توقيت القاهرة المحلي 22:46:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

موقعة فتح المساجد

  مصر اليوم -

موقعة فتح المساجد

بقلم : سحر الجعارة

كنت شابة فى العشرين حين طفت لأول مرة بالكعبة المشرفة، تقبض أمى على كفى الصغيرة ويحتضننا أبى، أنا وأختى، ما زلت أتذكر التفاصيل بدقة: القلب الذى يقفز من بين ضلوعى فرحًا، الدموع التى تنساب على وجنتى خشوعًا، صوت دعاء أمى وأنا أردد خلفها، التزاحم الرهيب عند «الحجر الأسود» وتدافع النساء للصلاة فى «الروضة الشريفة»، فى مساحة ضيقة زمنيًّا ومكانيًّا.. كانت المرة الأولى التى أشعر فيها بتمييز الرجال عن النساء حتى فى أماكن العبادة!. كنت أود أن أسترسل فى حديث روحانى، لكن الضرورة تفرض نفسها، ففى زيارتى الأولى للسعودية كانت أعمال توسعة الحرمين الشريفين تجرى على قدم وساق، وحين عدت، بعد حوالى عشر سنوات لأداء العمرة، كان فى غرفة الفندق كتاب عن أعمال التوسعة التى تحولت معها مكة المكرمة بالكامل إلى حرم للكعبة، وهو ما تكرر فى المدينة المنورة القديمة التى دخلت بكاملها فى الحرم النبوى ليتسع للمصلين.. لقد رأيت- فى رحلتى الأولى- عملية تفجير الجبال المحيطة بالحرمين.. وعدت فلم أجد الفنادق التى سكنتها قبل عشر سنوات. التحم سور «البقيع» بالحرم النبوى- بعدما كنا نركب تاكسى للوصول إليه- وأصبح الفندق الشهير المتاخم للكعبة تقام الصلاة بداخله ضمن صلاة الجماعة التى تقام داخل الكعبة «فكل مكة حرم» بما فيها بالقطع قصر ضيوف المملكة العربية السعودية. هذه المقدمة لازمة لأنها تخص قبلة المسلمين وأشهر المقدسات الإسلامية، تلك التى سبقتنا فى تعليق صلاة الجمعة وإقامة صلاة التراويح فى رمضان.. وتعليق أداء العمرة بسبب تفشى الجائحة كورونا «كوفيد-19»، وقد تضطر السعودية لإلغاء فريضة الحج إذا استمر الوباء فى اغتياله للأرواح. فى السعودية لا يملك مخلوق أن يعترض على إجراءات الأمن المشددة، ولا التفتيش الذاتى للنساء عند دخول الحرم، خاصة بعد محاولة تفجير الحرم خلال موسم الحج 1989.. وبالتالى فحول الحرمين مئات الحراس والمنظمين، وهو تقليد متبع لحماية الحجاج فى كافة المشاعر المقدسة، وحين جاء شهر «رمضان» الكريم، قررت السلطات السعودية استمرار تعليق حضور المصلين لأداء الصلوات الخمس والتراويح، وقال مدير رئاسة الحرمين، الشيخ «عبدالرحمن السديس»، إنه سيتم إقامة صلاتى التراويح والتهجد فى الحرمين الشريفين، على أن يقتصر ذلك على موظفى رئاسة الحرمين والعمال، لافتا إلى أن هناك مقترحا لاختصارها إلى خمس تسليمات (أى 10 ركعات). ومع تداول صور الصلاة فى الكعبة نشطت جماعة «الإخوان» الإرهابية لتحث الناس فى حملة إلكترونية ممنهجة، على مواقع التواصل الاجتماعى، للمطالبة بإقالة وزير الأوقاف، الدكتور «محمد مختار جمعة».. واشتعلت مختلف وسائل الإعلام بجدل حول فتح المساجد للأئمة فقط لإقامة صلاة التراويح دون المصلين، وهى الأزمة التى انتهت بإقاله الدكتور «أحمد القاضى» المتحدث الرسمى للأوقاف. كانت أذرع الإخوان فى إشعال «فتنة التراويح» واضحة، لكن البعض انشغل بالشق الروحانى، وأسقط من حساباته أن الوطن مهدد بتنظيم إرهابى يحترف تسييس الدين.. وسوف تجد على صفحاتهم- حتى كتابة المقال- شائعات مغرضة حول السماح بصلاة التراويح لتأجيج مشاعر الغضب، وستلاحظ بسهولة أن وزير الأوقاف المصرى هدف لتلك الحملات التى تتعمد تشويه صورته. لكن الأغرب من ذلك أن تجد داعية شهيرا يطالب بنفس المطالب ويتبناها، علمًا بأن السيناريو المرسوم هو «فتح المساجد» ليحدث هجوم من العناصر الإخوانية النائمة والسلفيين المتعاطفين معهم، فإذا صدهم الأمن وهذا أمر طبيعى حتى لا يتحول التجمع إلى كارثة صحية، تقدم لنا آلاف المصابين بفيروس كورونا، ساعتها ستكون كاميرات الموبايل جاهزة لتصوير المشهد وتشويه صورة مصر والادعاء بأنها تضطهد الإسلام والمسلمين!.

وهو نفس ما حدث فى الإسكندرية حيث تجمهر بعض أهالى منطقة «محرم بك»، للاحتفال بشهر رمضان حاملين مجسمًا للكعبة المشرفة، دون أن يلتزم المشاركون، بالاحتفالية التى تنظم كل عام، بمواعيد الحظر والإجراءات الوقائية لمكافحة انتشار «كورونا».

لقد أصبحت مشاهد التظاهر ضد «كورونا»، والتريندات المفبركة لإحراج الحكومة، مشاهد مخجلة تظهرنا فى هيئة شعب من المجاذيب الجهلاء.. وللأسف فإن من نتسامح معهم تحت حجة «الجهل» أصبحوا أداة طيعة فى يد أعداء الوطن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موقعة فتح المساجد موقعة فتح المساجد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon