أتذكر عنوان مقالى يوم 25 يناير 2011 فى جريدة «الشروق»: «كم يكفى لإحداث ثورة؟»
ويبدو أن الإخوة الثورجية افتكرونى سأؤيدهم أياً ما كان قرارهم حتى لو ضد مصلحة البلد، فكتبت فى نفس الجريدة فى 8 أبريل 2011 قائلاً: «آخر عمود فى البيت» بأقول لهم فيه إوعوا تكونوا فاكرين إن الثورة تعنى هدم كل المؤسسات، بما فيها الجيش. الجيش آخر عمود فى البيت والتعامل معه يكون بحرص شديد.
وفى استفتاء مارس 2011 على تعديلات دستور 1971 قلت «نعم» وأوضحت أن دستور 71 بيمنع قيام الأحزاب على أساس دينى أو بمرجعية دينية يعنى المفروض، بفرض العقلانية والمنطق، أن من يدافع عن بقائه مع تعديلاته هم المدنيون والليبراليون ولكنهم قالوا «لا لترقيع الدستور» وبعدين «رقعونا» دستور هم الآن يشتكون منه ويقولون يا ريتنا كنا حافظنا على دستور 1971 وعدلناه مثلما فعلت دول كثيرة أخرى غلبت الاستمرارية المتطورة على التغيير المتعجل.
ساعتها، ما كانش يفرق معايا نمشيها «برادعى» أو نمشيها «بشرى» يعنى الدستور أولاً وفقاً للبرادعى (مع أنى مش عارف ده كان هيحصل إزاى لأن الدستور فى كل الأحوال سيكون لاحقاً على تحديد من يكتبه أو يعدله) أو الانتخابات أولاً وفقاً للبشرى. المهم اللى نتفق عليه ننفذه. لكنها لا مشيت «بشرى» ولا مشيت «برادعى»، دى مشيت «طنطاوى». وصدر الإعلان الدستورى العظيم اللى خلانا نمشى بخطوات «نعم» بس بسرعة «لأ» وتساوت «نعم» مع «لا» والشعب المصرى أخذ أحلى سكحاية.
ولما وصل الإخوان للسلطة، كان الإبداع فى قمته. رئيس عجيب، ونخبة غريبة، وشعب مخه دوحس، والإعلام يصوّت، والرجالة تحدف طوب، والستات تعيط، والشعب يريد إسقاط النظام، وحبة فوق وحبة تحت، وأنا لما ألاقى الغباء سيد الموقف أحط الجلابية فى سنانى وأجرى.
وأى حد عاقل فى الفترة دى وما كانش شرب من نهر الجنون كان بيتقال عليه كل حاجة وعكسها: إخوانجى، أمنجى، وعسكرجى، وبردعاوى، ومتلون، ورمادى، وبيلعب على كل الحبال، وتجيبها كده تنور وتجيبها كده تنور والأربعة بأربعة صاغ. والشعب دماغه انضربت فى الخلاط.
بس فيه تطور ملحوظ حصل للشباب بتوع الإخوان «المسلمين» ومؤيديهم اللى كانوا بيخشوا يسبوا «الدين» على الصفحة بتاعتى توقفوا. أنا قلت يمكن الدنيا برد، أو اتقبض عليهم، أو عشان أنا لما قلبت الصورة بتاعتى على الفيس بوك (أنا قلبت الصورة وبقت دماغى تحت ورجلى فوق، قلت عشان أفهم). غالباً هُمَّ فهموا إن أنا قلبت الصورة عشان أقول إنه «انقلاب» بس مكسوف أقول مثلاً.
سألتنى «أم ميئش»، قطتى العزيزة السؤال التالى: «يا موع موع: هو 25 يناير ثورة ولا مؤامرة؟» فقلت لها بلا تردد: «هو حادثة». مصر عملت حادثة فى 25 يناير.
حادثة طلعنا كلنا منها مصابين. وبعد ما خفينا سألنا أنفسنا «هو فيه إيه؟» وكانت النتيجة أننا عملنا ثورة شبهنا، فيها ما فينا من عشوائية وارتجالية ولا منطق. وعلى هذا بدأنا نرجع إلى الناس اللى كانوا بيحكمونا قبل الثورة عشان نتمنى عليهم أن يخلوا تلاميذهم واللى اتعلموا على إيديهم يحكمونا. ومن هنا أطلق عليها «موع موع»: «أعظم ثورة دائرية فى التاريخ».
بعد أن عشنا وشاهدنا وشاركنا فى حادثة 25 يناير وما ترتب عليها، أسألك سؤالاً: بفرض أن الأحداث عليها «Pause» قبل 25 يناير بيوم، أى إن شريط المباراة متوقف، مين من مصلحته أن يشغل المباراة لتنتهى إلى ما انتهينا إليه، من الآخر مين طلع كسبان من كل اللى حصل ده؟ «البرادعى» ورفاقه، «حمدين» ورفاقه، «مبارك» ورفاقه، «الشاطر» ورفاقه، «طنطاوى» ورفاقه، «أم محمود» بتاعة الخضار ورفاقها. مين هيطلع كسبان، لو ضغطنا «play»؟!
ولا حد، عشان كده هى «حادثة» غير مقصودة هى «توء سفاهم» كبير (سوء تفاهم يعنى). البلد وقعت فى بعض، ومات اللى مات، واتحرق اللى اتحرق، وضاع اللى ضاع. ولو كانت ثورة، فهى أعظم «ثورة دائرية فى التاريخ» ولو كانت حادثة: نحمد الله على السلامة يا مصر.
لكن فى كل الأحوال: ما تعملوش كده تانى.
انتظروا المزيد من الكلام الفاضى ده فى كتابى المقبل: «حادثة 25 يناير: أعظم ثورة دائرية فى التاريخ». والعنوان ممكن يتغير لأن «أم ميئش» لسة مش موافقة عليه.