صباح الصباح على أحلى شوية قراء فيك يا مصر.. «موع موع» بيدحرج المسا..
بعض الصبية، وهؤلاء منتشرون فى أوساط كثيرة فى الحوارى والشوارع وع القهاوى وع البارات وبتوع نضال آخر زمن فى الاستوديوهات، لديهم اعتقاد بأن كل من يقول أى حاجة مش على هواهم يبقى «خاين» و«عميل» و«طابور خامس» أو حتى «طابور زادز» بالذات الناس اللى عاشت برة مصر لفترة.
سألنى صديقى محمد الميكانيكى عن هذا الموضوع، وقال لى: إنت يا «موع موع» تكاد تكون من الأقلية التى عاشت فى الخارج وما زلت تحظى بشوية قبول.. إيه الحكاية؟
مش متأكد من تقييمه بشأن «القبول»، لكنه أثار فى ذهنى سؤالاً جلست أفكر فيه معه وهو يشرب الشيشة ويكح وأنا بأشرب القرفة بالجنزبيل بالليمون بالعسل عند قهوة «فيومى» فى الشيخ زايد.
وبعد شوية رحت الحمام ورجعت، وما تعرفش إزاى جاء لى الوحى وأنا خارج من الحمام. هو مش حمام أوى يعنى، لكن زى ما يكون حاجة كانت طابقة على نفسى وراحت.. وعلى رأى اللواء عبدالعاطى: «كان عندك إيدز وراح».
قلت لصديقى الميكانيكى: وجدتها.. وجدتها..
المصريون الذين يعيشون فى الخارج، وبالذات خارج المنطقة العربية، بيحصل لهم «باراديم شيفت» (PARADIGM SHIFT) يعنى بيشوفوا الدنيا بطريقة مختلفة مثلما قال سقراط عن رحلة الخروج من الكهف التى يرى فيها الناس خيالات الحيوانات، وبعد أن يخرجوا للغابة الحقيقية يرون فيها الحيوانات بأحجامها الأصلية وبألوانها الفعلية وعلى الطبيعة. كان واجب سقراط هو أنه بعد أن رأى الحق والخير والجمال، ألا يكون أنانياً وإنما أن يعود إلى الكهف ليُخرج بقية أهله منه، ويقودهم للحق والخير والجمال. لكنهم تعودوا على الخيالات داخل الكهف ورفضوا الخروج معه بل أعدموه بتهمة «الخروج على تقاليد أثينا» مع اعترافهم بأن هذه التقاليد بالية وجعلتهم يُهزَمون من «إسبرطة» هزيمة نكراء.
تحالف السوفسطائيين والفسدة كان أقوى من حكمة وضمير سقراط، فقتلوه لأنه خاين وطابور خامس ثم انهارت أثينا بعده تماماً ولم نسمع منذ سقراط وأفلاطون وفيثاغورس وإقليدس أى اسم لأى نابغة فى أى مجال فى حدود معلوماتى.
المصريون الذين يعيشون فى الخارج، وبالذات أولئك الذين يعملون فى خارج المنطقة العربية فى مؤسسات ناجحة، يكونون مثل من خرج إلى الغابة الحقيقية، وفيها يجدون أن الأسد ملك الغابة، والقرد متشعلق على الشجرة بياكل موز، والحمار موجود لكنه بيجرى أول ما يشعر بأى خطر.
حين يعود هؤلاء إلى مصر يجدون أن القرد هو ملك الغابة، والأسود غلبانة وضايعة وهفتانة وكأنها مستنية حد يعطف عليها، ويجد أن الحمار يتمتع بصلاحيات مهولة لا تليق بكونه حماراً فى بيئات أخرى. يجد أن الناجحين فى مصر ليسوا الأكفأ ولا الأفضل، ولكن هناك اعتبارات أخرى تحكم هذه المسألة.
يبدأ العائد من الخارج فى التبشير بما يؤمن به استناداً لما عاشه فى الخارج، فيذهب إلى الأسد ليقنعه بأنه المفروض أن يكون ملك الغابة وإلى الحمار علشان يقول له: اتنيل على عينك إنت حمار تقف هنا وما تعملش حاجة لغاية ما حد بيفهم يقول لك. وأثناء هذه الرحلة يتحالف عليه القرود، أصحاب المصلحة الحقيقية فى بقاء أوضاع الغابة على غبائها، ليصفوا القادم من الخارج بأنه عميل وخائن وطابور خامس. والحمير يصدقون القرود ويبدأ القادم من الخارج فى الشعور بأنه جاء إلى المكان الخطأ وأنه الأفضل له أن يعود من حيث جاء حيث الأسد أسد، والقرد قرد، والحمار حمار.
فى الأردن والإمارات والدول المتقدمة، كل واحد بيكون فى حجمه الحقيقى.
محمد الميكانيكى ساب الشيشة وقال: «أنا حاسس إن أنا حمار». قلت له: «غالباً آه، بس دى مش شتيمة لا سمح الله، دى بس صفة».
ضحكنا ثم تذكرنا قول أم محمود بتاعة البليلة: «محاولة استخدام العلم لعلاج مشاكل مجتمع لا يعترف بالعلم هى محاولة غير علمية فى حد ذاتها».