توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محنة الشباب والفهلوة

  مصر اليوم -

محنة الشباب والفهلوة

بقلم معتز بالله عبد الفتاح

أكبر مشكلة تواجه شباب مصر أن المقومات الأخلاقية والفكرية للنهضة ليست موجودة بالقدر الكافى، بغضّ النظر عن من يحكمها. وعلينا أن نصارح أنفسنا بعيوبنا على أمل أن نستطيع علاجها. الذكى النجيب محمود، رحمة الله عليه، استخدم تشبيهاً جيداً لوصف علاقة المجتمعات المتخلفة بالعلم. عند هؤلاء يكون العلم مثل نقطة الزيت فى إناء الماء، تستطيع أن تميزها طافية على سطح الإناء لأن الزيت لا يختلط بالماء. أما الملح فحين يذوب فى الماء يغير خصائصه؛ فالعلم يرتقى بالمجتمع والمجتمع يحترم العلم. وعليه تعجّب الفيلسوف العظيم من أن بعض المشتغلين بالعلم يرتدون معاطفهم البيضاء وهم فى معاملهم ويتصرفون وفق أدق تفاصيل المنهج العلمى المنضبط وهم يجرون تجاربهم؛ ولكن بعد أن تنتهى ساعات العمل يخلعون معاطفهم ويبدو أنهم يخلعون معها المنهج العلمى الذى كانوا يستخدمونه وكأن المنهج العلمى من لوازم «أكل العيش» مثل نقطة الزيت المتميزة على صفحة إناء الماء. هل يمكن الزعم بأن بعضاً ممن يناقشون شئوننا العامة حاملو علم وليسوا بعلماء؟ ولا أتذكر تحديداً من قال هذه العبارة: «محاولة استخدام العمل لعلاج مشاكل مجتمع لا يعترف بالعلم هى محاولة غير علمية فى حد ذاتها».

وهذا حق. إذاً السؤال: وكيف نعرف العالم من غير العالم؟ أولاً: العالم متخصص. العلم الحديث لا يصلح فيه من يكتب ويتحدث فى كل شىء وكأنه يعرف كل شىء. مثلاً أنا حصلت على ماجستير فى الاقتصاد أثناء إعدادى للدكتوراه فى العلوم السياسية لأننى لم أكن سعيداً بمستوى معرفتى فى هذا الحقل المعرفى، وما كان لى أن أجرؤ على كتابة كلمة فى هذا الحقل إلا بعد إجازة من نوع ما فى هذا المجال. ومع ذلك أنا آخر شخص مستعد أن يتحدث فى الاقتصاد إذا ما تحدث المتخصصون؛ إدراكاً منى لجهلى. ثانياً: العالم يدور فى علمه مع الدليل وليس الأيديولوجيا أو الأفكار المسبقة. العالم كالقاضى وليس كالمحامى الذى يجمع الأدلة التى تحمى موكله ويرفض أو يتجنب الأدلة التى قد تدينه. ثالثاً: العالم متفاعل مع بيئته راغب فى الحوار والنقاش فى المجال العام. هناك قضايا كثيرة فى مجتمعنا ولا أعرف هل يُستشار فيها العلماء أم لا.

مثلاً من هم القائمون على تحديد شكل النظام الانتخابى المقبل؟ هل يشارك أساتذة النظم السياسية المقارنة والقانونيون والدستوريون فى هذه المسألة أم هى فقط قضية حزبية إعلامية ضيقة؟ من الذى سيحدد مصير «ممر التنمية» الذى اقترحه العالم الفاضل د. فاروق الباز؟ هل هناك استشارة للاقتصاديين فى هذه المسألة؟ وماذا عن المشروعات الأخرى الكثيرة التى بدأت ثم توقفت؟ مثال ثالث، قضية الزيادة السكانية التى كلما كتب فيها أحد المتخصصين خرج عليه الرافضون مقارنين مصر بالصين، مع ملاحظة أننا لا نملك ما عندها من موارد طبيعية. وحتى الصين تبنّت سياسات ضابطة للزيادة السكانية حتى تستطيع النهضة بدءاً من عام 1979.

ولولا هذا، مع عوامل أخرى، لما أصبحت ثانى أكبر اقتصاد وأكبر دولة دائنة فى العالم. أدعو أن نكوّن آراءنا بعد أن نقرأ للمتخصصين؛ هذا واجبنا. وليكتب هؤلاء المتخصصون؛ هذا واجبهم. ولنجعلها ثورة ضد الفهلوة، لو أمكن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محنة الشباب والفهلوة محنة الشباب والفهلوة



GMT 08:19 2017 الجمعة ,31 آذار/ مارس

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 08:12 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 07:48 2017 الأحد ,19 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 07:47 2017 الجمعة ,17 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

GMT 09:01 2017 الأربعاء ,15 شباط / فبراير

من أمراضنا الأخلاقية

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon