معتز بالله عبد الفتاح
فيه واحد اسمه أبراهام ماسلو رسم هرماً رتّب فيه حاجات الإنسان، وأخذ عنه أناس كثيرون هذه الفكرة وربطوها بمتى يتحقق السلم الاجتماعى ومتى تواجه المجتمعات أزمات تهدد بقاءها واستمرارها. يقول «ماسلو»، وفقاً لموقع ويكيبيديا العربى، إن الإنسان يشعر باحتياج لأشياء معينة، وهذا الاحتياج يؤثر على سلوكه، فالحاجات غير المشبعة تسبب توتراً لدى الفرد، فيسعى للبحث عن إشباع هذه الاحتياجات. ثم إن هذه الاحتياجات ليست متماثلة، وإنما متفاوتة من أشخاص لآخرين. وتتدرج الاحتياجات فى هرم له قاعدة فيها الاحتياجات الأساسية اللازمة لبقاء الفرد ثم تتدرج فى سلم يعكس مدى أهمية الاحتياجات. والاحتياجات غير المشبعة لمدد طويلة قد تؤدى إلى إحباط وتوتر حاد قد يسبب آلاماً نفسية وربما تمتد إلى تطرف فكرى وعنف اجتماعى وسياسى.
هرم «ماسلو» يتكون من خمسة أدوار.
الدور الأول، أو قاعدة الهرم، هو الاحتياجات الفسيولوجية والتى يتشارك فيها الإنسان مع غيره من الكائنات الحية الأخرى مثل الحيوانات والطيور والنباتات، مثل حاجته للتنفس، والطعام، والماء، والجنس، والنوم، وغيرها. والفرد حين يتحرك بغريزته فهو يميل لتعويض أى نقص فى هذه الاحتياجات إذا ما حُرم منها لفترة طويلة، فنجد مثلاً أن الفقير عندما يصبح غنياً، تتجه معظم نفقاته إلى البذخ فى إشباع احتياجاته وما يفوقها.
الدرجة الثانية فى أولويات المواطن وفقاً لـ«ماسلو» تشمل الحاجة إلى الأمان بما يتضمنه من السلامة الجسدية من العنف والاعتداء، تأمين المهنة، تأمين الإيرادات والموارد، الأمن المعنوى والنفسى، الأمن الأسرى، والأمن الصحى، وأمن الممتلكات الشخصية ضد الجريمة.
دول منطقتنا تعتقد أن هذه هى مسئوليتها الأولى، وأن الإنسان المصرى هو حيوان له احتياجات مادية وأمنية فى المقام الأول. ومع كثرة الخَلق وندرة الخُلُق، أصبح هو الاعتقاد السائد عند أغلب المصريين وفقاً لنظرية «إحنا عايزين نعيش وبس». وانتقل تباعاً إلى النخبة الحاكمة والتى جعلت همّها المعلن، دون أن تنجح فى تحقيقه بالضرورة، هو توفير هذين النوعين من الاحتياجات.
يفاجئنا «ماسلو» بأن هناك ثلاثة مستويات أخرى من احتياجات البشر.
المستوى الثالث هو الاحتياجات الاجتماعية، فبعد أن يحقق الإنسان حداً أدنى من احتياجاته الحيوانية والأمان المادى، تحكمه الرغبة فى الانتماء الاجتماعى بأن تكون له علاقات عاطفية، وعلاقات أسرية، ولديه رغبة فى اكتساب الأصدقاء. وهو ما يجعل البشر يسعون للانتماء إلى كيانات اجتماعية كبيرة مثل النوادى والجماعات الدينية، والمنظمات المهنية، والفرق الرياضية، أو الصلات الاجتماعية الصغيرة كالأسرة، والزملاء المقربين، والحاجة إلى الحب (الجنسى وغير الجنسى) من الآخرين، وفى غياب هذه العناصر الكثير من الناس يصبحون عرضة للقلق والعزلة الاجتماعية والاكتئاب.
المستوى الرابع من الاحتياجات هو الرغبة المعنوية فى الشعور بالتقدير من قبل مجتمع المحيطين بالإنسان وهو ما يؤدى إلى شعور الإنسان بالثقة والقوة. وهو ما يؤدى إلى المستوى الخامس من الاحتياجات الخاص بالحاجة لتحقيق الذات من خلال تعظيم استخدام قدراته ومهاراته الحالية والمحتملة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجازات. معضلة من يحكم أنه لا يرى تركيبة هذه الاحتياجات مثلما تراها كل شرائح المجتمع. من حقق حداً يرضيه من المستويين الأولين من إشباع الاحتياجات تكون أولوياته مختلفة عمن حققها جميعاً. ومن حقق معظم احتياجاته فى ظل نظام سياسى واقتصادى معين لا يريد أن يغيره، ومن لم يشبع معظم احتياجاته فى ظل نظام اقتصادى وسياسى معين، يفترض أن هذا النظام هو العقبة فى طريق احتياجاته. التواصل السياسى بين من هم فى السلطة ومن فى قاعها سيقرب وجهات النظر وسيجعل الأولويات أكثر تقارباً. وهذا جزء من مسئوليات من هم فى السلطة.