بقلم : معتز بالله عبد الفتاح
هذا العنوان ليس من عندى، ولكنه عنوان «كليب» عرضه تليفزيون جريدة «الوطن» على موقعه وشاهدته بالأمس. العنوان يناقش العلاقة بين الأطفال من الجنسين وكيف يرى الأولاد البنات وكيف ترى البنات الأولاد. من يشاهد «الكليب» ينتهى إلى أن العلاقة بين الطرفين هى علاقة استبعاد وتخوف أكثر منها علاقة تعرف وتعارف إنسانى.
لو عُدنا إلى تجارب الدول الآسيوية، لوجدنا أنها اهتمت كثيراً ببناء الشخصية الوطنية من حيث القيم والمهارات. لو حدث زلزال مدمر فى كوريا الجنوبية الآن وجاء عاليها واطيها (لا قدّر الله)، لن تكون أكثر من سنوات قليلة، لتعود إلى ما كانت عليه، لأن الإنسان الكورى قوى عفى جاهز قادر مستعد. لو حدث زلزال فى مصر جاب عاليها واطيها (لا قدّر الله)، سيضيع كل ما نبنيه يا ريس فى عهدك، نحن نُصلح الموتور، لكننا لا نُبلغ سائق السيارة بأخطائه التى أدت إلى تدمير الموتور السابق. رئيس وزراء سنغافورة الراحل، لى كوان يو، قال: «لم يكن دورى أن أُغير سنغافورة، كان دورى أن أُغير الإنسان السنغافورى، وهو يغير سنغافورة». وهذا هو ما فعله المصلحون فى كل مجتمعات الدنيا، بدءاً من الأنبياء، وصولاً إلى من قادوا الأمم وساسوا الشعوب.
هل نحن نعرف خصائص الإنسان المصرى الذى نريده بعد 10 سنوات من اليوم؟ لأ.. لكننا نعرف خصائص قناة السويس الجديدة طولاً وعرضاً وعمقاً. هل عملنا مؤتمراً اقتصادياً يحضر كل جلساته رئيس الجمهورية حول «بناء الشخصية المصرية» مثلما فعلنا مع المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ؟ لأ.. لماذا؟ لأننا نهتم بالحجر أكثر من اهتمامنا بالبشر. لأن الدولة لا تقوم بوظيفتها التربوية بنفس اهتمامها بوظيفتيها الأمنية والتنموية، وهى لن تنجح فى وظيفتيها الأمنية والتنموية إلا إذا قامت بوظيفتها التربوية.
لو كنا مقتنعين بأهمية تربية الإنسان بقدر اهتمامنا ببناء البنيان، فهذه محاولة. أزعم أن هناك خمسة أنواع من القيم المركزية أو القيم الآمرة التى لا يجوز الاتفاق على مخالفتها ولا يجوز التسامح مع تجاهلها، والتى ينبغى أن تضطلع الدولة بمهام إقرارها فى العقل المصرى.
بعض هذه القيم معرفية، وبعضها سلوكية، وبعضها اجتماعية، وبعضها سياسية، وبعضها اقتصادية. وقد فصلت فيها من قبل.
هذه خمسة أنواع من القيم فى خمسة مجالات أساسية، والدولة تملك خمسة أنواع من الخطاب يمكن أن تستخدمها لبناء الإنسان المصرى الجديد بدءاً من الأطفال فى المدارس، وهى: الخطاب السياسى، الخطاب الدينى، الخطاب الإعلامى، الخطاب الثقافى والفنى، الخطاب التعليمى. واستخدام هذه الأدوات لن يُكلف الدولة أكثر مما تدفعه فعلياً، فلا تكلفة إضافية، وإنما هى مسألة إعادة توجيه الموارد لخدمة قضية أكبر من المصالح الضيقة لكل فرد من الأفراد أو مجموعة من أصحاب المصالح.
نعم نستطيع، لو قرّرنا أن ننجح. لسنا بدعاً من البشر. أختم بأن أقول: «لا مجال لمصر جديدة، إلا بإنسان مصرى جديد». قولوا يا رب.
المصدر : صحيفة الوطن