تتحدث الكتب المتخصصة عن صفات عدة أستطيع جمعها فى سبع:
أولاً - «وضوح الرؤية»: كل رئاسة لها عنوان كبير يحكمها وتحدٍّ رئيسى تتميز به. ما رؤية الرئيس لهذا التحدى وكيف سيلهب حماس الناس كى تقتنع برؤيته وكى تعمل معه. دردشات الموقد
على عهد «روزفلت» التى ألهمت الشعب الأمريكى للتغلب على الكساد، خطابات «لينكولن» عن «البيت المنقسم» واستراتيجيته لمواجهة الانقسام هى التى خلقت الدعم له لإنقاذ الاتحاد،
مع الحد من التوسع فى العبودية.
ثانياً - «التسويق السياسى للقرارات والقوانين والسياسات»: الرئيس الناجح هو موصل جيد لأفكاره وتقييماته للناس، ليس فقط لأنصاره ولكن لمعارضيه أيضاً. لا يمكن لرئيس أن ينجح إلا إذا
كان قادراً على أن يقنع المعارضين والمتشككين بتقييمه السياسى للأحداث والتحديات والفرص المتاحة. لا شك أننا ندرك كمّ التفاوات فى القدرة الشخصية لكل من رؤساء مصر السابقين فى
عرض أفكارهم وخلق تعاطف معها بالذات حين يرتجل.
ثالثاً - «الذكاء العاطفى»: وهو المصطلح الذى استخدمه «Fred Greenstein» من جامعة برينستون ليفسر الخصائص الذاتية التى تفسر لماذا ينجح بعض السياسيين
ويفشل بعضهم، وقد فسر هذا المصطلح بأنه يعنى «خلو الرئيس من الاضطرابات العاطفية التى تشتته، وأن يتمتع بدرجة من الثقة بالنفس التى تجعله يحافظ على مجموعة من الثوابت الأخلاقية
والفلسفية والسياسية التى تحكمه».
رابعاً - «احترام الرأى العام وإقناعه والإنصات له»: الرئيس لا يقود قطيعاً من الحيوانات، بل هو يقود أناساً قد يكون بينهم من هم أعلم منه فى الكثير من المجالات. وواجبه أن ينصت إليهم
وأن يستفيد من الأفكار الجيدة حتى لو جاءت من منافسيه.
خامساً - «الرئيس الناجح يحيط نفسه بفريق قوى حتى وإن لم يكن متجانساً تماماً ولكن المهم أن يكونوا أكفاء وعقلاء»: فى التاريخ الأمريكى، دائماً ما يتم ذكر اسم جورج واشنطن، الرئيس
المؤسس للولايات المتحدة، ومعه فريق عمله الذى كان على رأسه توماس جيفرسون وألكسندر هاملتون فى حكومته، كل منهما قامة فلسفية وسياسية كبيرة، ولكنهما كانا يكرهان بعضهما البعض.
ومع ذلك كان جلوسهما مع جورج واشنطن على مائدة النقاش قبل اتخاذ أى قرار «واحدة من أهم ضمانات صحة القرار»، كما قال واشنطن نفسه.
الرئيس بحاجة لأن يكون المحيطون به أقوى منه فى مجالات مختلفة يعانى هو منها نقصاً. وكما تقول النصائح: «على الرئيس أن يبحث عمن ينتفض من على كرسيه ليذهب لمكتب الرئيس ليقول
له: سيدى الرئيس، إن قرارك فى كذا وكذا خاطئ تماماً وأسبابى هى كذا وكذا» ثم يدير معه حواراً عاقلاً.
سادساً - «حسن تنظيم العمل فى القصر الرئاسى قضية لا تقل أهمية عمن يشتغلون فيه»: كل دولة فى العالم لها تقاليدها فى تنظيم مؤسساتها الرئاسية، وفى الدول الرئاسية وشبه الرئاسية
هناك ثلاثة نماذج لبنية المؤسسة الرئاسية، هناك النموذج الأمريكى، وهناك النموذج الروسى، وهناك النموذج الفرنسى، وداخل كل نموذج تتوزع عملية تدفق المعلومات وآلية صنع القرار على نحو
يجعل عملية تحديد أجندة الرئيس (Agenda setting) إما تشاركية أو مركزية، ويكون هناك تحديد لعلاقة كبير موظفى القصر الرئاسى بمستشارى الرئيس بالموظفين الرسميين،
مثل: مدير جهاز المخابرات بالسكرتارية الخاصة للرئيس، كل اسم من هؤلاء وراءه أجندة معقدة وأولويات مختلفة، وقد يكونون سبباً فى نجاح الرئيس أو فشله مهما كانت قدراته الشخصية.
جيمس ماديسون، العبقرى الذى كان وراء معظم أفكار الدستور الأمريكى، لم يكن رئيساً ناجحاً وكانت نقطة البداية فى أنه لم يكن ناجحاً فى إدارة البيت الأبيض، فما بالك بإدارة الدولة كاملة!
سابعاً - «التزام الرئيس بوعوده الانتخابية، وعلى الأقل توضيح أسباب عدم الالتزام بها» لأنها عقد بين الناخب والمرشح، والرئيس الذى لا يفى بالوعد لن ينجح فى قيادة الجماهير.
"الوطن"