بقلم : معتز بالله عبد الفتاح
تابعت باهتمام جلسات مؤتمر الشباب فى أسوان واستوقفنى كما استوقف كثيرين ما قاله الشاب علاء مصطفى، 21 عاماً، مقيم بـ«نجع ونس»، التابع لمركز دراو بمحافظة أسوان، ويعمل فنى إحصاء بمستشفى «دراو المركزى»، والذى طلب الحوار خلال مشاركته فى جلسة «مبادرة الصناعات الصغيرة والمتوسطة للصعيد»، فى مؤتمر الشباب أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى. والذى اهتم الزملاء بعمل قصة خبرية عنه بالأمس فى «الوطن».
استوقفنى فى القصة الحقائق وخرجت منها باستنتاج عام.
أما الحقائق فهى ما ذكره الزميل عبدالله المشالى فى قصته الخبرية من أن «علاء» أفصح عما تضيق به صدور الآلاف من الأهالى فى أسوان، بسبب تردى الخدمات وتقصير المسئولين بالمحافظة، مشيراً إلى أنهم قاموا بتجميل وجه المدينة، وإخفاء المناظر القبيحة قبل زيارة الرئيس، معتبراً ذلك تزييفاً للحقيقة، وأضاف: «المحافظ أبدى اهتمامه بنظافة المدينة لاستقبال الرئيس حتى تظهر بمظهر لائق، بخلاف الأيام العادية التى يهمل فيها جميع المسئولين نظافة المحافظة».
وفجَّر مفاجأة أمام الرئيس «السيسى» بقوله: «حتى لو هاتفصل من شغلى هقول الحقيقة، مياه الصرف يتم صرفها فى النيل، حتى لا يشم الرئيس الريحة الكريهة». وتابع: «أنا عارف إنى مش هبقى آمن بعد الكلام ده، وممكن أمشى من وظيفتى، لكنى أقول الحقيقة».
وتعليقاً على ما حدث فى مؤتمر الشباب، قال «علاء» لـ«الوطن»، إن والده مزارع بسيط ولديه 4 شقيقات أصغر منه سناً، ووالدته ربة منزل، لافتاً إلى أنه تألم كثيراً بعد تحول مصرف السيل من مجرى لتصريف مياه السيول والأمطار إلى مجرى للصرف الصحى غير المعالج، وأضاف: «حسيت إن مسئولى المحافظة مش فارق معاهم المواطن البسيط الغلبان، المحافظة مدت مواسير صرف صحى كبيرة وردمت نهاية المصرف فى الناحية الشمالية لمدخل مدينة أسوان لتلقى بما يزيد على 120 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحى مباشرة فى النيل، ولقيت إنهم بيخبوا على الرئيس الريحة وكمان وضعوا سواتر علشان لما الرئيس يصلى فى المسجد الجامع ما يشمش الريحة الكريهة اللى كلنا بنشمها يومياً، قلت لازم أقول الحقيقة»، وأضاف أنه وثمانية من زملائه من أبناء أسوان طلبوا الكلمة أثناء المؤتمر، لافتاً إلى أنه تم اختياره مصادفة ليتحدث أمام الرئيس، فما كان منه إلا التحدث بلسان الآلاف من أهالى أسوان، مشيراً إلى أن هناك تقصيراً فى المحليات وأعمال النظافة، وأن الاهتمام بالشوارع وتجميلها قبل زيارة الرئيس كان سبباً فى استفزاز الأهالى، وتابع: «اطمنت أكتر لما الرئيس السيسى حضنى وشعرت بالفخر والاعتزاز وتأكدت يقيناً إن بقى لينا صوت فى الصعيد، ومفيش أكتر من إن الرئيس السيسى يستمع لمطالبنا ومشكلاتنا ويأمر بحلها، بل يتابع بنفسه سير أعمال إنهاء المشكلة ويخترق المناطق العشوائية، ويذهب لمحطة الصرف بكيما 1 و2 ويصطحبنا معاه ونتحاور ونصل لحل قريب وعاجل». وأضاف: «خلال وقوفى بجوار الرئيس فى اللقاء الختامى للمؤتمر الوطنى للشباب، الابتسامة لم تفارقنى وكنت مذهولاً ومش عارف أقول إيه، والريس قال لى أنت فى أمان وقول اللى فى نفسك وبراحتك، وأنا أشكره إنه أعطى أوامره بتحويل محطة الصرف من معالجة ثنائية إلى معالجة ثلاثية، ودى حاجة كبيرة بالنسبة لنا كشباب، وده نجاح لمؤتمر الشباب فى أسوان».
انتهى ما جاء فى القصة الخبرية، ولى عدة استنتاجات:
أولاً، ما فعله «علاء» بشجاعة وإصرار أنفع له ولمجتمعه من أن يدخل على وسائل «التباعد» الاجتماعى ويسب هذا ويشتم هذا ويقدح فى ذلك، هو لم يلعن الظلام وإنما أخذ المشكلة إلى حيث ينبغى أن تكون.
ثانياً «ده نجاح لمؤتمر الشباب فى أسوان» ليس استنتاجاً كاملاً، وإنما النجاح حين تكون هناك آلية منتظمة يستمع من خلالها لأصوات الشباب واقتراحاتهم، وتعويدهم على أن واجبهم أن يشاركوا فى تحمل مسئولية طرح المشاكل والحلول.
ثالثاً، مؤتمر الشباب لا بد أن يستمر وأن يتوسع وأن يعقد بالفعل فى كل محافظة وأن تكون فيه مساحة كبيرة للشباب كى يعبروا عن وجهات نظرهم.
المصدر : الوطن