توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«البنزين وسنينه»

  مصر اليوم -

«البنزين وسنينه»

بقلم-سحر الجعارة

قطعاً لا يمكن أن تقول لمواطن راتبه لا يتجاوز 1500 جنيه إن عليه أن يسكن (غالباً إيجار جديد)، وأن يأكل ويشرب ويركب مواصلات ويتزوج، ويربّى أولاده (بدون نادٍ أو ترفيه أو مصيف أو كساء للصيف والشتاء)، دون أن يختلس أو يرتشى، دون أن يغضب أو يتذمر من إجراءات الإصلاح الاقتصادى، التى أصبح يسدد فاتورتها من لحمه الحى!.

لا يمكن أن تتهمه بـ«الكسل»، لأنه بيركب «توك توك» بجنيه، وأنت لا تلوم الحكومة التى تمتنع عن ترخيص التوك توك أو منعه، لأن هذا المواطن الذى سقط إلى ما دون «خط الفقر» بسبب زلزال الغلاء وتوابعه، لا يستوعب أن الحكومة حين وقّعت على قرض «صندوق النقد الدولى»، بقيمة 12 مليار جنيه، ارتبطت بشروط الصندوق، وأولها تحرير سعر الصرف، ورفع الدعم عن الوقود والمنتجات البترولية.. ولا تملك أن تتراجع مهما كانت حدة الغضب الشعبى!.

المواطن البسيط ليس مثقفاً بما يسمح له بفهم العمليات الاقتصادية المركبة، ولكن له عيون وآذان، يسمع ويراقب، يرى أن «الإنفاق الحكومى» لم يتم تخفيضه جنيهاً واحداً، وأن رواتب ومعاشات السادة الوزراء وافق «مجلس النواب» على زيادتها فوراً.. وأن مرتبه الهزيل، الذى انخفضت قيمة جنيهاته القليلة لا يزال على حاله.. وأنه ليس هدفاً لـ«حزمة الحماية الاجتماعية»، التى تستهدف «الفئات الأَوْلى بالرعاية» وأصحاب المعاشات.. وأن مظلة الحماية الصحية لم تتوفر له.. وأنه -تقريباً- خارج حسابات الحكومة التى تسعى للأخذ بيد المهمّشين وسكان العشوائيات وانتشالهم من بئر الفقر، التى سقط هو فيها!.

هذا المواطن ليس لديه سيارة يهدر «المياه» بغسلها، ولا حديقة يرويها، لكنه يرى أن «مصر الغنية» مليئة بالسيارات الفارهة التى يتجاوز سعر إحداها المليون جنيه، ويعلم جيداً أن بعض ملّاكها منهم مَن تهرب من الضرائب، وبينهم مَن نهب أراضى الدولة.. لكنه لا يدرك أن استرداد تلك الأراضى أو دفع فروق الأسعار بالتصالح ودفع الضرائب المتنازع عليه، قد يوفر للدولة موارد تُسهم فى حل الأزمة الاقتصادية.

فى حفل إفطار الأسرة المصرية، قال الرئيس عبدالفتاح السيسى: إن مصر لن تعيش على التبرعات (فلا توجد دولة تنفق على دولة).. وهذه المقولة تنطبق أيضاً على الشعب (فلا توجد أسرة تنفق على أسرة)!.

وبالتالى على الحكومة (التى ترى فى رواتب موظفيها عبئاً لا تطيقه)، أن تعيد النظر فى ملايين الأسر التى تتراوح مرتبات عائلها ما بين ألف وألفى جنيه (نحو مائة دولار).. وأن تفتش عن أباطرة ما يسمى بـ«الاقتصاد السرى» ممن لا يسددون ضرائب، ولا يخضعون للقانون (الدروس الخصوصية نموذجاً)، فإما أن تقنن أوضاعهم ليدخلوا تحت طائلة القانون، أو تحاسبهم.

أما مقولة «جشع التجار» فقد أصبحت دليلاً على عجز القانون، بل وعجز الحكومة عن ضبط الأسعار وضبط الشارع المصرى، وهو أمر لم يعد مقبولاً.. فالحكومة تعرف جيداً آليات تخزين البضائع ورفع الأسعار.. وتترك الناس فريسة لمن يتفنن فى سرقتهم علناً بزعم أننا فى «سوق حرة» تخضع للعرض والطلب.. ربما لهذا لم يعد فى مقدور «الموظف» أن يحصل على ساندويتش «فول» من كثرة الطلب عليه.

رغم أن ما سبق كله لا يُعفى «المواطن» من مسئولية «سفه الاستهلاك»، وحمّى الشراء التى تجعله يشترى أشياء قد لا يحتاجها، علاوة على بعض المرضى بـ«الفشخرة».. والاستدانة لشراء «موبايل» بالقسط، ورمى «العيش المدعوم» فى صفيحة القمامة، والذهاب كل عام للحج والعمرة من باب «الوجاهة الاجتماعية».. لكن هؤلاء أقلية، بينما الأغلبية لا تزال تحسب فواتير: (الإيجار والكهرباء والمياه والتليفون والإنترنت).. قبل الطعام والتعليم والعلاج!.

نظرة يا حكومة.

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«البنزين وسنينه» «البنزين وسنينه»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon