توقيت القاهرة المحلي 20:12:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«البنزين وسنينه»

  مصر اليوم -

«البنزين وسنينه»

بقلم-سحر الجعارة

قطعاً لا يمكن أن تقول لمواطن راتبه لا يتجاوز 1500 جنيه إن عليه أن يسكن (غالباً إيجار جديد)، وأن يأكل ويشرب ويركب مواصلات ويتزوج، ويربّى أولاده (بدون نادٍ أو ترفيه أو مصيف أو كساء للصيف والشتاء)، دون أن يختلس أو يرتشى، دون أن يغضب أو يتذمر من إجراءات الإصلاح الاقتصادى، التى أصبح يسدد فاتورتها من لحمه الحى!.

لا يمكن أن تتهمه بـ«الكسل»، لأنه بيركب «توك توك» بجنيه، وأنت لا تلوم الحكومة التى تمتنع عن ترخيص التوك توك أو منعه، لأن هذا المواطن الذى سقط إلى ما دون «خط الفقر» بسبب زلزال الغلاء وتوابعه، لا يستوعب أن الحكومة حين وقّعت على قرض «صندوق النقد الدولى»، بقيمة 12 مليار جنيه، ارتبطت بشروط الصندوق، وأولها تحرير سعر الصرف، ورفع الدعم عن الوقود والمنتجات البترولية.. ولا تملك أن تتراجع مهما كانت حدة الغضب الشعبى!.

المواطن البسيط ليس مثقفاً بما يسمح له بفهم العمليات الاقتصادية المركبة، ولكن له عيون وآذان، يسمع ويراقب، يرى أن «الإنفاق الحكومى» لم يتم تخفيضه جنيهاً واحداً، وأن رواتب ومعاشات السادة الوزراء وافق «مجلس النواب» على زيادتها فوراً.. وأن مرتبه الهزيل، الذى انخفضت قيمة جنيهاته القليلة لا يزال على حاله.. وأنه ليس هدفاً لـ«حزمة الحماية الاجتماعية»، التى تستهدف «الفئات الأَوْلى بالرعاية» وأصحاب المعاشات.. وأن مظلة الحماية الصحية لم تتوفر له.. وأنه -تقريباً- خارج حسابات الحكومة التى تسعى للأخذ بيد المهمّشين وسكان العشوائيات وانتشالهم من بئر الفقر، التى سقط هو فيها!.

هذا المواطن ليس لديه سيارة يهدر «المياه» بغسلها، ولا حديقة يرويها، لكنه يرى أن «مصر الغنية» مليئة بالسيارات الفارهة التى يتجاوز سعر إحداها المليون جنيه، ويعلم جيداً أن بعض ملّاكها منهم مَن تهرب من الضرائب، وبينهم مَن نهب أراضى الدولة.. لكنه لا يدرك أن استرداد تلك الأراضى أو دفع فروق الأسعار بالتصالح ودفع الضرائب المتنازع عليه، قد يوفر للدولة موارد تُسهم فى حل الأزمة الاقتصادية.

فى حفل إفطار الأسرة المصرية، قال الرئيس عبدالفتاح السيسى: إن مصر لن تعيش على التبرعات (فلا توجد دولة تنفق على دولة).. وهذه المقولة تنطبق أيضاً على الشعب (فلا توجد أسرة تنفق على أسرة)!.

وبالتالى على الحكومة (التى ترى فى رواتب موظفيها عبئاً لا تطيقه)، أن تعيد النظر فى ملايين الأسر التى تتراوح مرتبات عائلها ما بين ألف وألفى جنيه (نحو مائة دولار).. وأن تفتش عن أباطرة ما يسمى بـ«الاقتصاد السرى» ممن لا يسددون ضرائب، ولا يخضعون للقانون (الدروس الخصوصية نموذجاً)، فإما أن تقنن أوضاعهم ليدخلوا تحت طائلة القانون، أو تحاسبهم.

أما مقولة «جشع التجار» فقد أصبحت دليلاً على عجز القانون، بل وعجز الحكومة عن ضبط الأسعار وضبط الشارع المصرى، وهو أمر لم يعد مقبولاً.. فالحكومة تعرف جيداً آليات تخزين البضائع ورفع الأسعار.. وتترك الناس فريسة لمن يتفنن فى سرقتهم علناً بزعم أننا فى «سوق حرة» تخضع للعرض والطلب.. ربما لهذا لم يعد فى مقدور «الموظف» أن يحصل على ساندويتش «فول» من كثرة الطلب عليه.

رغم أن ما سبق كله لا يُعفى «المواطن» من مسئولية «سفه الاستهلاك»، وحمّى الشراء التى تجعله يشترى أشياء قد لا يحتاجها، علاوة على بعض المرضى بـ«الفشخرة».. والاستدانة لشراء «موبايل» بالقسط، ورمى «العيش المدعوم» فى صفيحة القمامة، والذهاب كل عام للحج والعمرة من باب «الوجاهة الاجتماعية».. لكن هؤلاء أقلية، بينما الأغلبية لا تزال تحسب فواتير: (الإيجار والكهرباء والمياه والتليفون والإنترنت).. قبل الطعام والتعليم والعلاج!.

نظرة يا حكومة.

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«البنزين وسنينه» «البنزين وسنينه»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon