توقيت القاهرة المحلي 21:22:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ملخص تاريخ مصر

  مصر اليوم -

ملخص تاريخ مصر

معتز بالله عبد الفتاح

فى 21 يونيو 2013، أى قبل ثورة 30 يونيو بأيام كتبت عن خطورة المأزق الذى وضعنا فيه الإخوان بعنوان «الرئيس مرسى يتآكل».

قلت: نحن أمام منعطف صعب. تاريخيا، المصريون لم ينتخبوا فى تاريخهم حاكمهم قط إلا فى 2012. وهذا ليس مستغرباً؛ فمصر كانت تحكم من قبل غير مصريين (أى حكام لا ينطبق عليهم وصف القانون المصرى أن يكونوا من أبوين وجدين مصريين) لمدة 2500 سنة. من يعد إلى التاريخ يجد أن جميع الغزاة من الأقاليم المحيطة بمصر من الجهات الأربع قد تناوبوا على حكم مصر، بدءاً من النوبيين فى الأسرة الخامسة والعشرين مروراً بقبائل الصحراء الليبية (قبل أن تمتد ذراع مصر لتحتضنهم) ثم الآشوريين والإغريق، ثم الفرس (200 سنة) ثم اليونانيين مع الإسكندر الأكبر وهو ما قاد إلى دخول مصر عصر البطالمة (300 سنة) ومن بعده الرومان بعد كر وفر مع الفرس (700 سنة)، ثم الفتح الإسلامى (1400 سنة) بين ولاة كلهم معينون من المدينة (دولة الخلافة لمدة 40 سنة)، أو الكوفة على عهد خلافة سيدنا على القصيرة، ودمشق (الدولة الأموية، أقل من 100 سنة) أو بغداد وسامراء (الدولة العباسية الأولى، 500 سنة) أو الآستانة (الدولة العثمانية، 400 سنة) أو يؤسس الولاة دولا مستقلة عن دولة الخلافة الأم، مثل الدولة الطولونية ومن بعدها الإخشيدية (كلتاهما مجتمعتان 100 سنة) ثم الفاطمية (250 سنة) ثم الأيوبية- المملوكية (حوالى 350 سنة) ثم الحملة الفرنسية (3 سنوات) وهى مقدمة دخول مصر عصر الدولة الحديثة على يد أسرة محمد على (حوالى 150 سنة) التى حكمت حتى قيام ثورة يوليو 1952 التى ردت مصر إلى المصريين من الاحتلال البريطانى (حوالى 70 سنة).

إذن ثورة 2011 أعطت للمصريين فرصة تحرير المواطن بعد أن أعطت ثورة 1952 للمصريين فرصة تحرير الوطن. ولكن الملاحظ أننا نتحرك فى فضاء من السعى الدائم للالتفاف على الإرادة الشعبية. حدث ذلك مرة بعد استفتاء 19 مارس 2011 الذى أعقبه إعلان دستورى فى 30 مارس جعل البلاد تسير بخطوات «نعم» ولكن بسرعة «لا» فلا تحققت فوائد «نعم» ولا تحققت فوائد «لا». وإهدار الإرادة الشعبية الاستفتائية، كما قلت آنذاك، أخطر كثيراً من مضمون هذه الإرادة. ولو كانت الأغلبية مع «لا» فكان لا بد من احترامها. ولكن هذا لم يحدث. وتم إهدار الإرادة الشعبية مرة أخرى، مع حكم المحكمة الدستورية العليا ثم قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحل مجلس الشعب. ورغم أننى حضرت بعضاً من الجلسات التى كان فيها التحذير واضحاً من أن القانون المنظم لانتخابات مجلس الشعب غير دستورى، ولكن أصرت الأحزاب والقوى السياسية عليه. وضاعت الإرادة الشعبية الانتخابية، بحل المجلس. وها نحن نجد أمامنا حراكاً شعبياً جديداً يطلب بانتخابات رئاسية مبكرة، ولكن هذا لن يكون بسهولة إلا إذا استشعر الرئيس مرسى الحرج، وأعلن عنها هو بنفسه. ورغم أن الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة ليست عملاً مجافياً للدستور والقانون بل هى دعوة للعودة للإرادة الشعبية مرة أخرى ولكن فى موعد سابق على موعدها الدستورى، ولكنها تدخل فى منازعة قانونية مع الإرادة الشعبية السابقة التى تمثلت فى الانتخابات الأولى وفى الاستفتاء على الدستور.

