أخاطب الشباب المنتمين أو المتعاطفين مع جماعة الإخوان «المسلمين» رغم أن الكثيرين منهم أثبتوا أنهم «إخوان» أكثر منهم «مسلمين»، ولكن هذه محاولة ربما تكون الأخيرة.
دعونى أفترض، لأغراض هذه المقالة وحتى أعرف أتخاطب معكم، أنكم ما زلتم راغبين فى أن تعيشوا فى هذا البلد كمواطنين كاملى الأهلية، ودعونى أفترض أنه لا يزال فيكم بعض الحكمة.
طيب ما هو المطلوب؟
هناك ثلاثة احتمالات لكل واحد منكم:
الاحتمال الأول أن «الجماعة» بالفعل تقف وراء ما تعيشه مصر من إرهاب ناتج عن هذا التطرف فى الفكر، وهذه النظرة الضيقة للسياسة التى تقوم على منطق إما أن نحكمكم أو نحرقكم، إما معنا أو ضدنا، رغم ادعاء «الجماعة»، الذى سقط بأنها «زاهدة فى السلطة» وأنها تريد «إصلاح الدنيا بالدين» وأنها «تحمل الخير لمصر».
إذا كان هذا التحليل صحيحاً، إذن لماذا تربط نفسك بجماعة بهذا الكم من العنف والغل والغيظ والغطرسة والغباء؟ هل أنت مقتنع أنك بهذا تخدم قضية دينية أو وطنية؟ هل أنت تصدق أن ارتباطك بجماعة تقتل الأبرياء يخدم أى قضية عادلة؟ ألا تعتقد أن دعمك لمثل هذه الجماعة يجعلك تخون الله ورسوله؟
هذه أسئلة مباشرة لك، عليك أن تفكر فيها.
الاحتمال الثانى أن جماعة الإخوان بريئة من هذا الإرهاب، لكنها جماعة «مغفلة» يقودها ناس مغفلون يُرتَكب باسمهم الإرهاب، وهى مثل «الأهبل» الذى يتم وضع الحشيش فى جيبه حتى «يشيل الليلة» و«يدفع فاتورة ما لم يُرتَكب من جرائم»، وهذا ما فعلته قيادات «الجماعة» والمتحالفون معهم، حين وقفوا على المنصة يتوعدون ويهددون، وكأن «الجماعة» قد أخذت البلد أسرى صناديق: صناديق الانتخابات أو صناديق الموت.
إذا كان هذا التحليل صحيحاً، ما الذى تفعله معهم؟ هل أنت مغفل تسعد بالسعادة وسط المغفلين، أهبل تستمتع بالحياة وسط هذا البله؟ تريد أن تدفع فاتورة ما لا ذنب لك فيه؟ تريد أن تسكن فى مساكن من ظلموا أنفسهم وضللوا قومهم؟
فكِّر قليلاً لأنك غالباً مضحوك عليك.
الاحتمال الثالث أن الجماعة بريئة من هذا الإرهاب وليست جماعة مغفلة ولكنها جماعة غشيمة دخلت معركة مع الدولة بكافة أجهزتها الأمنية والمخابراتية والإعلامية والتربوية والقضائية وقطاع واسع من المجتمع. هل ممكن لهذه الجماعة أن تنتصر على المجتمع وإخضاعه ثم إدارة شئونه؟ هل أنت غشيم مثلهم؟ ألم تدرس كيف عاد خالد بن الوليد من «مؤتة» بالجيش حين تيقن من هلكة القوم؟
إذا كان هذا التحليل صحيحاً، ما الذى تفعله معهم؟ هذه معركة، حتى لو كنت تراها عادلة، لكنها فى توقيت خاطئ وفى ظل ميزان قوى مختل بشدة. وبالتالى جهادكم المزعوم لن يفضى إلى نتائج إيجابية. أنتم، وفقاً لهذا الاحتمال الثالث، مجرد ورقة مناديل يستخدمها القيادات، يضحون بها ويرمونها بعد استخدامها لأنها بلا قيمة ولا وزن لها مثل كل أولئك الذين قضوا أثناء فض الاعتصامات أو المظاهرات، فى حين أن القيادات فرّت سواء إلى داخل مصر أو إلى خارجها، وبعد أن يقبض عليهم ينكرون كل ما كانوا يقولونه ويرفعونه من شعارات هوجاء وزائفة.
وسأروى لمن يعقل قصة شخص كان زميلاً لى فى كلية الاقتصاد بجامعة القاهرة، ولم يكن إرهابياً، ولكنه كان مخدوعاً فى الجماعات المتاجرة بالإسلام. بعد 20 سنة من تخرجى، عُينت معيداً ثم تزوجت وأنجبت، وحصلت على الماجستير ثم الدكتوراه ثم تدرجت أكاديمياً، بفضل الله وعونه، وفى زيارة لى إلى إحدى الجامعات الإقليمية، وجدت نفسى ألتقى بهذا الزميل لأكتشف أنه التحق بهذه الجامعة طالباً فيها لأنه قضى الجزء الأكبر من حياته إما هارباً أو مسجوناً حتى وصل إلى أن خرج من السجن ويبدأ حياته بعد أن بدأنا جميعاً حياتنا بعد 20 سنة.
«هل حققت يا فلان أحلامك وطموحاتك؟» كان هذا سؤالى له. وكانت إجابته وهو يملأه الحزن: «كل واحد بياخد نصيبه».
نحن نفر من قدر الله إلى قدر الله.
إلى الشباب، كل الشباب، أرجوكم، فروا إلى قدر الله، حيث أنتم لوطنكم أنفع، وللحياة أغنى، وللبناء أقدر. لا تكونوا أعواناً للإرهاب على الوطن. لا تكن إرهابياً أو أهبل أو غشيماً.
مقال قديم يحتاج إلى تجديد مع بدء عام دراسى جديد.