توقيت القاهرة المحلي 15:34:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى موسم الانتخابات: مَن سينتخب مَن؟

  مصر اليوم -

فى موسم الانتخابات مَن سينتخب مَن

معتز بالله عبد الفتاح

يبدو أن الجدل السائد الآن يجعلنا نركز على أننا ننتخب «رئيساً» فى حين أننا ننتخب «رئيس دولة»، والفرق بينهما هو أنك فى حالة تركيزك على انتخاب «رئيس» فيبدو أنك مهتم بخصائصه الشخصية وتاريخه وقربه أو بُعده عنك فى شعاراته أو مواقفه السياسية وما شابه.
لكن حين تفكر فى «رئيس الدولة» فأنت تفكر فى «الدولة» التى أصبحت عبئاً على مجتمعها.
ولكن تعالوا نسأل: ما الدولة؟
لنأخذ طريقة كارل ماركس فى تعريف المصطلحات ونقول: الدولة هى ما تفعله. وما الذى ينبغى على الدولة أن تفعله؟ للدولة خمس وظائف أساسية: الأمنية، والتمثيلية، والتنموية، والتثقيفية، والحقوقية. وفى حدود الدستور والقانون تقوم الدولة بوظائفها الأمنية (من خلال الجيش والشرطة وأجهزة الأمن القومى)، والتمثيلية (من خلال البرلمان والأحزاب)، والتنموية (من خلال الوزارات والهيئات الاقتصادية والاجتماعية)، والتثقيفية (من خلال الوزارات والهيئات القائمة على الإعلام والتعليم والثقافة والأوقاف)، والحقوقية (وعلى رأسها السلطة القضائية والمحامون ومعهم المنظمات الحقوقية).
التخطيط على مستوى الدولة يقتضى التخطيط على هذه المستويات جميعاً.
ونقطة البداية تكون فى تحديد مواطن الخلل.
وأكاد أجزم أننا لو استطلعنا آراء أغلب العاملين فى كل مجال من هذه المجالات الوظيفية للدولة بشأن مدى أداء الدولة لوظيفتها كما ينبغى أن يكون لأعطوها ما دون درجة النجاح. ومن هنا تأتى العلة أو العلل التى تجعلنا فى وضع من السهل أن ننزلق منه إلى وضع «اللادولة» على الإطلاق. ووضع «اللادولة» أشبه بما يحدث فى الكثير من الدول المحيطة بنا فى سوريا والعراق وهو ما جعل رئيس وزراء العراق يقول: «لقد تحول الربيع العربى إلى كارثة على الأمة بكافة دولها».
ولهذا أيضاً يقف الناس من «الدولة المعلولة» أربعة مواقف يمكن التمييز بينها، وكل موقف من هذه المواقف ينعكس على رؤيتهم للمرشح الرئاسى الذى يريدون. وأرجو أن تفقه المصطلحات المستخدمة فى سياقها التاريخى والفلسفى وألا تأخذها إلى دائرة الإسفاف اللفظى والتناحر اللغوى الذى تعيشه مصر هذه الأيام.
هناك أولاً الموقف الرجعى (Reactionary) الذى يرى استحالة الإصلاح بل عدم الجدوى منه تحت شعار «مصر لن تتغير». هذه مصر، على الأقل من أيام المماليك، وستظل هكذا، دولة المحاسيب والشلل والقفز على القانون. وهذا موقف يتبناه كثيرون ممن يرون الآن أن ثورة 25 يناير كانت ثورة خطأ من حيث المبنى والمعنى، الطريقة والهدف. وأجد هذا الموقف أصلاً عن آحاد الناس ومن المستفيدين من النظام الأسبق وإن كان بدأ يتصاعد عند بعض من أيدوا «25 يناير» ابتداء.
هناك الموقف المحافظ (Conservative) وهى العقلية المصرية التقليدية التى اعتادت تاريخياً، ككل المجتمعات المحافظة، أن تفضل «اللى نعرفه» على «اللى ما نعرفوش»، نفضل «اللى شكله متدين» على «اللى شكله مش متدين»، نفضل كبير السن على صغير السن، الولد على البنت، الموروث على الوافد، التجربة على العلم. مصر المحافظة، هى المجتمع العميق، بقيمه التى تجعله يفضل الاستقرار ويريده ثم يكيف نفسه عليه.
الموقف الثالث هو الذى تبنته العقلية الثورية التى لها من الجموح والجرأة ما جعلها، اقتباساً من توفيق الحكيم، تعيش حالة عودة الروح فى «25 يناير»، ثم تعيش حالة من عودة الوعى فى «30 يونيو».
الثوار فعلوا كل ما استطاعوا بقصد كى تنجح ثورة 25 يناير، ثم فعلوا كل ما استطاعوا من دون قصد كى تفشل ثورة 25 يناير. غلبت على أكثرهم نرجسيتهم وتشككهم وسوء تقديرهم وتفرقهم وغياب المايسترو أو القيادة التى تخطط لهم وتوجههم.
أزعم أن أى ثورة تكون بلا قيادة لا بد أن تمر بحالة من الفوضى (سوريا)، وأى ثورة تكون بقيادة تسلطية تمر بحالة من القمع (إيران)، وأى ثورة تكون لها قيادة ديمقراطية، تنجو وينجو معها الجميع (جنوب أفريقيا). ولكن لا يمكن أن تنجح الثورة إلا بالتحالف بين الثوار والإصلاحيين. معضلة «25 يناير» أنها ثورة اتهمت كل من ليس على نفس قدر ثوريتها بأنه «إصلاحى» وبالتالى طردت فصيلاً واسعاً من الأشخاص القادرين على تحقيق أهداف الثورة من داخل الدولة، والقادرين كذلك على مخاطبة قطاع واسع من المحافظين الذين يشكلون أغلبية المصريين؛ فظلت الثورة تتآكل وتتراجع وتضعف حتى تحولت إلى جملة اعتراضية مهملة فى تاريخ طويل من التحالف الرجعى - المحافظ.
أما العقلية الإصلاحية (Reformist)، فهى التى ترى خطورة العقليتين الرجعية التى تخاطب الماضى وتحافظ عليه وترفض التغيير والثورية التى ترى أن «الثورة مستمرة» وأن الدولة هى الشر الذى ينبغى القضاء عليه. لذا فالعقلية الإصلاحية تسعى لأن تستفيد من تجارب مصر فى مراحل سابقة وأن تستفيد من تجارب الدول الأخرى فى أن تحدث إصلاحاً تدريجياً على مدى زمنى طويل نسبياً مع إدارة الصراع الحتمى بين العقلية الرجعية والعقلية الثورية.
العقلية الإصلاحية المتمهلة تشارك العقليتين المحافظة والرجعية الخوف من «اللادولة» لا سيما مع وجود هذا الكم من المحاولات الخارجية لممارسة وصاية على مصر والمصريين وتجارب انهيار دول محيطة بنا، ولكنها كذلك ترفض الاستكانة لمقولة «لا صوت يعلو على صوت المعركة» لأنها فى النهاية تشارك الثوريين رفضهم لواقع بائس ودولة «معلولة».
الإصلاحى يريد الدولة ولكنه لا يريدها معلولة، والثورى يرى أن الدولة هى سبب العلل، والرجعى يرى أن العلل هى الثمن الذى ينبغى دفعه لبقاء الدولة، والمحافظ يحافظ على الدولة القائمة ومستعد للتكيف معها لأنه لم يجد من يقدم له بديلاً عنها.
وبسبب تدمير الإخوان للثورة، أصبحت العقلية المحافظة التى ألهمتها الثورة مؤقتاً أسيرة العقلية الرجعية التى ترى أن القديم مهما كانت عيوبه أفضل من الجديد مهما كانت مميزاته وأن ما ألفينا عليه آباءنا هو بوابة النجاة والنهضة. ومن لا يعرف كيف يحافظ على نعمة الديمقراطية، فسيعاقب بنقمة القمع، مؤقتاً.
المعضلة أن الرجعيين لم يعودوا يفرقون بين الثوريين والإصلاحيين، فالكل عندهم متآمر أو متآمر محتمل. وهو نفس المرض الذى أصاب الثوريين الذين لم يكونوا يفرقون بين الرجعيين والإصلاحيين. وكل طرف يرى الآخر جزءاً من عملية خيانة ممنهجة للوطن.
أغلب المنتمين للقوى الثورية يقفون فى دعم المرشح المحسوب على بقايا الثورة (التى أضاعها الثورجيون بنرجسيتهم)، وأغلب من عداهم يقفون فى خندق دعم بقايا الدولة (التى أضاعها المستبدون بفسادهم).
أرجوك لو كنت من هؤلاء أو أولئك لا تخوّن الطرف الآخر. فكلنا عايزين الحرق.. صباح الفل.. انتخاباتكم زى العسل. بس خلاص.
"الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى موسم الانتخابات مَن سينتخب مَن فى موسم الانتخابات مَن سينتخب مَن



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon