معتز بالله عبد الفتاح
«إيران أقوى مما نتخيل لسبب بسيط أنها دولة ذات عقيدة». والسؤال هو: كيف نحتويها؟
كتب ديفيد إغناتيوس فى «واشنطن بوست» أن الاستراتيجية الصحيحة هى طرح الاختيار التالى أمام طهران: إما أن تشارك فى مفاوضات جادة من أجل إنهاء الحروب الإقليمية فى سوريا واليمن والعراق، أو تواجه مقاومة عنيفة صارمة بقيادة الولايات المتحدة.
ويمثل وضع حد لسلوك إيران، الذى يقوض الاستقرار فى المنطقة، أولوية فى الشرق الأوسط، كما يتفق مسئولون إسرائيليون، وسعوديون، وإماراتيون، رفيعو المستوى، بشكل غير معلن، أياً كانت الضجة الشعبية بشأن الاتفاق النووى. وينبغى أن تكون هذه المهمة الأساسية، التى تتمثل فى مواجهة طهران، أسهل الآن حيث تم تقييد البرنامج النووى الإيرانى لمدة عقد من الزمان على أقل تقدير. مع ذلك، على أوباما الاستمرار فى بذل الجهود على الجبهة الإقليمية وإلا سوف تبسط إيران هيمنتها، وهو ما من شأنه الإضرار بالولايات المتحدة وحلفائها. وقال لى مسئول رفيع المستوى فى إحدى دول الخليج: «الجانب الفنى (من الاتفاق النووى) ثابت وراسخ، لكن لطالما كان هذا مبعث قلقنا الثانوى». وأضاف: «مبعث قلقنا الأساسى» هو السلوك العدائى للحرس الثورى الإيرانى فى سوريا، واليمن، وغيرها من المناطق. والجدير بالذكر أن الحرس الثورى سيحظى بتمويل من إيران التى سوف تتحرر من العقوبات.
ما أفضل طريقة، إذن، لمواجهة طهران بشأن تلك المسائل؟ فيما يتعلق بالمشكلة النووية، الاستراتيجية الصحيحة هى الجمع بين الضغط، بما فى ذلك احتمال استخدام قوة عسكرية، والدبلوماسية. فلنبدأ بالاحتواء العسكرى. وكانت هذه المسألة من المسائل الرئيسية فى اجتماع كامب ديفيد الذى شارك فيه قادة دول الخليج خلال شهر مايو (آيار) الماضى. ورغم انتقادات المعلقين لهذا الاجتماع، أسفر عن خطة لتحسين نقل الأسلحة، وتدريب القوات الخاصة، وتمرينات عسكرية مشتركة، وغيرها من الإجراءات الرامية إلى وضع إيران تحت الرقابة.
هناك تباطؤ واضح فى خطى أوباما فيما يتعلق بالشأن السورى، ومن أسباب ذلك عدم رغبته فى مواجهة الذراع الإيرانية هناك، التى تتمثل فى ميليشيا «حزب الله»، حيث تعد ذلك مخاطرة قد تفسد المحادثات النووية. ولم يعد لهذا العذر وجود الآن.
وكما تبين فى المحادثات النووية، تكون مثل تلك الضغوط ذات قيمة كبيرة إذا نجحت فى دفع طهران وأصدقائها نحو النهج الدبلوماسى، وقد تكون تلك المرحلة الحاسمة قد باتت قريبة فى سوريا. ويبدو أن موسكو باتت أخيراً راغبة فى مناقشة مرحلة انتقالية بوساطة. وصرح أوباما لتوماس فريدمان، الكاتب فى «نيويورك تايمز»، قائلاً إنه بعد حديثه مؤخراً مع الرئيس فلاديمير بوتين يعتقد أن الروس أدركوا أن نظام الأسد يفقد سيطرته على مناطق جديدة داخل سوريا كل يوم، وأنه رغم كون هزيمة النظام السورى ليست بالقريبة، تزداد احتمالاتها يوماً بعد يوم.
وصرح أوباما خلال مؤتمر صحفى بشأن إشراك إيران فى تسوية دبلوماسية فى سوريا يوم الأربعاء، قائلاً: «لن نحل مشكلات سوريا إلا إذا تم إشراك الروس، والإيرانيين، والأتراك، وشركائنا فى الخليج. إن الوضع يعمه الفوضى؛ وإيران واحدة من الأطراف الفاعلة، وأعتقد أنه من المهم بالنسبة إليهم أن يشاركوا فى تلك المحادثات».
هل سيقنع الضغط إيران بأن المفاوضات الدبلوماسية الخاصة بسوريا واليمن تخدم مصالحها؟
قال محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيرانى، فى شهر أبريل (نيسان)، إنه سوف يرحب بتلك المحادثات. كذلك أخبر ظريف جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، برغبة إيران فى القيام بدور مختلف، وأقل تهديداً فى المنطقة. مع ذلك، يتمثل جوهر المشكلة فى عدم سيطرة ظريف على أعمال إيران السرية، التى يتولى أمرها الجنرال قاسم سليمانى، رئيس فيلق القدس، التابع للحرس الثورى الإيرانى. ما الذى سيقنع المتشددين بأنه قد آن الأوان للحديث؟
إنه الضغط، ثم الضغط، ثم الضغط؛ ثم الدبلوماسية. وستكون هذه العملية المهمة أسهل مع إغلاق الملف النووى.
إطلاق الوحش الإيرانى بلا ضوابط ولا اتفاقات فى غابة الشرق الأوسط خطأ وخطر إضافى.