توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حروب الجيل الرابع: حقيقة أم خيال؟

  مصر اليوم -

حروب الجيل الرابع حقيقة أم خيال

بقلم معتز بالله عبد الفتاح

كانت لى عدة لقاءات مع مسئولين كبار فى الدولة خلال الفترة الماضية وما تكرر أمامى أكثر من المصطلحات التالية: مؤامرة، مصر مستهدفة، الهدف تركيع مصر، حروب الجيل الرابع وهكذا.

تعتمد هذه النظرية على فكرة تدمير ثقة المصريين فى بعضهم البعض فيهون علينا الدم والتخريب، وفى أهمية مؤسسات الدولة فيستوى عندنا بقاؤها أو تدميرها، وفى قيادة الدولة فيستوى عندنا القيادة الحالية أو أى قيادة أخرى أو لا قيادة على الإطلاق.

هل هناك مؤشرات على ذلك:

يقول أنصار هذه النظرية إن هناك موجات متلاحقة من القضايا التى تهز ثقة الناس فى مؤسساتها وفى قياداتها والأهم فى شعورها بالفخر الوطنى، من قضية تيران وصنافير التى جاءت فى أعقاب قضية وثائق بنما والتى غطت على قضية ريجينى، وقضية ريجينى التى غطت على أزمة الدولار، وأزمة الدولار التى غطت على قضية هشام جنينة، وقضية هشام جنينة التى غطت على قضية سد النهضة، وقضية سد النهضة التى غطت على السجادة الحمراء، التى غطت على قضية عكاشة، ثم نعود لنبدأ الدائرة المغلقة من الأول مرة أخرى مع نفس القضايا أو مع غيرها، هذه القضايا تنال من تركيز المصريين على قضايا أهم مثل الإرهاب والتنمية، وفى كل مرة نزداد انقساماً وتشرذماً ونصف الآخرين المختلفين معنا فى كل قضية بالخيانة والجهل والعمالة والنفاق والخرفان ودعم الانقلاب وهكذا.

كتبت من قبل عن حروب الجيل الرابع كما درستها أثناء إعداد الدكتوراه فى الولايات المتحدة قبل 20 عاماً، هى ليست خيالاً، ولكنها قد يساء استخدامها ككل شىء إذا ما بالغنا فيها؛ فلا تنجح مؤامرة متآمر إلا بتقصير مقصر.

فكرة هذه النوعية من الحروب ألا تحارب وإنما أن تجعل العدو يقتل نفسه بنفسه، لماذا أقتله، وهو يمكن أن ينتحر؟ لماذا أوحده ضدى، وانقسامه فى مصلحتى؟ لماذا أطلق عليه الرصاص والقنابل، فى حين أننى لو استثمرت واحداً بالمائة من التكلفة على الإعلام الخبيث والشائعات المضرة لتمزقه كل ممزق؟ وهذا هو ما يحدث فى مصر الآن.

هذا بيان مهم للناس، لقد دخلت مصر والمنطقة فى حزام حروب الجيل الرابع التى تقوم على القضاء على ميراث سايكس بيكو ومخلفات ما بعد الدولة العثمانية، دول المنطقة من وجهة نظر أعدائنا غير قابلة للاستمرار بأحجامها تلك وببنية مجتمعاتها القائمة، والحل هو الزج بها فى صراع داخلى يقضى على استمرار الدولة وعلى وحدة المجتمع.

هناك ثلاث استراتيجيات تستخدم ضد مصر الآن:

أولاً: قتل المسار السياسى الذى نتحرك فيه بحيث نعود إلى الفوضى أطول مدى زمنى ممكن، وهذا ليس غريباً؛ ولنتذكر أن الغرب كان يبيع الأسلحة للعراق ويسرب نوعياتها وكمياتها وأماكن تخزينها لإيران كى تضربها، وبالتالى تستمر الحرب أطول فترة ممكنة، لما فى ذلك من استنزاف للطرفين، بدل ما نقتلهم، نوفر لهم أسباب التدمير المشترك، إلى أن تنبه الخومينى وأعلن «قبوله بتناول سم التسوية».

ثانياً: إشاعة حالة دائمة من الفوضى المجتمعية عن طريق إنهاك المجتمع واستنزاف الدولة فى معارك داخلية حول قضايا قد تكون بعضها عادلة ولكنها تقدم فى إطار من تحدى الدولة وتعميق الخلافات فى المجتمع، لنصبح جميعاً فى حالة اقتتال داخلى ولا نلتفت لكوارث أخلاقية واقتصادية واجتماعية وسكانية أخرى نعيشها وستدمرنا على المدى البعيد.

ثالثاً: إشاعة جو من الحرب النفسية والإعلامية المقبلة من خارج مصر لترويج أفكار ومعتقدات تقسم المجتمع أكثر، ولماذا تهتم قطر وقناة الجزيرة بهذه الدرجة بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والشرعية فى مصر؟ ولماذا هذا الكم المهول من الأموال التى تنفق من أجل استمرار حالة الاقتتال الفكرى والسياسى الذى تعيشه مصر؟ هل تفعل قطر بالتحالف مع بقايا المحافظين الجدد فى الغرب وحلفاء إسرائيل لعبة تطويل الصراع الداخلى وإمداد الطرف الأضعف بأوكسجين الاستمرار فى الصراع حتى يتم القضاء على قوة الدولة ووحدة المجتمع؟

المستهدفون من هذه الاستراتيجيات ثلاثة: أولاً: المجتمع حتى ينقسم على نفسه على نحو يجعله يرى بين أبنائه من هم عدوه، وهذا ما حدث بين فتح وحماس، وحدث بين السنة والشيعة والمسيحيين فى لبنان والعراق وسوريا، وبين القبائل فى الصومال وليبيا وهكذا، إذن هى محاولة لأن تتحول مصر فى حالة اقتتال داخلى وإضعاف ذاتى وانقسام مجتمعى، بحيث لا تستطيع أن تفكر فى الدخول فى معارك داخلية ضد الجهل والفقر والمرض والظلم والعدد أو معارك خارجية لضبط موازين القوى فى المنطقة.

المستهدف الثانى هو الجيش المصرى الذى يريدون له أن يلقى نفس مصير جيوش أخرى فى المنطقة خرجت من معادلة القوة الشاملة العربية لأسباب مختلفة: مثل الاحتلال الأجنبى فى الحالة العراقية لكن هذا كان مكلفاً جداً للغرب، إذن الأفضل هو الانقسام الداخلى والتحول إلى ميليشيات تشارك فى الاحتراب الأهلى فى الصومال والسودان وسوريا وليبيا.

المستهدف الثالث هو بنية الدولة فى المنطقة العربية كلها بأن تتحول إلى دويلات لا تزيد حجماً على إسرائيل، والحقيقة أن إعادة رسم خريطة المنطقة على هذا النحو مسألة تتم على قدم وساق، وكل طرف يسهم فيها بما يستطيع: الإخوان وحلفاؤهم يظنون أنهم يخدمون قضية وطنية مصرية بتخليص مصر من «السيسى» ومن «الانقلابيين» من وجهة نظرهم، وأعداء الإخوان لا يفكرون إلا فى تخليص مصر من جماعة «الإخوان» الإرهابية، والثوريون يرون أن «الثورة مستمرة» وأن لهم حقوقاً فى التظاهر والاعتصام غير منقوصة ولا مشروطة ولا منضبطة بأى قانون أو قواعد حتى يتم التخلص من «حكم العسكر» ومن «الداخلية» وبعض الشرطة وبعض القرارات المقبلة من قمة هرم السلطة تدفع فى تغذية المخاوف والخلافات، وكأننا كلنا قررنا أن نقوم بدور الأبناء الأغبياء الذين يدمرون التركة التى خلفها لهم والدهم وكل واحد فيهم يرى أن وظيفته منع أخيه الشرير من أن يكون فى وضع أحسن. تذكروا فيلم «الأرض» حين قلل الباشا مياه الرى المتاحة للفلاحين، فوقعوا فى بعض، ودارت معركة بين «عبدالهادى» و«دياب» وأنصارهما حول دورهم فى «سقية المياه»، وبدلاً من أن تكون معركتهم ضد من منع عنهم الماء، تقاتلوا، وأثناء المعركة بينهم اكتشفوا أن «البقرة» وقعت فى الساقية، وفجأة انصرفوا جميعاً لإنقاذ البقرة. لن يكفى لتحصين مصر والمصريين أن ندعوهم للاصطفاف أو نقول لهم «اسمعوا كلامى أنا بس» أو «مش عايز حد يتكلم فى الموضوع ده تانى». المسألة تحتاج درجة أعلى من التوعية والاتصال السياسى وحسن إدارة توقعات الناس؛ فلن تنجح مؤامرة متآمر إلا بتقصير مقصر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حروب الجيل الرابع حقيقة أم خيال حروب الجيل الرابع حقيقة أم خيال



GMT 08:19 2017 الجمعة ,31 آذار/ مارس

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 08:12 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 07:48 2017 الأحد ,19 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 07:47 2017 الجمعة ,17 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

GMT 09:01 2017 الأربعاء ,15 شباط / فبراير

من أمراضنا الأخلاقية

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon