توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عاجل إلى المصريين: احذروا النضال بلا قضية

  مصر اليوم -

عاجل إلى المصريين احذروا النضال بلا قضية

معتز بالله عبد الفتاح

كم «ألونسو» يصطنع النضال يعيش بيننا؟
تعالوا نعرف الإجابة مما كتبته الأستاذة ناريمان ناجى بعنوان «الدون كيشوتيون الجُدد».
تقول «ناريمان»: فى عام 1605، حيث لم يكن هناك سوى الطبيعة والخيال وبينهما ما توصل إليه الإنسان باجتهاده، كتب الروائى الإسبانى ميجيل دى سيرفانتس «Miguel De Cervantes» رواية عن رجل اسمه ألونسو كيخانو، قارب على الخمسين من العمر، منفصلاً عن الواقع والحقيقة تماماً، عاش حلم الفروسية رغم أنه لا يملك أياً من مقوماتها أو حتى أدواتها. واستغرق فى الخيال حتى صار الحلم وهماً، والوهم كابوساً حينما فرض «ألونسو» نفسه على الآخرين كحقيقة وأمر واقع مبنيين على الكتب والأحداث الخيالية.
حاول «ألونسو» أن يرسم معالم بطولته من سطور كتب الفروسية والشهامة القديمة التى كان مولعاً بقراءتها لدرجة أنه ففقد عقله من قلة النوم والطعام وكثرة قراءة هذه الكتب، ولأنه لم يكن مُلماً بمستجدات الحياة فى زمانه، قرر أن يجعل من الأساطير التى يقرأها واقعاً، فترك منزله وشد الرحال كفارس شهم يبحث عن مغامرة تنتظره، وأخذ يتجول عبر البلاد حاملاً درعاً قديمة ومرتدياً خوذة بالية مع حصانه الضعيف حتى وصفوه بفارس الظل الحزين.
وبمساعدة خياله الفياض، كان «كيخانو» يحول كل العالم الحقيقى المحيط به إلى عالم خيالى خاص به، فيه تتحول الأشخاص والأماكن المعروفة بمجرد ظهورها أمام عينيه إلى ميدان خيالى يحتاج إليه للقيام بمغامراته، وفيه أيضاً يغير طريقته فى الحديث ويتبنى عبارات قديمة تتناسب مع عصر الفرسان الذى قرأ عنه.
كانت «طواحين الهواء» التى لا يعرف حقيقتها هى أول ما قرر «كيخانو» محاربته، ظنها شياطين ذات أذرع، فتحمس لمحاربتها وغرس فيها رمحه، فدارت به فى الهواء وألقته أرضاً لكنه ظل يرى نفسه مصلحاً للكون وفارساً، بينما أهل القرية يتعجبون من محاربته الطواحين التى تسهل عليهم حياتهم. استمر فى وهمه واستكمل مسيرته التى يظنها معارك بطولية. وذات مرة قابل قطيعاً من الأغنام فظنه جيشاً زاحفاً جراراً فاندفع بفرسه ليخوض المعركة، قتل عدداً من الأغنام الذين كانوا فى خياله جنوداً وفقد هو نفسه بعض الأضراس فى معركته المصطنعة..
لم يتعلم «دون كيشوتيون» يوماً من أخطائه فضاق الحال بجيرانه حتى ألقوا القبض عليه وأعادوه إلى قريته داخل قفص..
وبعد قرون تزيد على الأربعة.. وفى عام 2014..
نجد أن شيئاً من هذا يحدث فى مصر..
الـ«دون كيشوتيون» المصريون مختلفون، متنوعون، متوسعون، مبتكرون ومتفوقون على النموذج الإسبانى الأصلى.. لا تجمعهم فئة عمرية واحدة أو نوع واحد أو تخصص واحد أو حتى أيديولوجية واحدة.. منهم الشباب ومتوسطو العمر والشيوخ والكهلة، منهم الرجال والنساء، منهم المدنيون والإسلاميون، منهم الإعلاميون والأدباء، والمسئولون والسياسيون والحزبيون والمتخصصون فى كل المجالات.. يختلفون عن «ألونسو» فى هذه التفاصيل، لكنهم يشتركون معه فى حلم الفروسية والشهامة والبطولة الزائفة الذى يراودهم دون أن يصلح أحد منهم لذلك، ودون أن يملك أى منهم الأدوات والمقومات، فاستغرقوا فى وهم المؤامرات الداخلية والخارجية، الفردية والجماعية، وحوّلوا كل ما يخالفهم ومن يخالفهم إلى طواحين هواء يجب محاربتها.. تعليقى الوحيد أننا بالفعل نعيش عصر اصطناع البطولة، من خلال اصطناع النضال. أعداء مصر الحقيقيون هم الجهل والفقر والمرض والإهمال والفوضى والإنجاب بلا حساب. وأى جهد يبذل فى غير هذا الاتجاه فالقائمون عليه يلعبون دور «ألونسو»، يضيعون وقتنا وجهدنا وطاقتنا فيما لا يفيدنا.
"الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاجل إلى المصريين احذروا النضال بلا قضية عاجل إلى المصريين احذروا النضال بلا قضية



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon