عادة نقول إن التفاؤل الساذج ناتج عن نقص معلومة، والتشاؤم الساذج ناتج عن نقص رؤية.
لا توجد لدينا معلومات كافية ولا توجد لدينا رؤية مكتوبة. لكن يوجد لدينا رئيس يجتهد وحوله فريق عمل يعملون ويتلقون أسهم النقد بصدر رحب طالما أنها فى حب الوطن ومن دافع الغيرة عليه.
ألتقى أحياناً ببعض الرجال الذين هم حول الرئيس. وأنقل لهم مخاوف الناس وأجدهم يشاركوننى الهم بل يزيدون على مخاوفى تحديات أخرى تواجههم ولا يتحدثون عنها حتى لا يزيدوا الناس توتراً أو الأمر التباساً.
«هل تعرف يا د. معتز أن هناك بئر غاز فِضى؟» قال محدثى. سألته: «يعنى إيه؟» قال لى: «فضى، الغاز اللى فيه فضى. كانت المعلومات اللى عندنا بتقول إنه هيعيش سنوات كثيرة مقبلة ولكنه فضى. بما يعنيه هذا من تأثير سلبى على ضخ الغاز للكهرباء. علشان كده بنحقق علشان نعرف فيه إيه وبنبحث عن حلول بديلة، لكن كمان بنناشد المواطنين تخفف ضغط الكهرباء قليلاً علشان خاطر بلدنا كلنا». «ساعدونا يا دكتور معتز، شعبنا عظيم، والناس نفسها مصر تكون كويسة، وإحنا بنحاول. انتم المثقفين والناس اللى بتطلع فى الإعلام عرّفوا الناس التحديات ووضحوا ليهم إيه المطلوب من كل واحد علشان نقدر نساعد نفسنا فى بناء البلد»، قال الرجل وداخله الكثير من الأمل.
«أيوه إحنا مش بنسوّق للى بنعمله زى ما كان بيحصل قبل الثورة، مش أى حاجة تافهة نعمل عليها هليلة. إحنا مش عايزين نضحك على الناس. إحنا عايزين مشروعات حقيقية حصلت واتنفذت. لكن مش هنوعد الناس بأمور مش متأكدين إننا هنقدر ننفذها. انت عارف ليه الرئيس ما رحش افتتح ميناء دمياط؟ لأن الميناء ما كنش خلص تماماً. إحنا مش هنضحك على الناس يا دكتور معتز. دى أمانة فى رقبتنا وإحنا مع بعضنا هنبنى البلد». قال محدثى. ضعوا ما سبق فى سياق ما قاله الرئيس أثناء افتتاحه مطار الغردقة: «اطمئنوا، اطمئنوا.. أول وعد قلت، اصبروا معى سنتين، هاتشوفوا بفضل الله تباعاً. الناس اللى بتشتغل معانا فى كل المجالات بتسألنا: انتم مستعجلين أوى كده ليه. بنقول لهم: إحنا مستعجلين أوى لأننا متأخرين أوى. ونمرة اتنين علشان الناس مستنية مننا كتير لأنها صبرت معانا فى السنين اللى فاتت كتير».
طيب عايز تقول إيه يا «موع موع»؟
لو أنا فاهم صح، أقدر أستنتج أن الرئيس بيعول على إنجازات كبيرة على الأرض فى السنتين المقبلتين لإرسال أكثر من رسالة:
أولاً، رسالة «نعم نستطيع» والعنوان الكبير هنا «مشروعات قومية بأيادٍ مصرية».
ركزوا معايا يا أحلى قراء فى بر مصر، علشان الحتة دى جاية فى الامتحان.
الرئيس عايز الجيل ده من الأحياء يحققوا حاجة تعيد لهم زهوة الروح الوطنية بإنجازات كبيرة على الأرض تكون بأيد مصرية، علشان يتنقل لنا روح التحدى والإحساس بالفخر الوطنى اللى ما بنحسش بيه وإحنا بنغنى «الأهلى فى كل حتة عمال يجيب إجوان». الهدف أن يرى المصريون فى أنفسهم خيراً ما رأته من قبل. الرئاسة نفسها يدخل المصريون فى ملحمة كبرى تجعلهم يعملون بأمل ويتحملون أى ألم طالما أنهم وأبناءهم يشاركون فى صناعة مستقبلهم بأيديهم.
مثلاً، الأنفاق الستة الكبرى التى سيتم حفرها تحت قناة السويس ستكون بخبرة وعمالة مصرية. عايز نعملها بسرعة هات الأجانب يعملوها ونجيب قرض والناس هتسقف. لكن معلوماتى تقول إن الرئيس رفض هذا المدخل، وفى المقابل يستدعى بنفسه أحد كبار المهندسين المصريين فى الخارج ويأتى معه مسئول شركة كبرى عالمية فى مجال صناعة ماكينات الحفر ليتم الاتفاق على ماكينات الحفر وتدريب 200 مهندس مصرى على هذه الماكينات حتى لا يتم فقط عمل ستة أنفاق تربط سيناء بالوادى، ولكن حتى تكون هناك خبرة مصرية متراكمة فى هذا المجال يستفاد بها فى مشروعات أخرى داخل مصر وخارجها.
المليون فدان اللى مطلوب استصلاحها فى سنة، التخطيط أن تكون أراضى ملحق بها مصانع ومناطق جذب سكانى كبير. هذا مجهود أكبر ولكنه «الصحيح حتى وإن لم يكن مريح».
ثانياً رسالة «القادم أحسن» والعنوان الكبير هنا هو اختيار مجالات للتنمية بذاتها يكون تأثيرها كبيراً وطويل المدى.
هناك مشروعات كبرى ستحقق نقلة كبيرة على الأرض المصرية، وعلى رأسها الطرق والكبارى الكثيرة المقبلة. الطرق ليست أسفلت أسود تتحرك عليه العربيات، وإنما هى مدخل لتنمية مساحات مهجورة من أرض البلد، نعلمها ولا نعرف كيف نصل إليها. إضافة 3400 كيلومتر طرقاً لتربط مصر شمالها بجنوبها وشرقها بغربها لا شك أنها نقلة نوعية ضخمة. ونوعية الطرق التى يتحدث عنها هؤلاء مثل القاهرة - السخنة، وليس مثل الطريق الدائرى «المعفن» اللى بيصلحوا فيه من أيام «عبدالفتاح» جدى ما كان فى الإعدادية. وهناك مشروع قانون الخدمة المدنية ومعه بعض أنشطة الحكومة الإلكترونية وقانون الاستثمار الموحد والمؤتمر الاقتصادى الذى يتم الإعداد لمشاريع له من الآن. كنت أتمنى أن يعلن الرئيس عن مجلس أعلى للاستثمار برئاسته، وأن يترأس بشخصه المجلس الأعلى للسياحة، لأنهما مجالان يأتيان بأموال كثيرة من الخارج لو أحسنا التنسيق فيما بينهما.
وبمناسبة السياحة، لو الرئيس جاءت له فرصة يزور الأهرام، أيوه أهرام الجيزة اللى عندنا دى، بشكل مفاجئ، هيشوف فضايح.. وعهد الله فضايح. أبوالهول مش عارف يقوم ينتحر من اللى بيشوفه. أو عندى فكرة أحسن، حضرتك ما تروحش، حضرتك فقط أعلن إنك عايز تروح، وهم هيظبطوا كل حاجة (لا مؤاخذة على صراحتى).
ثالثاً، رسالة «إعادة ترتيب أوراق الدولة»: أظن أن الرجل لديه معارك كثيرة مؤجلة ولا يريد الخوض فيها الآن لأنها ستستنزف طاقته ومجهوده وستعطله عن الرسالتين السابقتين. هو يعلم أن هناك خللاً تقريباً فى كل مؤسسات الدولة الرسمية بدرجات متفاوتة ومؤسسات الوساطة السياسية (أحزاب، مجتمع مدنى، إعلام). ولكن بعض القائمين على هذه المؤسسات سيقاومون مقاومة عنيفة أى محاولة جادة للإصلاح ولتفكيك شبكة المصالح الفاسدة التى تربطها بآخرين.
رابعاً، رسالة الصراعات السياسية والحزبية ومين عايز إيه من التورتة ليست فى حسابات الرجل وكأنه يقول: «سيبونى أبنى البلد وانتم خليكم فى صراعاتكم وخلافاتكم وحساباتكم.. بس لو صراعاتكم وخلافاتكم وحساباتكم هتعطلنى عن بناء البلد بالرؤية السابقة، هيحصل كلام مش كويس». فيه حاجتين أخيرتين عايز أقولهم للرئيس.
انتم عندكم شئون معنوية ليه فى الجيش يا سيادة الرئيس؟ علشان خلق عقيدة قتالية توحد الصفوف وترفع الهمة وتلهب الحماس وتحقق الهدف وهو النصر.
لو بتوع الشئون المعنوية بتوعك سذج وبلهاء، وهم ليسوا كذلك طبعاً، لكن لو حصل، هل هينتصر الجيش؟
طيب انت ليه سايب بعض الناس اللى بتدافع عنك فى أجهزة الإعلام يديرون معاركهم الشخصية باسمك؟ ليه معاك 10 بس اللى بيزقوا الأوتوبيس، ما فيه حاجة اسمها «التسويق السياسى والتواصل الإعلامى» يخلى اللى بيزقوا معاك 100 بدل عشرة.
لو أنا غلطان، ارمى كلامى فى البحر.
أخيراً، كل المشروعات الكبرى دى هتوفر 3 ملايين فرصة عمل فى الأربع سنين على أقصى تقدير، وده رقم مهول بمعايير حتى الدول المتقدمة. لكن احنا فى أربع سنين هنزيد 10 ملايين. أرجو إن حضرتك وفريق عملك يفكروا فى مدى إلحاح تبنى برنامج قومى جاد بل قاس لمواجهة «سرطان الإنجاب بلا حساب».
إذن إجابة السؤال اللى فى عنوان المقال: يقيناً هناك رؤية ولكن يقيناً هى بحاجة لتسويق سياسى أفضل حتى وإن كان الرئيس وفريق عمله لا يحبونه لأنهم ربما لم يعتادوا عليه.
يا شعب يا جميل.. . يا من تقرأون هذا الكلام، هذا اجتهادى الذى قد يكون فيه بعض الصواب والكثير من الخطأ. أنا لا أتحدث باسم أى جهة رسمية فى الدولة. أخوكم «موع موع» بيحاول يفهم، ويوم ما بيلاقى حاجة تستحق الإشادة بيشيد بيها، ويوم ما بيلاقى حاجة تطلع عينه، أهى بتطلع.
دمتم بخير ودام الوطن أكبر وأعز.