د.أسامة الغزالى حرب
اليوم، الأحد 29 يونيو 2014 هو الموافق لليوم الأول من رمضان لسنة 1435هجرية. كل عام وأنتم بخير. وبهذه المناسبة، دعيت لتسجيل عدة لقاءات إعلامية تدور حول الشهر الكريم،
دفعتنى لأن اتأمل واسترجع خواطر و ذكريات عزيزة عن رمضان. رمضان هو شهر الصوم و العبادات ، نعم، تلك هى حقيقته وفضيلته الأساسية، ولكن رمضان ينطوى فى الواقع أيضا على “حياة كاملة” يعيشها المسلمون ، بل ويعيش معهم فيها مواطنوهم من غير المسلمين، و تلك الحياة – بداهة- تتطور.
وليس المجتمع المصرى استثناء منذا كله بالطبع. أتأمل -وأنا فى ستينيات العمر اليوم-أشياء بسيطة ولكن لها دلالتها! ارتبطت حياة رمضان فى طفولتنا ب”المسحراتى”! أين هو الآن وقد أخذ الناس يسهرون، فى بيوتهم أو خارجها إلى وقت السحور و مابعده! ونسينا أننا كنا نصحو من النوم أطفالا لنتسحر. ارتبطت حياة رمضان فى طفولتنا بفانوس رمضان الصغير “الصفيح” ذى الشمعة ، ولكنه اندثر الآن أمام الفوانيس الصينية ذات الإضاء الكهربية والتى تغنى “وحوى ياوحوى” بل وتؤذن! ارتبطت حياة رمضان لعقود طويلة سابقة ببرامج إذاعية مميزة وبسيطة وخفيفة ، لتحل محلها اليوم مسلسلات تليفزيونية متعددة وثقيلة الوزن و متنافسة.
كنا فى أيام الطفولة والصبا نستمع فى “البرنامج العام” لبرامج رمضان التى تبدأ بالحديث الدينى لأحد علماء الأزهر الأجلاء(ولا أنس هنا الشيخ الجليل محمود شلتوت بصوته المميز) قبل أن تبدأ تلاوة القرآن بصوت أحد عمالقة القراء: محمد رفعت، الحصرى، عبد الباسط عبد الصمد، مصطفى إسماعيل ، الشعشاعى، طه الفشنى، صديق المنشاوى، محمد الصيفى، منصور الشامى الدمنهورى، أبو العينين شعيشع...ألخ) ليتلوها مدفع الإفطار و آذان المغرب! وبعدها أدعية و تواشيح (أتذكر أشهرها للشيخ النقشبندى) قبل أن تتوالى برامج رمضان الخفيفة التى طبعتها الإذاعية الرائعة القديرة آمال فهمى ، عقودا طويلة، ب”فوازيرها” البسيطة الجميلة. ثم كانت الرحلة إلى حى”الحسين” ومقاهيه العديدة مع أصدقاء الصبا والشباب أحدى لوازم رمضان! هذا كله تغير، وتغير طعمه و مذاقه، ليصبح أقل بساطة وأكثر تكلفا واصطناعا، ولم يعد سهلا فى تلك الضوضاء أن تسمع مدفع الإفطار ولا مدفع “الرفع”!