بقلم - أسامة الرنتيسي
في فن السياسة يجب أن تبقى دائما ذكيا، وألا يسجل عليك خصمك أخطاء مجانية.
في بداية شهر شباط (فبراير) خرجت علينا الحكومة الأردنية بقرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع كوريا الشمالية. وتم إنهاء اعتماد السفير الأردني لدى كوريا الشمالية والمقيم فعليا في بكين، وسفير كوريا الشمالية المعتمد لدى المملكة والمقيم في العاصمة السورية دمشق.
القرار حظي بجو من الدعابة والسخرية، حتى صدرت فيديوهات ساخرة تطلب من الرئيس الكوري كيم جونغ أون الذي وصفه الرئيس الأمريكي بالمجنون “ألا يأخذ قرار الحكومة الأردنية على محمل الجد، ويبعد عنا صواريخه النووية”.
العلاقات الأردنية الكورية بالأساس ليست قوية، فما الذي ضغط علينا حتى نقطع هذه العلاقات.
سياسيون حللوا يومها أن القرار “جاء بما يتماشى مع سياسة حلفاء الأردن في هذا الشأن”. حيث دعت الولايات المتحدة بعد تجارب صاروخية قامت بها بيونغ يانغ قبل أكثر من شهرين الدول كلها إلى قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع كوريا الشمالية.
العبقرية الحكومية الأردنية تفتقت فورا وكنا أول القاطعين، ولا أدري إن كنا أيضا الوحيدين.
الجمعة؛ عقدت قمة تأريخية بين الكوريتين رحب بها المجتمع الدولي فورا من الأمين العام للأمم المتحدة الى الاتحاد الأوروبي، وما بينهما، والمهم أن الرئيس الأميركي ترامب كان أول المرحبين، وقال “الحرب الكورية تنتهي! ويجب أن تفخر الولايات المتحدة وشعبها العظيم بما يحصل الآن في كوريا”.
بعد الغزل الأمريكي وكلمات ترامب الواضحة، وبالعامية “وين بدنا نروح من العم المجنون كيم جونغ، بعد ما سودنا وجهنا بقطع العلاقات”؟!!
ما علينا……
للكذب دور كبير في حياة صانعي السياسة في الدول الديمقراطية خاصة، وغير الديمقراطية عامة، حيث أثبتت الأبحاث أن الناخبين يتوقّعون من السياسيين أن يكذبوا عليهم، بل ويطلبون منهم ذلك في بعض الأحيان، هذا وإن برّر السياسيون الكذب في حملاتهم الانتخابية لكسب أصوات الناخبين، إلا أنهم يمارسون شكلاً من ألعاب الورق التي تتطلب من اللاعب بذل المستطاع لعدم الكشف عما بحوزته من أوراق.
يقولون إن السياسي الجيد هو الذي يكذب، ويصر على الكذب حتى يصدقه الناس. ويتعلم السياسيون في علم السياسة بعض المبادئ؛ ومنها “ليس من الخطأ أن تكذب، إنما الخطأ أن يكتشف الناس أنك تكذب”.
المواطن تعوّد أن يكون هدفاً لشعارات ووعود كاذبة تدغدغ طموحاته وتواسي آلامه، برغم أنه يعرف من خلال التجربة أن أكثر هذه الوعود لا تتحقق، لذا فإن الزعيم أو السياسي لا يجد غضاضة في إطلاق الوعود الطموحة، برغم علمه المسبق بعجزه عن تحقيقها، كما أن الشعوب تكذب على قادتها بشعارات “بالروح بالدم نفديك يا زعيم”، وعندما يقع الزعيم في مشكلة لا نجد من يساعده في الخروج منها.
الدايم الله….
نقلا عن جريدة الاول
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع