اليوم «الخميس»، ستجرى بريطانيا استفتاءً على مغادرة الاتحاد الأوروبى.
وقد أعجبتنى طريقة إدارة البريطانيين للجدل حول هذه القضية المصيرية.
رغم بعض الأصوات المتطرفة هنا وهناك فإن معظم الجدل يدار بطريقة عقلانية قائمة على المكسب والخسارة.
والقضية فيها الكثير من الجدل السياسى لكنها اقتصادياً تميل بشدة ناحية بقاء بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى. وكما جاء على موقع العربية.نت فإن عدداً من الخبراء الاقتصاديين يركزون على أن كل الأسباب الاقتصادية ترجح ألا تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبى.
مثلاً أوضح المحلل المالى، نادى عزام، أن دعاة الخروج من اﻻتحاد الأوروبى ﻻ يتجاوز عددهم 65 نائباً من أصل 650 نائباً، أى ما يعادل 10% فقط من إجمالى عدد النواب.
وأشار إلى أن نحو 16% من سكان بريطانيا يؤيدون وبشكل مباشر وقاطع البقاء فى اﻻتحاد الأوروبى مسبقاً، وهم سكان أسكتلندا وأيرلندا الشمالية وويلز، وأن أكثر من 10% من إجمالى عدد السكان ينتمون لأصول عربية وأفريقية وآسيوية وأيضاً ﻻ يؤيدون الخروج من اﻻتحاد الأوروبى.
ولفت إلى أن نحو 15% من البريطانيين تربطهم علاقات تجارية وأعمال بباقى دول اﻻتحاد الأوروبى، سيؤيدون البقاء فى اﻻتحاد، وأن نسبة مهمة من الأوروبيين يعيشون فى بريطانيا ولهم حق التصويت، وفى النهاية يؤيدون استمرار بريطانيا داخل اﻻتحاد الأوروبى.
وأكد أنه على الأقل يؤيد أكثر من نصف الشعب البريطانى البقاء فى اﻻتحاد الأوروبى، مشيراً إلى أن خروج بريطانيا معناه بداية تفتيت بريطانيا نفسها وانفصال أيرلندا الشمالية وأسكتلندا وبداية انهيار إنجلترا.
وقال إن خروج بريطانيا من اﻻتحاد سيؤدى إلى عدة كوارث اقتصادية لكبرى الشركات والبنوك البريطانية والأوروبية، وهو ما لا يتقبله رجال الأعمال وأصحاب القرار داخل بريطانيا.
وعلى الصعيد الأوروبى، فإن خروج بريطانيا سوف يكبد الاتحاد الأوروبى خسائر قاسية وحادة، وسوف يعرض الاتحاد إلى الانهيار، خاصة أن التوقعات تؤكد حدوث ركود اقتصادى بمجرد تخارج بريطانيا من أوروبا، بالإضافة إلى حملة ضغط وتخويف من كبرى الشركات والبنوك والمؤثرين فى الرأى العام البريطانى للتصويت للبقاء داخل اﻻتحاد الأوروبى وهم لن يسمحوا باﻻنفصال.
وتراجع الجنيه الإسترلينى من أعلى مستوى له فى خمسة شهور ونصف الشهر مقابل الدولار خلال تعاملات أمس «الثلاثاء»، بعد أن أظهر استطلاع رأى أن حملة مؤيدى بقاء بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى فقدت بعض تقدمها قبيل الاستفتاء المقرر إجراؤه اليوم «الخميس» على عضوية بريطانيا فى الاتحاد.
وبعد صعود الإسترلينى فى وقت سابق من الجلسة إلى 1.4788 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ بداية العام، قلصت العملة البريطانية مكاسبها ليجرى تداولها عند 1.4708 دولار بحلول الساعة 1325 بتوقيت جرينتش.
كما أظهر استطلاعان للرأى نشرت نتائجهما الاثنين الماضى، أن المعسكر المؤيد لبقاء بريطانيا فى الاتحاد استعاد بعض قوته قبيل الاستفتاء بعد مقتل نائبة بالبرلمان مؤيدة للبقاء فى الاتحاد، لكن استطلاعاً آخر للرأى أظهر تقدماً طفيفاً للمعسكر المؤيد للخروج من الاتحاد.
القضية جدلية، ولكنها درس حقيقى فى «حكم الشعب» واحترام إرادة المواطنين.