بقلم : معتز بالله عبد الفتاح
الاتصال التليفونى بين الرئيسين السيسى وترامب مهم، والأهم منه زيارة الرئيس السيسى المرتقبة إلى واشنطن لعدة أسباب يمكن تصنفيها تحت خانتين كبيرتين:
أولاً، إقليمياً، هذه مرحلة تضع فيها جماعات الضغط (lobbyists) كافة وسائل تأثيرها فى خدمة الدول والجماعات التى تعمل لها لتضع قضايا بذاتها على أجندة الرئيس الأمريكى وأخرى بعيدة عنها، وهذا ما فعله رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو بالمسارعة بالاتصال بعد التنصيب وطلبه زيارة البيت الأبيض. الدول العربية لا بد أن يكون لها كلمتها، لا سيما أنها أصبحت ساحة للصراعات الإقليمية غير العربية والدولية أيضاً. وتُعتبر مصر من وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية هى الشريك الأهم فى المنطقة ولا بد أن يسمع الرجل مباشرة من قيادات المنطقة رؤاها بشأن علاج مشاكل المنطقة.
وقد أثبتت مصر، وأثبتت القيادة الحالية، أنها أكثر واقعية فى أطروحاتها من كثير من الدول المحيطة بنا، وبالتالى يكون من المفيد ألا تُترك الساحة لإسرائيل أو لدول تغلّب مصالحها الوطنية الضيقة على استقرار المنطقة بصفة عامة.
يضاف إلى ذلك أن مصر بحاجة لدعم دولى للحفاظ على أمنها المائى وأن تتلقى الدعم الواجب فى حربها على الإرهاب، لا سيما أن الرئيس الأمريكى يبدو متفهماً لمعضلة المتاجرة بالدين التى تعيشها المنطقة.
كما أن الصراع العربى الإسرائيلى سيدخل مرحلة خطرة لو أقدم الرئيس الأمريكى على تنفيذ وعده بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. وهو تخوُّف فى قمته مع هذا الرئيس مقارنة بأى رئيس آخر لأنه لا يرى نفسه رئيساً «حزبياً»، بل هو يتنصل من الكثير من القيادات الجمهورية ويعلن صراحة أنه سيفعل ما يراه فى مصلحة بلاده بغضّ النظر عمن يدّعون أنهم خبراء يعرفون ما الذى ينبغى أن يكون فى صالح أمريكا. هناك احتمال أن يفاجئنا هذا الرجل باتخاذ قرار بنقل السفارة مثلما ندد بشدة بامتناع الولايات المتحدة عن التصويت فى مجلس الأمن على قرار يدين الاستيطان.
الأفضل لنا جميعاً هو ألا ينقل الرجل السفارة، وعلينا أن نوضح له مخاطر ذلك محلياً فى فلسطين وعربياً وعالمياً.
والشىء الوحيد الذى يمكن أن نجنيه نحن العرب حال اتخاذه أى قرار فى هذا الصدد هو أن يعلن صراحة أنه سينقل السفارة إلى القدس الغربية مع اعترافه بأن القدس الشرقية أرض محتلة. وبهذا نكون قد تقدمنا خطوة بسيطة على صعيد اعتراف أمريكى ثم دولى بأنه ليس من حق إسرائيل ضم القدس الشرقية بما يتفق تماماً مع قرارات كثيرة دولية فى هذا الصدد.
والأفضل مرة أخرى، ألا يقدم على تحريك السفارة من تل أبيب إلى القدس.
ثانياً، محلياً، مصر دولة طموحة اقتصادياً وتريد من الولايات المتحدة الدعم المادى والمالى، سواء بنقل تكنولوجيا حديثة أو تخصيص منح أكثر، أو توجيه استثمارات أكثر، أو حتى رفع الحظر المتكرر على السياحة الأمريكية إلى مصر.
كما أن مصر أصبح لها واحد من أقوى جيوش المنطقة بصفقات تسلح معظمها خالية من الصناعة الأمريكية بما يعنى أن الولايات المتحدة خسرت شراكتها العسكرية مع مصر بعد وقف الولايات المتحدة المساعدات لمصر قبل قرار البيت الأبيض باستئنافها مرة أخرى بعد فوز الرئيس ترامب.
هناك مسئولية كبيرة على الرئيس السيسى فى أن يقدم رؤية مصرية متكاملة لمشاكل المنطقة إلى الساكن الجديد فى البيت الأبيض.
المصدر: الوطن