جاء فى حوار تليفزيونى مع الدكتور طارق السويدان كلام مهم عن رؤيته لخطاب «رابعة» قال فيه: «حتى الخطاب الذى كان على منصة رابعة.. كان إعلامياً فاشلاً. منصة رابعة وما يطرح عليها من خطاب مدمر دون أى توجيه.. وكل واحد يصعد يقول اللى هو عايزه.. كنا نغلى مما يُطرح على منصة رابعة، للأسف الشديد وكل شخص كان يخرج ويقول ما يشاء دون أى ضوابط».
فى المقابل «هناك خطاب محترف ومعه دولة عميقة فى مواجهة إعلام مبتدئ لا يحمل حتى رؤية أو خطة ولا أدوات ولا حتى ألف باء وظائف الإعلام».
تعبير «كنا نغلى» الذى جاء فى كلام الداعية الكويتى لا يعبر فقط عن ضيقه بالخطاب الإعلامى، ولكن كان كثيرون عندهم حالة الغليان نفسها بسبب أداء سياسى ضعيف مهترئ متغطرس جعل أحد الأسماء اللامعة فى الدفاع عن «الشرعية» يقول قبل 30 يونيو عن الدكتور محمد مرسى إنه «غبى منه فيه».
والحقيقة أن الجماعة أثبتت لكثير من المصريين، سواء بتضييعها لكل فرصة، ووقوعها فى كل فخ، وارتكابها كل خطأ، أنها عنوان كبير بمضمون ضعيف. اتضح أنها جماعة «تخينة»، وليست جماعة «قوية». جماعة تعانى مما يعانى منه المجتمع المصرى، مضافاً إليه عيوب الجماعات المغلقة.
أعجبتنى صراحة الرجل فى نقده خطاب رابعة، ولكن أتوقع منه، وقد حمل مشعل الإنصاف، أن يُحمّل الجماعة، وتحديداً قياداتها مسئولية إفشال الدولة وفشل الثورة.
حين يقارن الإنسان بين أداء «الغنوشى» ورفاقه و«مرسى» ورفاقه، يعرف كلمة قالها «الغنوشى» فى مؤتمر ديفوس العام الماضى: «كان علينا أن نختار بين السلطة والديمقراطية، فاخترنا الديمقراطية. والإخوان فى مصر اختاروا السلطة، فضاعت الديمقراطية».
أداء الإخوان فى السلطة وأداء الإخوان على المنصة، وأداء الإخوان ما بعد فض رابعة لم يتغير ولم يتحسن ولم يتقدم إلى الأمام خطوة واحدة. أداء مدمّر، أداء بلا ضوابط، أداء مبتدئ.
ولم أزل أُحمّل قيادات المنصة الجزء الأكبر من مسئولية الدماء التى سالت أثناء الفض، لأنه قتلهم من ضللهم. ومع الأسف كانت هذه الدماء هى الثمن الذى دفع نتيجة التقاء إرادتين: إرادة هؤلاء الأشاوس الذين ضللوا الشباب بخطاب «مدمّر»، «مبتدئ»، «فاشل» ممن يريدون دماءً يتاجرون بها حتى يتحول النقاش عن فشل القيادة الإخوانية التى جعلت المجتمع يلفظ الإخوان بعد أن كان يأويهم ضد الدولة التى تحاربهم إلى مناقشة قضية الدماء، ومن ناحية أخرى وإرادة بعض قيادات وزارة الداخلية الذين أرادوا إرسال رسالة قوية بأن الداخلية راجعة بقوة، بل بعنف.
اعترضتُ على الفض بهذه الطريقة، ليس تعاطفاً مع قضية المعتصمين الإخوانيين، ولكن لأنها كانت أقرب إلى خلق سابقة سلبية فى التاريخ المصرى، وفرصة لمظلومية تاريخية تجعلهم يفسدون المزيد من عقول شبابنا. قلت آنذاك: «هتفضوا الناس اللى فى رابعة، وهتخلقوا رابعة جوة الناس».
الإخوان أكبر عبء على تيار الإسلام السياسى، لدرجة جعلت كثيرين يتشككون أصلاً فى أن هذا التيار له قيمة مضافة فى مجتمعات تريد الإسلام، ولكنها لا تريد من يدّعون خدمته، وهم فى الواقع يتاجرون به.
خطر «الإسلاماسيين» على الإسلام أكبر من خطر أعداء الإسلام من غير المسلمين عليه. و«الإسلاماسيون» هم دعاة الإسلام السياسى.
قال «نابليون»: «السياسى الذى لا يعرف مواطن الخطر، يصبح مصدراً للخطر».
الإسلاماسيون غير مدركين لخطرهم على المجتمع، أو ربما يبدو هذا، ولكن هناك خطراً حقيقياً لا يمكن تجاهله يأتى من أولئك الذين يدّعون وصلاً بالإسلام وهم فى النهاية «مدمرون، مبتدئون، فاشلون».
«فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِى إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ». صدق الله العظيم