هناك عدة ملاحظات على حركة المحافظين الجديدة.
أولاً: تم استبعاد 9 لواءات وحل محلهم دكاترة ومهندسون فى محافظات الإسكندرية، والبحيرة، والأقصر، والغربية، والشرقية، وسوهاج، وأسيوط، والدقهلية، ودمياط. وليس سراً أن الرئيس عبدالفتاح السيسى طلب تعديل أسماء المحافظين وتقديم أسماء جديدة عدة، ثلاث مرات، لأنه يريد أن يعطى فرصة أكبر للمدنيين وللشباب.
ثانياً: من بين 17 محافظاً جديداً هناك ثلاثة فقط لواءات وهى المحافظات الحدودية الإسماعيلية وبورسعيد ومرسى مطروح التى تقتضى درجة عالية من التنسيق بين الأجهزة الأمنية المركزية ونظيرتها الحدودية.
ثالثاً: هناك 6 محافظين أعمارهم تتراوح ما بين 35 و45 سنة، وهى محافظات الإسكندرية، والبحيرة، والأقصر، والشرقية، والفيوم، والمنوفية، منهم محافظ الفيوم 38 سنة. وهذا يضع هؤلاء تحديداً فى مسئولية ضخمة واختبار جيلى (أى لجيلهم) وليس فقط اختباراً شخصياً.
رابعاً: هناك 7 محافظين أعمارهم تتراوح ما بين 53 و57 سنة وهذا يعنى أيضاً الانخفاض بالمتوسط العام للمحافظين، لأن المعتاد قبل ذلك أن يكون المتوسط العام أكثر من ذلك بعشر سنين على الأقل.
خامساً: تم تعيين 3 سيدات نواب لمحافظات رئيسية، وهى: القاهرة والجيزة والإسكندرية، وهذه خطوة مهمة لتصعيدهن لمنصب المحافظ مستقبلاً.
ما سبق كان جوهر تعليق كتبه الصديق الفيس بوكاوى محمد حسن، ثم أردف قائلاً: «متفائل بالتغييرات ومنتظر النتائج».
وآخر جملة هذه هى جوهر القضية.
على مستوى القرارات والإجراءات هناك تغيير نسميه فى تحليل السياسة العامة «output» ولكن الأهم هو نوعية الخدمة المقدمة للمواطنين (outcomes) ومدى وصولهم لها ورضاهم عنها. والفرق بين الاثنين كبير. ومصر مع الأسف مبتلاة بمرض سماه الفيلسوف فؤاد زكريا: «تسجيل المواقف وليس البحث عن حلول عملية للمشكلات» فنركز فى رفع الحرج عن أنفسنا بمنطق «التمثيل المشرف» ولا نهتم بالنتيجة (وهى تحقيق الهدف أو الانتصار على العدو مثلاً).
الفرق بين الـ«output» والـ«outcome» كالفرق بين من يركز على عدد السرائر فى المستشفى ومن يركز على عدد المرضى الذين تم علاجهم. نريد التركيز على الـ«outcome»، بل إن علوم الإدارة اخترعت فكرة «قياس الأثر» (Impact assessment) للتأكد من أن الغرض النهائى للمشروع أو القرار أو الفكرة أدت إلى ما هو مطلوب.
المحافظون الجدد، وبالذات الشباب منهم، أمام اختبار كبير وهو أن يغيروا طريقة تفكير الإدارة المصرية، وعليهم أن يتغلبوا على التحديات التقليدية الموروثة سواء بحكم القانون واللوائح التى تجعل من منصب المحافظ مجرد دور تنسيقى بين جهات متعددة، وعادة ذات اختصاصات متضاربة، أو بحكم نقص الاعتمادات المالية التى قد تتطلب منكم البحث عن وسائل غير تقليدية، ولكن قانونية، لتمويل المشروعات التنموية التى على أجندتكم.
وعلى الدولة، بل وعلى المجتمع المحلى، وعلى الإعلام أن يدعموا هذه التجربة الجديدة وأن يفعلوا كل ما يستطيعون من أجل إنجاح هذه التجربة.
نريد ناجحين.. انجحوا أبوس إديكم لأننا أدمنا الإخفاق. النجاح معد (من العدوى) وحين ينجح أحدنا يسجل سابقة تغرى الآخرين بالنجاح.
أختم بثلاث عبارات يمكن تساعد:
كتاب التقدم فى الكون اتكتب خلاص، المهم علينا إن إحنا نقراه بقى.
لن تكون هناك مصر جديدة، إلا بإنسان مصرى جديد.
لا تنشغلوا ببناء البنيان، وتنسوا بناء الإنسان.
شدوا حيلكم وربنا معاكم.