معتز بالله عبد الفتاح
أعلن تحيزى المبدئى لفكرة المشاركة فى الانتخابات وليس لفكرة المقاطعة ما دام هناك حد أدنى من ضمانات نزاهة الانتخابات وتقديمها بدائل حقيقية يمكن أن تغير مسار الأحداث فى المستقبل.
البعض، ممن لم يقرأوا تاريخ دول العالم التى مرت بما هو أصعب مما نحن فيه، قنعوا باليأس. مع أن النضال الحقيقى لم يبدأ بعد: النضال ضد الجهل والفقر والمرض والإرهاب والإنجاب بلا حساب.
أمس، استضفت سفير اليونان بالقاهرة فى برنامج «باختصار» ليروى الرجل ما الذى حدث فى بلاده التى بدأت تحولها الديمقراطى فى 1974 ثم كيف بدأت تخرج من معاناتها الاقتصادية هذا العام بعد خمس سنوات عجاف ارتفعت فيها نسبة البطالة من 10 بالمائة إلى 28 بالمائة. أفضل ما قاله الرجل أن الديمقراطية تقوم على عملية تعلم نكتسب فيها القيم والمهارات. وقال كذلك إن مصر التى عاش فيها منذ 2010 ليست أقل استعداداً للديمقراطية من غيرها ما دام المصريون مستعدين للتعلم وتصحيح أخطائهم عبر أساليب ديمقراطية سلمية. «وحياة كل غالى عندكم، صوّتوا فى الانتخابات»، كانت عبارة قالها السفير اليونانى، وأنا أوافقه تماماً.
عزيزى الناخب.. هذا يوم من أيام الوطن، يقتضى أن نفكر فيه بالكثير من العقل والقليل من العاطفة. الذهاب لصناديق الاقتراع كالذهاب إلى أداء واجب الدم دفاعاً عن الوطن وتحديداً لمصيره.
معلوماتى أن كل الجهود قد بذلت كى يكون يوم الانتخاب آمناً، وأن يكون التصويت حراً، وأن يكون العد والنتيجة نزيهة. تستطيع أن تتبنى المعانى الرمزية التى وردت فى أحاديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) حين علمنا أن نتبنى روح السفينة التى تقتضى منا ألا يفكر أحدنا بمنطق أنه يستطيع أن ينجو بمفرده وأن يترك الآخرين يخرقون قاع السفينة خرقاً غير آبهين بالصالح العام.
فهى سفينة واحدة لنا جميعاً، لا نسمح لأحد بأن يختطفها أو يخرقها أو يقفز منها؛ فحين تشرق الشمس فستشرق على الجميع. وعلينا أن نتذكر روح الفسيلة التى نحن مأمورون بزراعتها حتى ولو كانت القيامة بعد ساعة، فمسئولية الإصلاح دائمة ومستمرة حتى ولو لم نرَ عوائدها فى حياتنا.
سواء كنت من أنصار ثورة 25 يناير أو أنصار ثورة 30 يونيو أو كليهما معا، فلنتذكر أن الروح المسيطرة على كل من شارك فيها كانت «إنقاذ الوطن»، فكل أعطى من وقته وماله ودمه ما استطاع حتى قامت قيامتنا فقمنا. وها نحن اليوم نسجل قيامتنا فى صناديق الاقتراع لنعلن أننا سنقرر بأيدينا مستقبلنا بإذن ربنا.
وليعلم كل منا أن صوته ثغر من ثغور الإصلاح، علينا ألا نؤتى من قبله.
سيبدأ المصريون فى الخارج التصويت اليوم ولمدة أربعة أيام.
اذهب إلى لجنتك الانتخابية، باشّاً (من البشاشة)، سعيداً، مقبلاً على عملية تقودك إلى أن تكون طرفاً مباشراً فى تحديد مصير بلدك. واعتبرها تبرعاً بعدد من الساعات القليلة لخدمة قضية أكبر منك، فما استحق أن يعيش مصرياً من لا يعبأ بمستقبل مصر.
الانتخابات فعل جماعى فى نتائجه، وفردى فى مسئوليته. وهو ما يقتضى منا أن نكون حذرين لأننا نريد انتخابات جادة وديمقراطية.
وسأختم بمقولة أفلاطون: «من يعزف عن المشاركة فى الحياة السياسية، فسيعاقب بأن يحكم بمن هم دونه، ومن لا يراعون مصالحه».
سأشارك فى الانتخابات وسأدلى بشهادتى، ومن يكتمها فإنه آثم قلبه. نجانا الله من الإثم والآثام. ووقى الله مصر من الشرور والأشرار.
آمين.
"الوطن"