توقيت القاهرة المحلي 06:53:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نجحت الثـورة وأخفق الثوار

  مصر اليوم -

نجحت الثـورة وأخفق الثوار

معتز بالله عبد الفتاح

فى ندوة عقدتها مكتبة ألف عن كتابى «مصر التى نريد»، وقفت واحدة من الحضور ومعها مفكرة تدون فيها ملاحظاتها لتقول إنها حضرت لى ندوة فى يناير ٢٠١٢ مع زملاء آخرين، ثم قرأت عدداً من تعليقاتى آنذاك، وكنت أقل المتحدثين حماساً وأكثر تشككاً فى مستقبل الثورة المصرية مقارنة بالآخرين الذين كانوا أكثر حشداً للمشاعر الثورية، ولم تخف السيدة الفاضلة علناً أمام الناس أن هذا كان أحد أسباب ضيقها منى آنذاك إلى أن تبين لها أن مخاوفى كان لها ما يبررها.

وذكرتها بما كتبت فى فترة مبكرة من ثورة يناير عن شروط نجاح الثورة الشعبية فى مصر، وحذرت من أنه لم يكن متوافراً منها سوى شرط واحد، وهو عادةً أصعبها، لكننا عملنا الأصعب وفشلنا فى الأسهل نسبياً، كى تنجح أى ثورة شعبية فى مجتمع شديد المحافظة، بل وتسيطر الرجعية على بعض أفراده ومؤسساته، فلا بد لها من خمسة شروط:

أولاً، حالة ثورية بما تحمله من فعاليات الاعتصام والإضراب والتظاهر وغيرها، وهذا كان الأصعب الذى تحقق.

لكنها، ثانياً، بحاجة لقيادة ثورية حتى لا تتحول الثورة إلى فوضى، ولم أفهم سر سعادة البعض بأنها ثورة بلا قيادة إلا الرومانسية الثورية التى تملكت البعض ممن يبكون على الثورة الآن، فكان واضحاً أن غياب القيادة جعل أى مجموعة من الأفراد يعطون لأنفسهم الحق فى أن يثوروا على طريقتهم، فيعطلون الطرق أو يحرقون المؤسسات حتى كره قطاع واسع من المصريين الثورة والثوار، واعتبروها عملية تخريبية كبيرة ضد الصالح العام، وكان قمة الخلل فى غياب القيادة الثورية حين ترشح باسم الثورة تسعة مرشحين يتحدثون باسمها فى الانتخابات الرئاسية، فتفتتت الأصوات، وتقدم فى انتخابات الإعادة ممثل عن النظام القديم، الفريق شفيق، والتنظيم العتيق، الدكتور مرسى، وفى وضع كهذا أطلق رموز الثورة رصاصة النهاية على ثورتهم وأيقنوا أنها ثورة ستظل فى الميدان، لأنها لم تكن منظمة بالقدر الذى يسمح لها بأن تصل إلى البرلمان أو الديوان.

وهى ثالثاً بحاجة لتنظيم ثورى يجعل «دريكسيون» القيادة متصلاً بعجلات مركبة الثورة، لكن ما حدث عملياً أن غياب التنظيم الثورى جعل عملية تعبئة الموارد البشرية عشوائية، وإذا اجتمع قادتها كباراً وصغاراً، فلا ينفعون صديقاً ولا يضرون عدواً. وشاعت عبارات من قبيل أن لا أحد يوجه الميدان، وأن الثورة مستمرة، وكأننا نقول عملية جراحية مستمرة فى جسد واهن غير قادر على الاستمرار طويلاً على نفس الوضع.

وتحتاج رابعاً إلى أيديولوجية ثورية، أو على الأقل رؤية واضحة بشأن ما المرفوض، وما المطلوب، وهذه الأيديولوجية ينتج عنها برنامج عمل، الثورة هى فعل سياسى من أجل تغيير سياسة الدولة، لتكون أكثر اتفاقاً مع مصالح السواد الأعظم من الناس. وإذا لم تكن قيادة الثورة لديها برنامج عمل لتحقيق هذا الهدف، فهى تدمر القائم ولا تقدم بديلاً عنه سوى وعود لن تنجح فى تنفيذها، لأنها لا تملك البنية التنظيمية أو الكوادر لتحقيقها.

ثم أخيراً كوادر ثورية تعمل من أجل الرؤية العامة، وليس بهدف خصخصة الثورة، وكأن مصر والمصريين فى خدمة الثورة والثوريين، وليس الثورة فى خدمة مصر. والكوادر مصطلح أعقد كثيراً من الهتيفة والشتِّيمة المستعدين للنزول للميادين للساعات الطوال، أو الذين يستخدمون قدراتهم «الفيس بوكية والتويترية» لتشويه مخالفيهم. والتشويه هنا لم يكن يَطال الرجعيين والمحافظين والإصلاحيين فقط ولكنهم كانوا يسبون ويخونون كل ثورى لا يبالغ فى المطالب أو حتى يجلس مع سياسيين آخرين من تيار آخر، ليصفوه بأنه «شرب شاى بالياسمين».

المقصود بالكوادر هم خبراء وساسة قادرون على تولى ملفات الدولة لإصلاحها وإعادة توجيهها للصالح العام.

ولغياب القيادة والتنظيم تحول كل شخص يقبل منصباً عاماً إلى هدف مشاع للشتيمة والتشويه، لينالوا منه مهما كانت كفاءته ورغبته فى خدمة البلد. وأصبح يمارس زعماء «الفيس بوك» و«تويتر» حق النقض الملزم على أى شخص يبرز للخدمة العامة، فتراجع كثيرون وتقدم آخرون أقل كفاءة وقدرة، طالما رضى عنهم هؤلاء الفوضويون.

المهم غداً سيكون أفضل بإذن الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نجحت الثـورة وأخفق الثوار نجحت الثـورة وأخفق الثوار



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon