراهية والتحريض وتهديد الديمقراطية والمواد الإباحية).. أما المادة ٢٩ فقد أعادت «الحبس الاحتياطى» فى قضايا النشر بعد أن تم إلغاؤه من القانون.. بدلا من تنقية القوانين من المواد السالبة للحريات ليتسق مع الدستور الذى كفل حرية الفكر والرأى والتعبير!
الغريب فى القانون هو الاعتداء على «الحرية الشخصية» للصحفى، فقد منح القانون فى المادة ١٩ للمجلس الأعلى للإعلام الحق فى مراقبة وحجب ووقف «الحسابات الشخصية» على مواقع التواصل الاجتماعى التى يزيد عدد متابعيها على خمسة آلاف شخص.. رغم أن بعض الصحفيين يزيد عدد متابعيهم على المليون على موقع «تويتر».. وكلها مواقع عالمية ليس للقانون المصرى سلطة عليها، إلا إذا قرر غلق الموقع بأكمله كما فعلت «الصين».. فإذا أضفت لهذه المادة ألفاظا مثل «بث الكراهية والمواد الإباحية».. نقع فى حلقة مفرغة من القمع ومصادرة الحريات. ليس عارا أن ندخل فى «حوار مجتمعى» حول النقاط الخلافية فى قانون ينظم مهنة كانت تمثل «السلطة الرابعة».. ولكن المؤسف أن يعمل الصحفى «تحت التهديد»، ثم يضطر فى النهاية إلى الطعن على القانون أمام المحكمة الدستورية العليا.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع