توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عاجل إلى «حماس»: الواقعية ليست رذيلة

  مصر اليوم -

عاجل إلى «حماس» الواقعية ليست رذيلة

معتز بالله عبد الفتاح

على قيادة «حماس» أن تختار استراتيجية تحدد فيها معنى الانتصار الذى تريده من البدائل الأربعة التالية‏:
أولا‏ً: هناك الانتصار بمعنى إفناء الخصم والقضاء عليه قضاء تاما‏ً..‏ وكان هذا التعريف التقليدى الذى سيطر على الاستراتيجية العسكرية منذ قديم الزمن وفقد جاذبيته لحد بعيد بسبب حربى فيتنام فى السبعينات وأفغانستان فى الثمانينات‏، ويعنى أن تسيطر الدولة المنتصرة على عاصمة الدولة المهزومة بعد استسلام قياداتها وتوقيع معاهدة استسلام مع حكومة يختارها المنتصر‏، وفقاً للتقاليد الرومانية القديمة: ويل للمهزوم‏، وأنا أستبعد تماماً أن تكون «حماس» معتقدة أنها تستطيع أن تحقق مثل هذا الانتصار عبر الصواريخ والعمليات الاستشهادية‏، فإفناء إسرائيل يقتضى توحيد وتحييد الولايات المتحدة‏، وهما أمران مستحيلان فى المستقبل المنظور‏.‏
ثانياً: الانتصار بمعنى استنزاف الخصم وتكبيده خسائر تفضى إلى نهايته أو انسحابه من مواقعه العسكرية وهو بديل آخر تتبناه الدول وحركات المقاومة بشن هجمات خاطفة أو حروب عصابات على الخصم، وفى المقابل تتقبل هى رد الفعل إن كان عنيفاً مادام أن حجم خسائر الطرف الآخر أكبر بما يبرر التكلفة‏، وقد نجح «حزب الله» و«حماس» فى إجبار إسرائيل على الخروج من جنوب لبنان وغزة عبر هذه الاستراتيجية‏، لكن شروط نجاح نفس الاستراتيجية فى تحرير فلسطين من النهر إلى البحر غير متوافرة قطعا‏ً.‏
ثالثاً: الانتصار بمعنى إجبار الخصم على تبنى أجندة الطرف الذى شن الحرب‏، لكن لا بد أن تكون هناك نقاط مشتركة فى هذه الأجندة تجعل الطرف المهزوم مستعداً لقبول بعض مطالب الطرف الأول‏، وكان هذا منطق الرئيس السادات فى حرب ‏1973، بشن حرب تجبر إسرائيل على الجلوس إلى مائدة التفاوض‏، وكان هذا هو منطق الانتفاضة الأولى فى عام ‏1987، والتى كانت أكثر سلمية من قِبل الفلسطينيين والأكثر فعالية فى مخاطبة الضمير الدولى وحشد هذا الدعم ضد الاحتلال‏.‏ فقد كانت استراتيجية وسيطة بين حرب العصابات الاستنزافية والتهدئة التامة‏، حيث يقف الطفل ذو الحجر فى يده فى مواجهة الدبابة الإسرائيلية فى مشهد يشبه حركة العصيان المدنى فى الهند وحركة الحقوق المدنية فى الولايات المتحدة ومقاومة التفرقة العسكرية فى جنوب أفريقيا‏.‏
وهناك رابعاً الانتصار بمعنى منع الخصم من تحقيق أهدافه‏، وهو ما فوق الهزيمة مباشرة على نحو ما صرح به السيد «هنية» وهى استراتيجية الطرف غير القادر على تحقيق الانتصار بأى من المعانى والمعايير السابقة‏، فيحقق أقل ما يمكن وهو أنه يمنع خصمه من تحقيق أهدافه، لا سيما هدفى الأمن والرفاهية‏، والمشكلة الأكبر هنا أن منع الخصم من تحقيق أهدافه يعنى أن الخصم من القوة والمناعة بحيث لا يمكن إفناؤه أو استنزافه أو إجباره على تبنى أجندة الطرف الآخر‏، وعليه فإن منعه من تحقيق أهدافه يمكن أن يأتى بتكلفة عالية‏، ما يعنى ضمناً خسائر مهولة لغزة مقابل مجرد أن ترفض «حماس» وقفاً دائماً لإطلاق النار‏.‏
إن «حماس» فى مأزق لأنها لم تختَر البديل الثالث المشار إليه‏، وتراهن على مكسب أقصى المفضى إلى الانتصار بالمعنيين الأول والثانى أو انتصار بمعنى الهزيمة على النمط الرابع‏، إن هدف «حماس» المعلن هو إفناء الخصم أو استنزافه وفقاً للمقولة الشهيرة للسيد أحمد ياسين بأن من لا يستطيع الزواج لا يحل له الزنا‏، بمعنى أن من لا يستطيع أن يحرر كامل أرضه لا يحل له أن يضحى بمعظمها‏، لكن وفقاً لموارد «حماس» فإنها انشغلت بالهدف المستحيل الأمثل على حساب الممكن المعقول‏.‏
‏ إن البديل الثالث هو الأكثر ملاءمة لموارد «حماس» ومعها «فتح» السياسية الآن من خلال حركة عصيان مدنى سلمى واسعة تحشد من خلالها الدعم العربى والدولى لتحقيق أهداف معقولة وممكنة بتكلفة أقل‏. ولنتذكر ثناء الرسول، صلى الله عليه وسلم، على خالد بن الوليد، حين نجح فى الانسحاب وإنقاذ الجيش فى «مؤتة». هذه واقعية محمودة.
رحمة الله على كل شهدائنا فى فلسطين وفى كل أراضى العرب والمسلمين. 
"الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاجل إلى «حماس» الواقعية ليست رذيلة عاجل إلى «حماس» الواقعية ليست رذيلة



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon