مصر رئيسة القمة الإسلامية.
الرئيس السيسى استقبل الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى إياد مدنى، الذى عرض ما تعتزم الأمانة العامة القيام به من مبادرات وبرامج فى المرحلة المقبلة والتحضيرات الجارية للقمة الإسلامية، التى ستنعقد فى إسطنبول فى منتصف شهر أبريل.
إياد مدنى التقى نهاية الأسبوع الماضى فى جدة الرئيس أردوغان، وقام الرئيس المصرى بإيفاد وزير خارجيته سامح شكرى لمهمة عاجلة فى المملكة ترتبط بهذا الشأن، لكن الأمر لا يزال محاطاً بالسرية.. «شكرى» التقى كلاً من ولى العهد وولى ولى العهد السعوديين، فيما اتصل الملك سلمان بن عبدالعزيز بـ«السيسى» هاتفياً، الأمر الذى رأى فيه البعض، وفقاً للتحليل الجيّد الذى كتبه إيهاب نافع فى موقع «روسيا اليوم»، مفاوضات واضحة بشأن العلاقة بين أنقرة والقاهرة.
يتساءل إيهاب نافع:
التجهيزات للقمة الإسلامية تُجرى على قدم وساق، وربما يكون هذا الحدث أحد الأسباب الرئيسية التى تدفع الرياض إلى المضى قُدماً فى مسار المصالحة بين «السيسى» و«أردوغان»، إذ من المقرر أن تُعقد القمة الإسلامية المقبلة فى إسطنبول برئاسة «أردوغان»، فيما رئيسها الحالى هو «السيسى».. وتبقى الأزمة قائمة فى ما يتعلق بكيفية تسليم «السيسى» رئاسة القمة إلى غريمه فى قلب تركيا، وبحضور زعماء نحو 57 دولة، من دون أن تتم المصالحة بينهما.
دوافع المملكة لا تقف عند هذا الحد، بل تتخطاه لحاجتها الماسة إلى التقريب بين الفرقاء، فى إطار تحالفها العسكرى الإسلامى الوليد الذى لم يتقدّم حتى اللحظة خطوة واحدة على الأرض، إذ يعطّله وبشكل واضح مشاركة فرقاء مختلفين فى ما بينهم، والحديث هنا عن مصر وتركيا بالتحديد، لأنهما يكونان معها المحور الذى تسعى إليه المملكة، لمواجهة ما تراه تصعيداً إيرانياً فى اليمن والبحرين ولبنان والعراق وسوريا.. وكلها ملفات مفتوحة، يرى السعوديون أنها لن تُحل إلا بتعاون ثلاثى يضم القاهرة والرياض وأنقرة.
الصدام الإيرانى - السعودى يجعل المصالحة المصرية - التركية أولوية للرياض.
حالة التوتر الإيرانى - السعودى، وما حدث من مهاجمة للمقرات الدبلوماسية والقنصلية السعودية فى إيران، وما تبعه من إخلاء للبعثة الدبلوماسية السعودية عن طريق الإمارات، ومطالبة المملكة للبعثة الدبلوماسية الإيرانية بمغادرة أراضيها خلال 48 ساعة، وإدانة القاهرة والأزهر الشريف للاعتداءات التى تعرّضت لها المقرات الدبلوماسية السعودية فى إيران، ورفض التدخل الإيرانى فى الشأن السعودى بخصوص تنفيذ أحكام إعدام؛ كلها عوامل تستدعى من الرياض الدفع لتعجيل المصالحة المصرية - التركية.
انتهى تحليل إيهاب نافع، ولى عدة ملاحظات:
أولاً، مهما أخذت الغطرسة «أردوغان» فى الدفاع عن الإخوان، والحديث عن الرئيس الشرعى والانقلاب العسكرى، فهو سيصطدم بواقع أقوى منه، وهو أن مصر فى ظل رئاسة «السيسى» نالت عضوية مجلس الأمن غير الدائمة، بدءاً من هذا العام الجديد، وهى على علاقة «من جيدة إلى ممتازة» بكل دول العالم، باستثناء تركيا وقطر وإيران، لأسباب تتعلق بهذه الدول، وليس لأسباب تتعلق بمصر.
ثانياً، التوتر الحادث فى المنطقة، سواء على الجبهة السعودية - الإيرانية، أو التركية - الروسية، والملفات المعلقة فى سوريا والعراق، يتطلب أن يكون للدول العربية رؤية مشتركة وجهود دبلوماسية، لا يمكن إنجازها إلا بوجود مصرى فاعل، وهو ما تدركه تركيا جيداً.
ثالثاً، بالغ «أردوغان» فى تعنّته، وفى خطابه السياسى، فجعل التراجع عن مواقفه السابقة تجاه مصر مكلفاً له داخلياً، فغالباً ما سيسعى إلى تجنّب المأزق الدبلوماسى، بأن يلتزم تماماً بما يقتضيه البروتوكول الدولى فى استقبال ضيوف الدولة وإجراءات التسليم والتسلم لرئاسة المنظمة دون التقارب العلنى مع مصر، حفظاً لماء الوجه.
وقد يأتى الحل من القاهرة، حال استشعارها استمرار الموقف العدائى التركى، بألا يذهب الرئيس إلى إسطنبول، ويكتفى بإيفاد وزير خارجيته. لكنها فرصة ستكون تركيا قد أضاعتها على نفسها، وعلى المنطقة من أجل تجاوز الخلافات، وبناء التحالفات.