أمل البعض خيراً فى أن تكون إرادة موسكو وواشنطن قد التقتا على وقف الدماء فى سوريا. ولكن قال وزير الخارجية الأمريكى، جون كيرى، إنه لا جدوى من السعى لإجراء مزيد من المفاوضات مع روسيا بخصوص سوريا، فيما يترك الإدارة الأمريكية دون خطة بديلة وتسارع لإعداد خيارات جديدة للتصدى لتصاعد العنف.
وقال «كيرى»، فى مناقشة عامة بشأن السياسة فى واشنطن: «نحن على وشك تعليق النقاش مع روسيا». وأضاف: «إنها لحظة سيتعين علينا عندها أن نعكف على بدائل أخرى».
وقال مسئولان أمريكيان إن من المتوقع أن تبلغ الولايات المتحدة روسيا يوم الخميس بتعليق الاتصالات الدبلوماسية بشأن سوريا نظراً لانهيار هدنة توسطتا فيها فى 19 سبتمبر، وفى ضوء العنف الأخير فى حلب.
وأبلغ مسئولون أمريكيون «رويترز»، الأربعاء، بأن مسئولى إدارة الرئيس باراك أوباما شرعوا فى دراسة ردود أشد صرامة على هجوم القوات الحكومية السورية بدعم من روسيا على حلب، بما فى ذلك الخيارات العسكرية.
وقال أنتونى بلينكن، نائب وزير الخارجية الأمريكى، يوم الخميس: «الرئيس طلب من جميع الوكالات طرح خيارات بعضها مألوف وبعضها جديد نعكف على مراجعتها بنشاط شديد»، ولم يقدم «بلينكن» تفاصيل. وأضاف أن المسئولين «سيبحثونها فى الأيام المقبلة».
وقال «بلينكن» للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ: «كل الرعاة الأجانب سيضخون المزيد والمزيد من السلاح ضد روسيا. سينتهى الأمر بروسيا تدعم (الرئيس السورى بشار الأسد) فى جزء أصغر من سوريا».
وقال مسئول أمريكى إن الدمار فى حلب كبير بدرجة يتوقع أن تجعل الولايات المتحدة قادرة على حشد مزيد من الدعم الدولى العسكرى واللوجيستى وفى مجال التدريب للمعارضة المسلحة التى تواجه مأزقاً.
ووصفت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، سمانثا باور، الهجوم على حلب الخميس، بأنه «هدية» لتنظيم «داعش». وقالت «باور» إن ما يفعله «الأسد» وروسيا فى حلب «يفطر القلب».
وأضافت: «ما يفعلونه ليس فقط نثر بذور هلاك هذا البلد.. وإنما سيؤدى أيضاً إلى زيادة تدفق اللاجئين وزيادة التطرف». وقالت: «ما يفعلونه هدية لتنظيم داعش».
وفى واشنطن تساءل بعض المسئولين عما إذا كانت روسيا قد تلاعبت بالولايات المتحدة؟!
وقال مسئول مطلع على مناقشات الإدارة الأمريكية: «وضع (كيرى) والبيت الأبيض بالأساس رهاناتهم على المسار الدبلوماسى بناء على افتراض بأن (الرئيس الروسى فلاديمير بوتين) لم يكن يرغب فى أن تغوص روسيا فى أفغانستان أخرى وسيبحث عن سبيل لتفادى ذلك».
وأضاف أن الروس «لم يكونوا جادين قط سوى بمظهر المفاوضات».
وتابع المسئول، يقول: «الجانب الأسوأ هو أنهم استغلوا إيمان (كيرى) بالمحادثات لحشد قواتهم ومنح رفاق (الأسد) فرصة لإعادة بناء أنفسهم والاستعداد لما نراه الآن. إذا سألتنى سأقول.. لقد تلاعبوا بنا».
وقال مسئول آخر، إن الحكومة الأمريكية وجدت نفسها مرة أخرى مضطرة للرد على مبادرة روسية مثلما فعلت فى أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، ومثلما تفعل أيضاً فى الفضاء الإلكترونى.
روسيا من ناحيتها تحمّل الولايات المتحدة مسئولية تصعيد الصراع فى سوريا. وتبقى جبهة «الأسد»، ومعه روسيا وإيران وحزب الله، فى حالة توازن عسكرى مع جبهة معارضيه من الولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج. وكل يوم دماء جديدة ومآسٍ جديدة وضاعت سوريا فى حرب قد تستمر لسنوات طويلة كترجمة لصراعات دولية على أراضٍ عربية. سامحونا يا أهلنا فى سوريا، إنكم وإننا معكم فى فتنة تزر الحليم فيها حيران.