توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المواطن والوطن الذى نريد

  مصر اليوم -

المواطن والوطن الذى نريد

معتز بالله عبد الفتاح


ربط الأستاذ أيمن الصياد بين مقالى المعنون «المواطن الذى نريد» بمقال سابق له بعنوان «الوطن الذى نريد». وعندى أنهما مدخلان متلازمان يؤدى أحدهما بالضرورة إلى الآخر. يقول الأستاذ أيمن: وطنٌ يحترم دستوره وجميع أبنائه، ويعدل بينهم، مهما اختلفت آراؤهم أو «معتقداتهم» أوحالتهم الاجتماعية أو الاقتصادية، ويعرف أن الفارق بين الديمقراطية والشمولية هو فى إدراك أن حكم الأغلبية غير مطلق، بل مقيدٌ بحقوق الآخرين.

وطنٌ يحكمه القانون، لا «التحريات الأمنية» التى قد تخطئ أو تصيب. وطن لا مجال فيه لنظام يسمح بأن يحدث فيه ما حدث لخالد سعيد أو سيد بلال الذى أُخذ يوماً مظلوماً بلحيته، (والأمثلة صارت كثيرة بحيث يتعذر أن تحصى أو تُعد). كما لا يسمح أيضاً بثقافة مريضة تدفع هذا أو ذاك إلى أن يظن أن طريق الجنة يمر بتفجير يستهدف أبرياء مهما كان المبرر.

وطن لا يسمح بنظام يقوم على «توريث» فج للمناصب والنفوذ. وينتحر فيه شاب متفوق بعد أن فشل فى أن يأخذ حقه فى أن يكون دبلوماسياً، لا لسبب إلا لأنه ابن لمزارع بسيط فى دولة أنشأها ابن لساعى بريد اسمه جمال عبدالناصر.

وطنٌ لا مجال فيه لنظام يستخدم الدين «استقواءً» فى مواجهة خصومه، كما لا مجال فيه لاستحضار الدين «الذى هو مقدس» إلى غير ساحاته؛ مزايدة أو تحريضاً بالزعم مثلاً بأن تصويتاً بعينه هو الطريق إلى الجنة. أو بوصف «خلاف سياسى» بأنه معركة بين الدين «وأعدائه».

وطنٌ يعيش تحديات عصره لا معارك ماضٍ يستحضر أجواءه متاجرون أو مغامرون أو غافلون عن تحديات المستقبل الحقيقية.

وطنٌ يدرك القائمون عليه أن إصلاح المؤسسات «أمنية أو قضائية أو إعلامية» مطلوب وضرورى، ولكنه لا يعنى أبداً هدمها أو تغيير ولاءاتها. كما لا يعنى بالتأكيد استهداف العاملين فيها (الذين هم مصريون فى نهاية المطاف) بالسلاح أو التفجيرات.

وطن يعرف قيمة أن يكون «القضاء مستقلاً»، فلا يسمح بنظام تتحكم فيه السلطة التنفيذية بالقضاء؛ إن بسيف المعز أو بذهبه. أو أن يحُال الناسُ فيه إلى غير قاضيهم الطبيعى.

وطنٌ يجيد القائمون عليه قراءة تجارب الآخرين التى تقول بأن هناك «شروطا» لإنجاح مراحل التحول الكبرى فيما بعد الثورات. وهى الشروط أو المتطلبات الخمسة التى سمّتها كتب السياسة بتدابير «العدالة الانتقالية» TRANSITIONAL JUSTICE والتى أشرنا إليها هنا تفصيلاً غير مرة، والتى تهدف فى نهاية المطاف إلى انتقال آمن «وسلمى» لمجتمع ديمقراطى حقيقى، يشعر فيه الناس «جميعهم» بالعدالة والمساواة. ولا تسمح قواعده بتكرار الانتهاكات التى جرت فى الماضى وثار بسببها الناس.

وطنٌ يدرك مسئولوه أن «لا دولة قوية دون معارضة قوية»، وأن ما جرى لـ٢٥ يناير من انتكاسة، لم يكن إلا بسبب تجريف الحياة السياسية» (والتعبير للأستاذ هيكل) قام به بدأب نظام مبارك بالقضاء الممنهج على المعارضة، عنتاً وقمعاً وتدجيناً.

وطنٌ يقرأ الغافلون فيه جيداً معنى التعبير العفوى لتغريدة كتبها شاب يوماً على موقع التواصل الاجتماعى تويتر: «الله.. الوطن.. الهجرة»، كما التعليقات عليها.

هذه هى ملامح الوطن «الذى نريد» والتى أخشى أن ينساها أولئك المستدعون/ المطمئنون لمقولات الاستبداد القديمة، سواء تدثرت برداء دينى أو وطنى، أو اختفت مكراً خلف صفوف هذا أو ذاك. لا فارق. فالاستبداد هو الاستبداد، سواء وصفه الكواكبى أو HOBBES، وسواء تبناه طاغيةٌ، أو معتقدٌ بأن فيه صالح البلاد والعباد. فكما أن المفسدين فى الأرض يظنون أن ما يفعلونه حسناً، قائلين «إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ»، كذلك تعلمنا أن الطريق إلى جهنم مفروش أحياناً بالنيّات الطيبة.

أتعرفون قيمة لحظة ١١ فبراير العبقرية التى أضعناها؟

أن كل من فى الميدان يومها كان يشعر بأن هذا «وطنه» الذى عليه أن يعمل من أجله.

ربط الأستاذ أيمن الصياد بين مقالى المعنون «المواطن الذى نريد» بمقال سابق له بعنوان «الوطن الذى نريد». وعندى أنهما مدخلان متلازمان يؤدى أحدهما بالضرورة إلى الآخر. يقول الأستاذ أيمن: وطنٌ يحترم دستوره وجميع أبنائه، ويعدل بينهم، مهما اختلفت آراؤهم أو «معتقداتهم» أوحالتهم الاجتماعية أو الاقتصادية، ويعرف أن الفارق بين الديمقراطية والشمولية هو فى إدراك أن حكم الأغلبية غير مطلق، بل مقيدٌ بحقوق الآخرين.

وطنٌ يحكمه القانون، لا «التحريات الأمنية» التى قد تخطئ أو تصيب. وطن لا مجال فيه لنظام يسمح بأن يحدث فيه ما حدث لخالد سعيد أو سيد بلال الذى أُخذ يوماً مظلوماً بلحيته، (والأمثلة صارت كثيرة بحيث يتعذر أن تحصى أو تُعد). كما لا يسمح أيضاً بثقافة مريضة تدفع هذا أو ذاك إلى أن يظن أن طريق الجنة يمر بتفجير يستهدف أبرياء مهما كان المبرر.

وطن لا يسمح بنظام يقوم على «توريث» فج للمناصب والنفوذ. وينتحر فيه شاب متفوق بعد أن فشل فى أن يأخذ حقه فى أن يكون دبلوماسياً، لا لسبب إلا لأنه ابن لمزارع بسيط فى دولة أنشأها ابن لساعى بريد اسمه جمال عبدالناصر.

وطنٌ لا مجال فيه لنظام يستخدم الدين «استقواءً» فى مواجهة خصومه، كما لا مجال فيه لاستحضار الدين «الذى هو مقدس» إلى غير ساحاته؛ مزايدة أو تحريضاً بالزعم مثلاً بأن تصويتاً بعينه هو الطريق إلى الجنة. أو بوصف «خلاف سياسى» بأنه معركة بين الدين «وأعدائه».

وطنٌ يعيش تحديات عصره لا معارك ماضٍ يستحضر أجواءه متاجرون أو مغامرون أو غافلون عن تحديات المستقبل الحقيقية.

وطنٌ يدرك القائمون عليه أن إصلاح المؤسسات «أمنية أو قضائية أو إعلامية» مطلوب وضرورى، ولكنه لا يعنى أبداً هدمها أو تغيير ولاءاتها. كما لا يعنى بالتأكيد استهداف العاملين فيها (الذين هم مصريون فى نهاية المطاف) بالسلاح أو التفجيرات.

وطن يعرف قيمة أن يكون «القضاء مستقلاً»، فلا يسمح بنظام تتحكم فيه السلطة التنفيذية بالقضاء؛ إن بسيف المعز أو بذهبه. أو أن يحُال الناسُ فيه إلى غير قاضيهم الطبيعى.

وطنٌ يجيد القائمون عليه قراءة تجارب الآخرين التى تقول بأن هناك «شروطا» لإنجاح مراحل التحول الكبرى فيما بعد الثورات. وهى الشروط أو المتطلبات الخمسة التى سمّتها كتب السياسة بتدابير «العدالة الانتقالية» TRANSITIONAL JUSTICE والتى أشرنا إليها هنا تفصيلاً غير مرة، والتى تهدف فى نهاية المطاف إلى انتقال آمن «وسلمى» لمجتمع ديمقراطى حقيقى، يشعر فيه الناس «جميعهم» بالعدالة والمساواة. ولا تسمح قواعده بتكرار الانتهاكات التى جرت فى الماضى وثار بسببها الناس.

وطنٌ يدرك مسئولوه أن «لا دولة قوية دون معارضة قوية»، وأن ما جرى لـ٢٥ يناير من انتكاسة، لم يكن إلا بسبب تجريف الحياة السياسية» (والتعبير للأستاذ هيكل) قام به بدأب نظام مبارك بالقضاء الممنهج على المعارضة، عنتاً وقمعاً وتدجيناً.

وطنٌ يقرأ الغافلون فيه جيداً معنى التعبير العفوى لتغريدة كتبها شاب يوماً على موقع التواصل الاجتماعى تويتر: «الله.. الوطن.. الهجرة»، كما التعليقات عليها.

هذه هى ملامح الوطن «الذى نريد» والتى أخشى أن ينساها أولئك المستدعون/ المطمئنون لمقولات الاستبداد القديمة، سواء تدثرت برداء دينى أو وطنى، أو اختفت مكراً خلف صفوف هذا أو ذاك. لا فارق. فالاستبداد هو الاستبداد، سواء وصفه الكواكبى أو HOBBES، وسواء تبناه طاغيةٌ، أو معتقدٌ بأن فيه صالح البلاد والعباد. فكما أن المفسدين فى الأرض يظنون أن ما يفعلونه حسناً، قائلين «إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ»، كذلك تعلمنا أن الطريق إلى جهنم مفروش أحياناً بالنيّات الطيبة.

أتعرفون قيمة لحظة ١١ فبراير العبقرية التى أضعناها؟

أن كل من فى الميدان يومها كان يشعر بأن هذا «وطنه» الذى عليه أن يعمل من أجله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المواطن والوطن الذى نريد المواطن والوطن الذى نريد



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon