توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عاجل إلى العقلاء: ما معنى قبلة السيسى؟

  مصر اليوم -

عاجل إلى العقلاء ما معنى قبلة السيسى

معتز بالله عبد الفتاح

أنا مذهول من كم التعليقات التى أبداها فريقا مؤيدى السيسى ومعارضيه فى تفسير القبلة التى وضعها على جبين العاهل السعودى.
القضية تحولت إلى «حبيبك يبلع لك الزلط، وعدوك هيخترع لك الغلط».
أتذكر أننا كنا ندرب الطلبة فى الولايات المتحدة على بعض التمرينات التى تجعلهم لا يبلعون الزلط ولا يخترعون الغلط. وكان منها أننا نسأل الطالب سؤالاً من قبيل:
من أكثر شخص «تكرهه» من الشخصيات العامة؟
اكتب اسمه فى ورقة.
تعرف تتكلم عن أفضل ثلاث صفات فيه؟
أغلب الظن لو أنك نتاج البيئة المصرية التقليدية والتعليم المصرى «العبقرى» فلن تستطيع أن تذكر صفة واحدة إيجابية فى شخص تكرهه. والعكس غير صحيح بالضرورة.
يقول الفيلسوف كارل بوبر: «إن أهم وظيفة للعلم والفلسفة أن تعرف كيف تتفق وتختلف بدلاً من أن تحب وتكره». والمعنى أنك حين تحب، تحب الإنسان بكل ميزاته وقد لا ترى عيوبه. والعكس صحيح. أما التفكير العلمى والفلسفى فلا يحتمل ذلك لأنك تحيد جانباً، قدر المستطاع، المشاعر لتركز على نقاط القوة والضعف، ومواطن الاتفاق والاختلاف مع الشخص. وهى لا شك صورة أكثر تعقيداً وأكثر إنصافاً من مجرد أن نحب شخصاً أو أن نكرهه بدون تفرقة بين نقاط القوة والضعف التى فيه.
لاحظ الشاعر العظيم محمد إقبال أن القرآن الكريم قال فى نبينا محمد، عليه الصلاة والسلام، الكثير من المدح الذى يليق بنبى عظيم، ولكنه فى الوقت نفسه عاتبه فى بعض المواقف، والأهم أن الله سبحانه حرص على أن تظل آيات اللوم والعتاب مكتوبة ومرصودة فى القرآن الكريم. قال تعالى: ﴿َإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، وجاء فى آية أخرى ليقول: ﴿وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾.
هذا نبى لا كذب، ولكنه بشر لا ريب: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَىَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ﴾. وحين يتحرك البشر بعيداً ولو قليلاً عن الوحى يأتى الوحى ليصححه.
ولكن لماذا لم يعاتب الله سبحانه وتعالى نبيه سراً بحيث لا نعرف عن هذا العتاب الربانى الحكيم لنبيه العظيم؟
هناك تفسيران أحدهما أنقله عن محمد إقبال، والآخر أقدمه كتفسير إضافى؛ أما تفسير محمد إقبال الذى يعود فيه إلى علماء وفقهاء سابقين فهو أن القرآن الكريم أراد أن يقدم بشكل عملى وفى الكتاب المعجز، القرآن نفسه، دليل «بشرية» النبى؛ لأن هناك نزعة عند بعض السابقين أن يخلطوا بين «قداسة المرسِل» (بكسر السين) و«قداسة المرسَل» (بفتح السين) فينسبون إلى الرسول قدسية لم تكن موجودة فى أصل الرسالة. ولكن حين يكون هناك دليل لغوى ملموس وواضح على بشرية الرسول تنتفى عنه القدسية ويظل النبى بشراً.
وأضيف فهماً آخر، وهو أن الله سبحانه يريد أن يعلمنا شيئاً من العدل (وربما كذلك العقلانية) فى الحكم على الأشياء والأشخاص، وأن يكون تفكيرنا أكثر تعقيداً من تفكير الأطفال؛ فنرى بعض عناصر القوة فى الحجة الضعيفة، ونرى بعض عناصر الضعف فى الحجة القوية. ونعرف كيف نستفيد من الناس، على عيوبهم، فيما قد يكونون الأقدر فيه. وألا نبالغ فى مواقفنا من الناس.
ولهذا فهم من يضعون مقررات المنطق والتفكير النقدى فى الخارج هذه القضية، فيجعلون جزءاً من تدريبات الطلاب أن يكتب الصفات السلبية فى بعض من يحبون، والصفات الإيجابية فى بعض من يكرهون. ألم يقل الحق سبحانه: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا﴾.
علينا أن نتخلص من ثقافة «حبيبك يبلع لك الزلط، وعدوك يخترع لك الغلط».. و«اربط التور مطرح ما يحب صاحبه.. ومطرح ما ترسى دق لها». هذه آفات فكرية وثقافية وأخلاقية نعانى منها. والاعتراف بها قد يكون مقدمة جادة لخلق ثقافة جديدة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاجل إلى العقلاء ما معنى قبلة السيسى عاجل إلى العقلاء ما معنى قبلة السيسى



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon