معتز بالله عبد الفتاح
قال الرئيس السيسى فى حوار مع صحيفة «الرأى العام» السودانية ما يلى:
«أنا ضد الإساءة لأى أحد أو أى دولة، لأن هذا لا يعبر عن وعى ولا عن منطق أو إدراك، خاصة أننا نريد أن نُعلم الناس الوعى، ولا بد للإعلام أن يكون عفّاً وموضوعياً ومسئولاً ومهنياً، كما لا بد أن يلعب دوراً إيجابياً فى بناء علاقات استراتيجية بين البلدين، وأنصح الإعلاميين فى مصر والسودان: قبل أن تقول كلمة تدبّر وفكّر.. يا ترى تأثيرها هيكون إيه، وأصدقكم القول أنا منذ تسلمت مسئوليتى لم أقُل كلمة مسيئة فى حق أحد.. والإعلام خط ثابت فى العلاقات بين مصر والسودان، وهناك فرصة عظيمة لإعلام البلدين فى هذه المرحلة التى تقتضى قدراً من النزاهة والمهنية واستصحاب حساسية وأهمية المصالح المشتركة، وأن الإعلامى فى تعامله مع مهنته إما أن يؤجَر أو يؤثم، ويجب أن نبحث عن مدرسة الإسلام فى الإعلام، لأنه من المهم جداً تحرى الصدق فيما نكتب أو نعبر عنه».
كلام محترم ويتفق مع تحيزاتى الشخصية ومع طموحى لمستقبل محترم لهذا البلد الذى أصبح شعبه إحدى أهم ضحايا إعلامه.
كتبت من مارس 2011 ما يلى:
أولاً: الكثير من مذيعينا ناس أفاضل، لكنهم يتكلمون فى موضوعات لا يجمعون فيها بين الرسوخ والإحاطة، ولكنهم يتحدثون وكأنهم كذلك. يتحدثون بآراء قطعية، هى بين أهل الاختصاص أمور خلافية للغاية. ولكنهم لأنهم لا يعرفون من القصة إلا بعضها، فيتصورون أن هذا البعض هو كل الحكاية وأن واجبهم يملى عليهم أن يحكوا كل ما يعرفون، مع أن كل ما يعرفون قد لا يزيد على اليسير من الحقيقة.
ثانياً: الكثير من مذيعينا ناس أفاضل، لكنهم فى سباق محموم من أجل لفت الأنظار إلى برامجهم وبعضهم يريد أن «يجيب النتيجة من الكنترول» بدلاً من أن يسأل أهل العلم إن كان لا يعلم فيثير البلبلة، فى الوقت الذى ينبغى أن يكون فيه مصدر للمعلومات السليمة. البلد بالفعل ملىء بالشائعات والمعلومات غير الموثقة وينبغى أن يكون دور الإعلام دحض الشائعات وليس الترويج لها أو اختراع بعض تفصيلاتها.
ثالثاً: الكثير من مذيعينا ناس أفاضل، لكن عندهم السؤال أهم من الإجابة، فيجدون من الصعب عليهم أن يتركوا للضيف (الذى هو الهدف الأساسى للحلقة) أن يكمل كلامه أو أن يوضح رؤيته فتتم مقاطعته بشكل متكرر بأسئلة طويلة وكأن الإجابة غير مهمة، المهم هو أن السؤال كان «حلو». لارى كينج مقدم البرامج التليفزيونية الشهير كانت له مقولة جيدة: إن أفضل مقابلة تليفزيونية هى التى يتدخل فيها المذيع بأسئلة قليلة جديدة وقصيرة جداً، لا تزيد على بضع كلمات.
رابعاً: الكثير من مذيعينا ناس أفاضل، لكنهم يقررون أن يقوموا بدور المدافع عن مطالب الغلابة (عمال، فلاحين، موظفين)، ولكنهم بسبب غياب الخلفية الاقتصادية قد يضرونهم من حيث يدعون أنهم يريدون أن ينفعوهم، فيبالغون فى الدفاع عن مطالبهم (التى هى فعلاً مشروعة)، ولكن البلد سينهار اقتصاديا إن تمت الاستجابة لها كلها الآن، دون الاستعانة بالمختصين لتوضيح مخاطر أن تتحول مصر إلى ساحة لمطالب فئوية متعارضة بهذه الطريقة.
خامساً: ليسامحنى من قد يجد فى كلامى بعض الحدة. لكن حجم البلبلة ودرجة التشكك الموجودة عند من يتصلون بى مشفوعة بما يشاهدونه وأشاهده معهم على هذه الفضائية أو تلك يؤكد أن بعض الإعلام أصبح عبئاً على مصر والمصريين فى حين أنه من المفروض أن يكون أداة توعية وترشيد وتهدئة فى وقت فتحت فيه الناس عيونها ولا ترى إلا الظلام. النور موجود لكن بعض الإعلاميين يرون أنه «ما بيأكلش عيش».
علشان خاطر ربنا، نلتزم المهنية لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر فقط.
الفجوة هائلة بين رئيس يقول: «قبل أن تقول كلمة تدبَّر وفكّر» وبين إعلام فقد عقله وضعف وزنه وتراجعت قيمته.