توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا لو انتخبنا نيلسون مانديلا؟

  مصر اليوم -

ماذا لو انتخبنا نيلسون مانديلا

معتز بالله عبد الفتاح

كتبت فى يونيو 2013 متسائلاً: ماذا لو كان الشعب المصرى الشقيق أمامه بديل انتخاب نيلسون مانديلا رئيساً للجمهورية؟
غالباً كان سيفعل الرجل فى مصر ما فعله فى جنوب أفريقيا، كان سيسعى إلى إنشاء حكومة متعددة الأحزاب مثلما فعل فى جنوب أفريقيا من إنشاء حكومة متعددة الأعراق والقبائل.
ورغم فوزه بأغلبية ساحقة فى انتخابات الرئاسة، وفوز حزبه بأقل قليلاً من ثلثى مقاعد البرلمان، سعى «مانديلا» لأن يتصرّف بمنطق «المصالحة الوطنية» وليس «المغالبة الانتخابية»، لذا قرّب منه الكثيرين من قيادات المعارضة والقبائل، وعين نائبين له، على رأسهما دى كليرك، آخر رئيس أبيض فى ظل النظام العنصرى، كى يطمئن تماماً «البيض» الذين كانوا يعيشون فى البلاد، بأن «جنوب أفريقيا» بلد الجميع، ويبدو أنه كان يستشيرهم ويشركهم فى صنع القرارات المهمة، لأنهم دائماً كانوا ما يقنعون أنصارهم بصحة قرارات «مانديلا».
وكان «مانديلا» دؤوباً فى الاجتماع الأسبوعى مع قيادات الرأى والفكر والسياسة ورموز القبائل، كما عيّن لجنة من الكفاءات الاقتصادية لرسم الخريطة الاقتصادية لجنوب أفريقيا، كان مثالاً لما نسميه: «رئيس مجلس إدارة الوطن والعضو المنتدب لإدارته».
كرئيس، قرر «مانديلا» إنشاء لجان الحقيقة والمصالحة للتحقيق فى انتهاكات حقوق الإنسان التى ارتُكبت من قبل، وجمع فيها كلاً من المؤيدين والمعارضين للفصل العنصرى. وقدم أيضاً الكثير من البرامج الاجتماعية والاقتصادية التى تهدف إلى تحسين مستويات معيشة السكان السود فى جنوب أفريقيا.
كما سعى لتحسين العلاقات العرقية والقبلية برفع المظالم المتراكمة وتحقيق شراكة سياسية بين الجميع، وخلق ثقافة ترفض تشجيع السود على الانتقام ضد الأقلية البيضاء، واجتهد فى بناء صورة دولية جديدة لجنوب أفريقيا. لتحقيق هذه الغايات، كان يفخر دائماً بأنه شكّل «حكومة وحدة وطنية» متعددة الأعراق، وأعلن بلاده «أمة قوس قزح تعيش فى سلام مع نفسها والعالم»، وفى بادرة اعتُبرت خطوة كبرى نحو المصالحة، قام بنفسه بتشجيع ورعاية السود والبيض للعب معاً وتكوين فريق «رجبى» وطنى، واستضافت جنوب أفريقيا كأس العالم للرجبى عام 1995، وهو نفس الجهد المشترك بين جميع العرقيات والقبائل عند تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم.
وعد نيلسون مانديلا، ووفّى، بأن يكون دستور البلاد توافقياً، يعبر عن القاسم المشترك بين الجميع، ولأنه وجد أن ذلك يتطلب فترة زمنية ببناء الثقة، قرر نيلسون مانديلا ورفاقه تبنى صيغة «الدستور المؤقت»، وهو الدستور الذى حكم البلاد من 1994 وحتى 1997، ولطمأنة الأقليات والقبائل، نص الدستور على المادة 88 من الدستور المؤقت، التى أعطت أى حزب يحصل على عشرين مقعداً (أى 5%) أو أكثر من المقاعد فى الجمعية الوطنية، الحصول على حقائب وزارية.
والمثير أنه فى انتخابات 1994 حصل المؤتمر الوطنى الأفريقى بقيادة «مانديلا» على أغلبية كبيرة للمقاعد فى الجمعية الوطنية، وبالتالى يمكن أن يشكل الحكومة بمفرده، ومع ذلك دعا الرئيس نيلسون مانديلا كل الأطراف الأخرى للانضمام إلى الحكومة، على الرغم من أنهم لم يحصلوا على الحد الأدنى المطلوب فى الجمعية الوطنية، وهو بهذا يجسّد شعار «مشاركة لا مغالبة» ولا يتاجر به.
ومع شخصية «مانديلا» الموثوق بها من الجميع، لما له من كاريزما ومن وفاء بوعد، ومن إشاعة لمناخ الثقة على أساس المواطنة بين الجميع، تم إنجاز الدستور النهائى فى مايو 1996 بعد موافقة مجلسى البرلمان (مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية).
وفكرة الدستور المؤقت التى سبق لى اقتراحها منذ مارس 2012 كانت مبنية على تجربة جنوب أفريقيا، ولكن من يسمع أو يستمع أو ينصت؟
السؤال: ماذا لو كان الدكتور مرسى ورفاقه ومعارضوهم حكموا جنوب أفريقيا؟
لم تزل هناك فرصة للتعلم. قولوا يا رب.
"الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا لو انتخبنا نيلسون مانديلا ماذا لو انتخبنا نيلسون مانديلا



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon