معتز بالله عبد الفتاح
سأبدأ فى هذا العمود خلال الفترة المقبلة تحليل الحملات والبرامج والمواقف الانتخابية للمرشحين.
وبغض النظر عن تحيزاتى الشخصية وعن الشخص الذى سأعطيه صوتى يوم الانتخاب، فسأجتهد أن أقدم إجابات عن بعض الأسئلة التى قد تدور فى ذهن القارئ بأكبر قدر ممكن من التوازن والموضوعية. وسأبدأ اليوم بشعارَى الحملتين الانتخابيتين.
شوف يا مدحت، لو كان عندك استعداد لتصديق المتخصصين فى الحملات الانتخابية من بلاد الفرنجة الملاعين، كما كان يقول «الجبرتى» عن الفرنسيين، ممن درسوا تأثير الشعارات الانتخابية فى أكثر من 80 ديمقراطية على مستوى العالم، فستجد أنهم يعتقدون أن الشعارات الانتخابية الأنجح هى التى تتصف بسبع صفات على الأقل:
1- شعار انتخابى مرتبط ببرنامج المرشح وتاريخه والصورة الذهنية التى يريد أن ينقلها أو يرسخها عند الناخبين.
2- أن تكون مرتبطة باحتياجات المجتمع أو على الأقل الشريحة التصويتية المستهدفة.
3- أن تلهب الحماس وتحفز على العمل.
4- أن تكون مرتبطة بالمستقبل.
5- أن تكون قابلة للتذكر بسهولة.
6- ألا تكون مستهلكة أو قديمة بما يوحى بأنها لا تحمل جديداً.
7- أن تفتح آفاق التفكير لما هو وراءها.
شوفى يا نيرمين، نحن بصدد شعارين انتخابيين لا ثالث لهما، لأنه لا يوجد سوى مرشحين اثنين: الأول هو شعار «تحيا مصر» الذى أطلقته حملة «السيسى»، والآخر هو شعار «هنكمل حلمنا» الذى أطلقته حملة «صباحى».
بص يا شوكت، يبدو لى أن كل شعار من الاثنين نجح فى عدد من الخصائص السابقة وأخفق فيما عداها.
الشعاران نجحا فى ترجمة صورة المرشح واحتياجات الشريحة الانتخابية التى يخاطبانها. المرشح صاحب الخلفية العسكرية يعلم أن الكثير من داعميه «خائفون» على الوطن، وأن التهديد المباشر لهويتهم وطريقة حياتهم يحتاج من «يطمئنهم» وأفضل من يفعل ذلك، كما يوحى الشعار، هو الشخص القوى القادم من خلفية عسكرية مسئوليتها «حماية» المجتمع، لذا «تحيا مصر» فى مواجهة أعدائها.
المرشح صاحب الخلفية الثورية يعلم أن مؤيديه المحتملين هم «حالمون» أكثر من كونهم «خائفين»، «ثائرون» أكثر من كونهم «محافظين»، لذا هؤلاء بحاجة لشعار انتخابى يرسخ عندهم أن التضحيات التى قدموها لن تذهب هباء، وأن حلمهم فى «يناير» لم ينتهِ، وأن الباقى من رجال ونساء «يناير» هو شخص واحد عليهم دعمه علشان بكده «هنكمل حلمنا» فى مواجهة من ينكرون عليهم هذا الحلم.
اسمعى يا نسرين، أما مسألة إلهاب الحماس والتحفيز على العمل، وأن يكون الشعار مرتبطاً بالمستقبل وألا يكون مستهلكاً، فيبدو فيها أن شعار «هنكمل حلمنا» له ميزة نسبية على شعار «تحيا مصر» الذى يستخدم كثيراً فى سياقات متنوعة دون أن يقدم جديداً. هذا لا يعنى أن شعار «تحيا مصر» معيب، ولكنه بحاجة لشعارات فرعية أخرى كى يؤدى النتيجة المرجوة منه.
ركّز يا أشرف، أما فى أن تكون قابلة للتذكر بسهولة، فشعار «تحيا مصر» بحكم الاعتياد أسهل للتذكر، وإن كان لا يستدعى آفاقاً واسعة للتفكير فيما وراءه. وبالمقابل شعار «هنكمل حلمنا» له ميزة نسبية أقل فى قابليته للتذكر، ولكنه يستدعى التأمل فى ماهية هذا الحلم الذى ينوى أصحابه استكماله.
خذى بالك يا صفاء، ليس معنى أى حاجة مكتوبة هنا أن صاحبها ينوى أن يعطى صوته فى اتجاه دون آخر.
تنويه مهم:
التحليل السياسى المتوازن ليس المقصود منه إقناع حضرتك باتخاذ موقف معين، وإنما توضيح مميزات وعيوب كل بديل. والقرار لك. لذا لا تتوقع من كاتب هذا العمود أن يقول لك تعطى صوتك لمن، هذا ليس دوره الذى يراه لنفسه. مع الشكر.
"الوطن"