الآن نحن فى اختبار حقيقى: هل نستطيع أن نحكم أنفسنا بأنفسنا وفقاً لقواعد ديمقراطية أم أننا لا نملك هذه لأسباب ثقافية وتاريخية وسياسية؟

أتذكر أننى فى جلسة مع بعض المؤيدين للدكتور محمد مرسى ذكرتهم بأن ما هو على المحك الآن ليس «المشروع الإخوانى» أو«المشروع الإسلامى» أو «الديمقراطية» وإنما «الدولة المصرية». وكان ذلك فى أعقاب مقال لى فى 21 يناير 2013 انتقدت فيه عدم التزام الرئيس بوعوده بما فى ذلك نتائج الحوار الوطنى الذى كان آنذاك مسوقاً سياسياً وإعلامياً كمحاولة من الرئيس لرأب الصدع. قلت فى هذا المقال تحت عنوان: «حين يفقد الحكم مصداقيته»، ما يلى: «لست من هواة ادعاء البطولات الزائفة أو التحذير من أشباح، ولكننى فى نفس الوقت لا أستطيع تجاهل الأخطاء الكبرى التى يمكن أن تفضى إلى نتائج كارثية: سيادة الرئيس، أنت تسير فى اتجاه إفقاد مؤسسة الرئاسة مصداقيتها حتى عند غير معارضيك. لو كان هذا مقصوداً من جهة ما للتضحية بالرئيس مرسى، فهى خطة ناجحة، وإن كان المقصود غير ذلك، فانتبهوا لأنكم تسيرون فى الاتجاه الخاطئ، ولا بد من التذكير أن فى أعقاب الثورات تكون شرعية الصندوق الانتخابى هى أضعف مصادر الشرعية. الشرعية الحقيقية هى شرعية المصالحة الوطنية والشراكة الشعبية وبناء المصداقية عند المنافسين وغير المتعاطفين، العاقل هو من يحرص على أن يختلف العقلاء معه، وليس عليه، وهذا ما لا يحدث الآن».

لذا فإن «الرئيس مرسى» يتآكل لأن شرعيته تتآكل.

المجتمع دائرة كبيرة، داخلها الدولة، والدولة على عهد الدكتور مرسى كانت أضعف كثيراً من المجتمع، وداخل الدولة هناك السلطة، والسلطة آنذاك كانت أضعف كثيراً من الدولة. وداخل السلطة هناك القيادة، والقيادة كانت أضعف من السلطة، وفى قلب القيادة توجد الرئاسة، والرئاسة لم تنجح فى أن تملأ مقعد القيادة ولم تستعِن بمن يساعدها على ذلك. والرئيس مرسى لم يكن يرى كل ذلك.

ولهذا كانت المقولة التى ذكرتها فى مارس 2013: «هناك من بين الثائرين والمعارضين من يريد إسقاط الرئيس مرسى، وهو يساعدهم». لذا أطلب من الدكتور مرسى جاداً أن يستجيب لطلبى الذى ذكرته فى مقال سابق لى: «رشح نفسك فى انتخابات مجلس النواب». النائب البرلمانى المعقول ليس بالضرورة رئيساً ناجحاً. هذا لمصر، وليس لـ«مرسى».

انتهى الاقتباس من المقال.

والخلاصة: هل استجاب لمطالب ملايين المصريين؟ لأ.

وهكذا الحال فى تاريخنا كله.

إذن، لا غرابة أن يكون ملخص تاريخ مصر: سمك، لبن، تمر هندى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملخص تاريخ مصر ملخص تاريخ مصر



GMT 08:19 2017 الجمعة ,31 آذار/ مارس

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 08:12 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 07:48 2017 الأحد ,19 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 07:47 2017 الجمعة ,17 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

GMT 09:01 2017 الأربعاء ,15 شباط / فبراير

من أمراضنا الأخلاقية

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon