توقيت القاهرة المحلي 15:37:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا لو اختفى العرب؟

  مصر اليوم -

ماذا لو اختفى العرب

بقلم : معتز بالله عبد الفتاح

كتب الكاتب الفلسطينى أكرم عطاالله ما يلى:

ماذا لو اختفى العرب جميعاً؟ ماذا لو أفاق العالم فجأة، واكتشف أننا لم نعد موجودين؟ بالتأكيد لن يخشى من خسارة أى شىء، فلن ينقطع الإنترنت ولن تتوقف الأقمار الصناعية ولا مصانع السيارات وقطع غيارها، ولن تتوقف أسواق البورصة، ولن يفتقد أى مواطن فى العالم أى نوع من الدواء ولا المعدات الطبية وأجهزة الأشعة وغرف العمليات، ولا حتى السلاح الذى يقتل به بعضنا بعضاً، فلم نقدم للعالم أى خدمة سوى الكلام، وصورة قتل بعضنا فى الصحف ونشرات الأخبار.

ستطل سيدة فرنسية من شرفتها، لتقول لسيدة أخرى: لقد اختفى العرب جميعاً، وستسأل الأُخرى الجاهلة: أنت تتحدثين عن هؤلاء الذين يقتلون بعضهم ليل نهار؟ نعم، وإذا كان أحد يعتقد أننى أبالغ فى رسم الصورة فليقف على مسافة فى أية عاصمة خارج الوطن، وليراقب خيط الدم من ليبيا حتى العراق، مروراً بمصر وسوريا واليمن، وما بينها من أمة نصفها يسبح على بطنه من شدة الجوع ونصفها الآخر يسبح على كرشه من شدة الشبع، وكلهم عالة على البشرية.

هم ينتجون كل شىء، ونحن نستهلك كل شىء، ولا ننتج سوى الكلام، ثم نعيد تفسير الكلام وتأويله وتدويره عن التحريض والكراهية والإقصاء، فكل من العرب له مشكلة مع العرب، ولم تتوقف صراعات العرب البينية منذ فجر التاريخ، دول تكره بعضها وقبائل تتربص لبعضها وميليشيات تنتشر بلا حساب، كلٌ شاهرٌ ما استطاع أن يعده من قوة وخيول لم تتوقف عن الجرى فى ساحات المعارك. وحده الفلسطينى المحظوظ وسط هذه الأمة أن صراعه مع إسرائيل، لكنه لم يشذ عن الأوركسترا العربية، فقد فتح صراعاً مع نفسه، ليؤكد انتماءه لهذه الأمة.

نحن أكثر شعوب الأرض حديثاً واحتفالاً بالانتصارات رغم الهزائم التى تملأ تاريخنا الحديث والقديم، حتى شعاراتنا أكبر من الأوطان، نحول الهزيمة لنصير بمجرد جمل إنشائية، خبراء فى قلب الحقائق وتزييف الواقع والماضى، غارقين فى أحلام المستقبل بأوهام بعيدة تماماً عن واقع آخذ بالانهيار، لا نفعل شيئاً للمستقبل سوى التمنى والكلام.

كان يجب أن يصاب الإقليم بهذه الرجة العنيفة، ليس فقط لتُظهر عرينا السياسى والأخلاقى والاجتماعى، بل تصيبنا بصدمة اكتشاف واقع الحالة العربية التى حاولنا إخفاءها على امتداد عقود وربما قرون أصابت بعض الحالمين بعدوى الأمل الكبير ليغنوا «الحلم العربى» والوحدة العربية قبل أن نعود لعصر الجاهلية ونتحدث عن وحدة الدولة الواحدة فى العراق وسوريا وليبيا واليمن، وكى تنزوى كل أحلام وحدة العرب فى دولة.

لم يكن يتصور أى من الشباب العرب أن أمامهم واقعاً بهذه القسوة وبهذا السوء، ففى لحظة كانت كل الآمال بمستقبل واعد أكثر، ولكن الحقيقة التى نعرفها جميعاً أن كل الشباب العربى الذى يتعرض للتهميش وهو بلا عمل يصطف على الأرصفة فى طوابير البطالة منذ سنوات، وهجرة الشباب العربى باتجاه واحد نحو الغرب، حتى عندما كانت الدول مستقرة، فما بالنا عندما يحدث هذا الارتجاج.

كثيرون يقارنون بين ما يحصل عندنا وما حصل فى أوروبا عندما خرجت للنور على أمل أن يؤدى هذا النفق المظلم إلى نقطة الضوء.. لكن هناك تمايزاً فى التجربتين.. ففى أوروبا صاحب الحروب الأهلية نقاشٌ فكرى هائل، بينما يصاحب حروبنا نزعات انتقامية غرائزية لا تبشر، إذا لم نبدأ نقاشنا وقراءة واقعنا على مهل بعيداً عن صخب السلاح ورائحة الدم.. نقاشاً يبدأ بسؤال: ماذا نحن؟ وينتهى بإجابة كيف يجب أن نكون؟ وإلا فإن الرحيل عن الأوطان هو أفضل الخيارات للأجيال المقبلة..!

المصدر : صحيفة الوطن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا لو اختفى العرب ماذا لو اختفى العرب



GMT 14:31 2022 السبت ,30 تموز / يوليو

اختبار تاريخ الكون

GMT 11:37 2022 الجمعة ,18 آذار/ مارس

نتفلكس والاستعباط

GMT 01:31 2020 الجمعة ,29 أيار / مايو

وصاية «تويتر» على ترمب... والعاقبة والعقاب

GMT 08:16 2020 الجمعة ,06 آذار/ مارس

التعليم الأخطبوطي

GMT 01:49 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

القاتل الجديد ليس القاتل الكبير

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon