معتز بالله عبد الفتاح
الأمس كان يوماً كاشفاً لمأزق المواطن والوطن والحكومة والدولة.
وكما كتب الأستاذ مجدى سعد على «الفيس بوك»:
«تنظيم يطلع بيان من تلات تيام يحكيلنا فيه عن سريّة تابعة ليه حطت شوية قنابل بجوار قصر الرئاسة.. وبعدين قرروا ميفجروش القنبلة عشان فيه مدنيين معرضين للانفجار وبناء عليه فوقفوا العملية ولغوا التفجير.. وبيطالبوا الداخلية والأجهزة المعنية بتفكيك قنبلتين تلاتة منسيين فى مكانين تلاتة وبيحذروا المدنيين إنهم يقربوا منهم.. قوم بعد تلات تيام تبعت الداخلية العظيمة الساهرة على أمن الوطن راجل غلبان وابن حلال لابس قميص على اللحم عشان الحر ومعاه مفكين 17 وكاميرا بتصوره وكام واحد واقفين حواليهم بيساعدوهم.. قوم القنبلة تنفجر فى الراجل بتاع الداخلية واللى حواليه.
بمستوى الداخلية ده أنا بفكر أبايع أبوبكر البغدادى خليفة للمسلمين لاحسن بالشكل ده أى تنظيم معاه خمس فزب وموتوسيكلين جاوا يدخل البلد وياخد قصر الرئاسة».
طبعاً الكلمات السابقة تفتقد للكثير من التفاصيل وليست بالدقة الكاملة، ولكنها الانطباع الذى وصل إلى كثيرين من المتابعين للمشهد بالأمس. ولا شك أيضاً أن الانفجارات وطريقة تعامل ضباط «الداخلية» معها قدمت دليلاً جديداً على مرض قديم نعانيه ونعانى منه، نعرفه ونشكو منه اسمه الاستخفاف، الاستسهال، وعدم أخذ الأمور بجدية.
قلت من قبل ولا أزال أقول: العدو الأكبر للمصريين ليس مصريين آخرين أياً ما كان اسمهم أو شكلهم أو توصيفهم. العدو الأكبر للمصريين هو أمراض أخلاقية وفكرية تسيطر عليهم وتعوق حسن إدراكهم وتنال من كفاءتهم، إلا من رحم ربى.
أخطاء الإخوان تكشف غطرستهم، والغطرسة هى محدودية الأفق مع الثقة الشديدة بالنفس، لكن من الذى قال إنها حكر عليهم.
المأساة تتكرر وتزداد تداعياتها شراسة.
وما الحل؟
هنا أعود إلى كلمة الرئيس بالأمس.
قال الرئيس بالأمس: «الإرهاب الأسود يحاول الوقوف أمام إرادة المصريين»، واصفاً «الإرهاب» بأنه «لا دين له ولا وطن».
وأوضح الرئيس أن «الإرهاب الخسيس لا يتردد فى سفك دماء الصائمين والأطفال»، مضيفاً: «لقد فقدنا اليوم شهداءً جدداً، أدعو الله أن يسكنهم فسيح جناته»، مؤكداً أنه سيتم عمل تشريعات رادعة، تتيح ردع كل من يحاول المساس بالأمن المصرى.
طيب ما معنى هذا الكلام؟
أمام الرئيس، أى رئيس فى مثل هذا الموقف، ثلاثة بدائل:
العصا والجزرة معاً أو العصا فقط أو الجزرة فقط. ولن أفيض فى معنى كل واحد من هذه البدائل. هذا أمر يطول شرحه ويحسن أن يكون نتاج تفكير جماعى مع عدد من المتخصصين والممارسين.
لكن ما يبدو أمامى الآن أن الرئيس لم يحدد رؤية أو استراتيجية واضحة فى التعامل مع ما تواجهه من بقايا تحديات حكم الإخوان.
الرئيس يتحدث عن تشريعات جديدة وهو ما قد أتفهم الحاجة إليه، ولكن أرجو ألا تكون التشريعات الجديدة بعيدة عن الرؤية أصلاً. هل نحن بصدد استراتيجية العصا لمن عصى، أم استراتيجية عدم إغراق المركب بسبب معارك جانبية، أم مزيج من الاثنين بالتفرقة بين إرهابيين ومسالمين، متطرفين ومعتدلين.
لا أعرف ما الذى يفكر فيه الرئيس، ولكن كما قلت من قبل: الوضع الحالى لا يمكن استمراره، والوضع السابق على 30 يونيو 2013 لا يمكن العودة إليه، وبالتالى نحن بحاجة لوضع جديد مختلف قائم على «رؤية» وليس فقط ردود فعل على ما يقوم به الآخرون.
الكرة فى ملعب الرئيس.
"الوطن"